طفولة ونشأة تميم البرغوثي
يعتبر تميم البرغوثي قامة شعرية فلسطينية مرموقة، بالإضافة لكونه كاتبًا ومحللًا سياسيًا متميزًا. أبصر النور في الثالث عشر من يونيو عام 1977 في القاهرة، ونشأ في كنف أسرة لها باع طويل في الأدب. والده هو الشاعر المعروف مريد البرغوثي، الذي عمل في إذاعة صوت فلسطين التابعة للمقاومة الفلسطينية، أما والدته فهي الروائية القديرة رضوى عاشور. لم يكن لتميم إخوة.
لم يحظ تميم بفرصة التواجد المستمر مع والده في طفولته، وذلك بسبب إبعاده من مصر عقب معاهدة السلام مع إسرائيل، حيث قضى سنوات طويلة في المنفى، وكان يراه بين الفينة والأخرى في مدينة بودابست. تركت الأحداث السياسية بصماتها الواضحة على شخصية تميم منذ نعومة أظفاره.
المسيرة الدراسية لتميم البرغوثي
أتقن تميم البرغوثي العديد من اللغات، بما في ذلك الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، والمجرية، نتيجة لتنقلاته بين مصر والمجر في فترة الطفولة. أتم تعليمه الابتدائي والثانوي بنجاح، ثم حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1999 من جامعة القاهرة، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية عام 2001.
بعد ذلك، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة دراساته العليا، حيث نال درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن في عام 2004. عمل أستاذًا للدراسات السياسية في جامعة جورج تاون، الواقعة في واشنطن العاصمة.
الخطوات الأولى لتميم البرغوثي في عالم الشعر والأدب
بدأ تميم البرغوثي رحلته مع الشعر في سن السادسة، عندما كتب أول نص شعري له أطلق عليه اسم (القصيدة). ثم كتب نصًا شعريًا آخر ضمن كتاب في سن الثامنة. كان يعشق العزف على العود، وحصل على جائزة موسيقية عام 1996 من جامعة القاهرة.
في عام 1998، أقام أول أمسية شعرية له في فلسطين. تعتبر (ميجنا) أول مجموعة شعرية له صدرت سنة 1999 في فلسطين، وكتبت باللهجة الفلسطينية. ثم أصدر المجموعة الشعرية الثانية في القاهرة سنة 2000 تحت اسم (المنظر). يقدم برنامجًا تلفزيونيًا يتناول فيه مجموعة قصص عن الحب، الحرب، والمجتمع، بأسلوب سردي شعري.
انخرط تميم البرغوثي في أعماله الأدبية بقضايا الأمة العربية، معبرًا عن هموم وقضايا شعبه الوطنية، ومتحدثًا عن القضية الفلسطينية، ومكرسًا جهوده للدفاع عنها من خلال أشعاره مثل قصيدة (القدس)، وقصيدة (مقام عراق). يعشق الفصحى في كتاباته، ويولي الحالة الشعورية أهمية كبرى.
نوع البرغوثي في أسلوبه الشعري بين الرثاء، والقص، والوصف، وجمع بين عدة أنواع للتشكيل، والعروض، كما جمع بين اللهجة المصرية والفلسطينية في نصوصه الشعرية. يتمتع بأسلوب مميز في إلقاء الشعر يجذب انتباه المستمعين إليه، حيث ألقى شعره في العديد من المسارح، والجامعات، ودور النشر.
التقدير الأدبي: جوائز تميم البرغوثي
نال تميم البرغوثي عدة جوائز في مسيرته الأدبية، منها:
- جائزة الشعر من جامعة القاهرة في مصر عام 1998.
- الميدالية الشعرية من المعهد العالي للفنون التطبيقية في مصر عام 1998.
- جائزة الشعر للمؤسسة الثقافية الإقليمية في المغرب عام 2000.
أعمال تميم البرغوثي
أثرى تميم البرغوثي المكتبة العربية بعدد من الكتب، والدواوين الشعرية، والقصائد، منها:
الكتب
- الوطنية الأليفة: يحلل فيه التبعية المسيطرة على الدول العربية، وسيطرة الاستعمار على الدول، وتسييره لها بما يوافق مصلحته مقابل تحقيق الاستقلال، وألّفه عام 2007 في القاهرة.
