مقدمة
تعتبر الدهشة من الأساليب اللغوية الغنية في اللغة العربية، وهي تعكس استعظام المتحدث لصفة ما أو لحدث معين. وتنقسم الدهشة في اللغة العربية إلى نوعين رئيسيين: الدهشة السماعية والدهشة القياسية، ولكل منهما خصائصه المميزة.
تركيب الدهشة المنهجية
الدهشة القياسية تعتمد على صيغ محددة ووزن ثابت للتعبير عن الدهشة. وتأتي هذه الدهشة بصيغتين رئيسيتين:
- صيغة “ما أفعله!”: وتعبر عن التعجب من الفعل بصورة مباشرة. مثال: ما أجمل السماء! ما أروع البحر!
- صيغة “أفْعِل به!”: وتستخدم للتعبير عن الدهشة بطريقة أكثر توكيدًا. مثال: أكْرِم بعليٍ! أحسن بمحمدٍ!
ولكن، يجب أن يستوفي الفعل الذي تُبنى منه هاتان الصيغتان شروطًا معينة، وهي:
- أن يكون الفعل ثلاثيًا: مثل: حسُن. فلا يمكن صياغة الدهشة القياسية من فعل مثل: استغفر.
- أن يكون الفعل تامًا: فلا يصاغ من الأفعال الناقصة مثل: كان وأخواتها.
- أن يكون الفعل قابلاً للتفاوت: أي أن الصفة التي يعبر عنها الفعل يمكن أن تزيد أو تنقص. فلا يصاغ من أفعال مثل: مات، فني.
- أن يكون الفعل متصرفًا: أي أن يكون له ماض ومضارع وأمر. فلا يصاغ من الأفعال الجامدة مثل: نِعم، بئس.
- أن يكون الفعل مبنيًا للمعلوم: فلا يصاغ من الأفعال المبنية للمجهول.
- أن يكون الفعل مثبتًا: فلا يصاغ من الأفعال المنفية.
- ألا يكون الوصف من الفعل على وزن “أفعل” الذي مؤنثه “فعلاء”: مثل: أحمر، حمراء.
تركيب الدهشة السماعية
الدهشة السماعية تختلف عن الدهشة القياسية، فهي لا تتبع قاعدة أو وزن ثابت. بل يتم فهمها من سياق الجملة، وغالبًا ما تكون مجازية وغير مباشرة. هناك كلمات وعبارات تدل على وجود دهشة سماعية في الجملة، مثل:
- كلمات مثل: سبحان الله، لله دره، لا إله إلا الله: وهي عبارات تدل على التعظيم والدهشة. مثال: سبحان الله، كيف فعل هذا!
- التعجب بأداة الاستفهام: حيث تستخدم أداة الاستفهام للتعبير عن الدهشة والاستغراب. مثال: قال تعالى: “كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم” (سورة البقرة، الآية 28).
- التعجب بأداة النداء: ويُعرف بأسلوب النداء التعجبي، حيث تستخدم أداة النداء “يا” للتعبير عن الدهشة. مثال: يا لقوة هذا الرجل!
- التعجب بواسطة فعل أو مصدر الفعل: حيث يستخدم الفعل أو مصدره للتعبير عن الدهشة. مثال: جَمُل المنظر! أو جَمال المنظر!
تحليل إعرابي للدهشة المنهجية والسماعية
للدهشة القياسية إعراب ثابت نسبيًا:
- صيغة “ما أفعله!”: تعرب “ما” التعجبية: اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. و”أفعل”: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره هو. والاسم الذي يلي فعل التعجب يعرب مفعولًا به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- صيغة “أفْعِل به!”: “أفْعِل”: فعل ماضٍ جامد جاء على صيغة الأمر للتعجب مبني على الفتح المقدر على آخره منع من ظهوره السكون العارض لمناسبة صيغة الأمر. والباء: حرف جر زائد. والاسم بعدها: مجرور لفظًا مرفوع محلًا على أنه فاعل.
أما الدهشة السماعية، فتعرب حسب موقع الكلمة في الجملة.
أمثلة توضيحية للدهشة السماعية والمنهجية مع التحليل الإعرابي
- قال تعالى: “سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولا” (سورة الإسراء، الآية 93).
- سبحان: نائب عن المفعول المطلق لفعل محذوف وهو مضاف.
- ربي: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على ما قبل الياء.
- قال تعالى: “أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخًا” (سورة هود، الآية 72).
- الهمزة: حرف استفهام.
- ألد: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
- أنا: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ.
- عجوز: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
- قال تعالى: “فما أصبرهم على النار” (سورة البقرة ، الآية:175).
- ما: تعجبية اسم مبني في محل رفع مبتدأ.
- أصبرهم: فعل ماضٍ جامد لإنشاء التعجب مبني على الفتح الظاهر والفاعل ضمير مستتر وجوبًا.
- الهاء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
- قال تعالى: “أسمِع بهم وأبْصر يوم يأتوننا” (سورة مريم، الآية:38).
- أسمع: فعل ماضٍ جامد لإنشاء التعجب جاء على صيغة الأمر مبني على الفتح المُقدّر على آخره حُرّك بالسكون لمُناسبة صيغة الأمر.
- الباء: حرف جر زائد.
- هم: ضمير مُتصل مبني في محل جر لفظًا رفع محلًا على أنّه فاعل.
- أبصر: معطوف على أسمع ونفس إعرابه.
المراجع
- الألوكة، “بحث حوْل صِيغتي التعجُّب”.
- أبتمحمد أبو صعيليك، التعجب، صفحة 1-2.
- جعفر الدندل (29/12/2020)،”أسلوب التعجب في اللغة العربية”،سطور.