- الأمة والدولة: يتحدث فيه عن الدولة الوطنية والشرق الأوسط العربي، وألّفه عام 2008 في مدينة لندن.
- حرب فسلام فحرب أهلية: كتاب سياسي يتناول القضية الفلسطينية، وألّفه عام 2013 في الولايات المتحدة الأمريكية.
- دولة ما بعد الاستعمار: كتاب سياسي يتحدث عن الإسلام والسياسة، صدر عام 2014 في بريطانيا.
- القدور المشققة: يتناول فشل الدول في العالم العربي، وصدر عام 2015 في لندن.
الدواوين الشعرية والقصائد
- المنظر: ديوان شعري باللهجة العامية المصرية، صدر سنة 2002، ويضم قصائد مثل: هدية، والنملة، وأوضة، وفي العالم العربية تعيش.
- في القدس: مجموعة شعرية تضم قصائد مثل: في القدس، والجليل، وأنا لي سماء كالسماء، والقهوة، وتقول الحمامة للعنكبوت. بعد إصدارها، اشتهر تميم البرغوثي في فلسطين وعلقت صوره في شوارع مدنها.
- يا مصر هانت وبانت: مجموعة من الأشعار باللهجة العامية كتبها تميم البرغوثي في الفترة ما بين عامي 2005 و2011، وكتب قصيدة يا مصر هانت وبانت في أول يوم من الثورة المصرية، ونشرت عبر الصحف المحلية، ووزعت في ميدان التحرير، كما نشرت بصوته عبر قناة الجزيرة القطرية، ومن قصائد الديوان أيضًا: يا شعب مصر، والغربة، والخط، والمفتاح والباب، وعايز أستقيل، وغيرها.
- قالوا لي بتحب مصر قلت مش عارف: ديوان شعر باللغة العامية المصرية، كتبه بعد مغادرته مصر، ويقول في مطلعه:
قالوا لى بتحب مصر قلت مش عارف
المعنى كعبة وأنا بوفد الحروف طايف - مقام عراق: ديوان شعري جاء كرد فعل على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كتب بعدة أساليب مثل: الأغنية، والسرد، والنثر، ووصف بأنه تحفة عربية كلاسيكية، ويقول في مطلع قصيدة (مقام عراق):
كفّوا لسانَ المراثي إنها تَرَفُعن سائرِ الموتِ هذا الموتُ يختلفُ
اقتباسات شعرية لتميم البرغوثي
بعض الاقتباسات من قصائد تميم البرغوثي:
قل للصبية تُحييني وتُرديني
لم يبق مني سوى ما ليس يبقيني
يا ظبيةً في قديم الشعر ما برحت
تُبكي الكريم بمنهلٍ ومكنون
رأيتُها وأنا في الحق لم أره
لكنه طربٌ للشعر يعروني
تُحيل كل فتىً مرَّت بخاطره
وكل بنتٍ إلى ليلى ومجنون
تُميل من قدها ما قد تُميل به
أئمةَ الناسِ من دينٍ إلى دين
ولو رأى وجهها القديسُ قال لنالا بأس بالذنبِ بين الحين والحين
ويدخل النارَ فيها أمةٌ طمعوا
من حسنها في جنان الحور والعين
ما ليْ أَحِنُّ لِمَنْ لَمْ أَلْقَهُمْ أَبَدَا
وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ والجَسَدَا
إني لأعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم
والماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم
وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
كَأَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَى صِلَةً
وَالحُرُّ حَتِّى إذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا
وَقَدْ رَضِيتُ بِهِمْ لَوْ يَسْفِكُونَ دَمِي
لكن أَعُوذُ بِهِمْ أَنْ يَسْفِكُوهُ سُدَى
يَفْنَى الفَتَى في حَبِيبٍ لَو دَنَا وَنَأَى
فَكَيْفَ إنْ كَانَ يَنْأَى قَبْلَ أن يَفِدَا
الدكتور تميم البرغوثي هو أديب وشاعر فلسطيني يعبر عن القضايا الوطنية والسياسية، نشأ في بيئة أدبية، وبدأ مسيرته الشعرية بشكل مميز، وله مؤلفات شعرية ونثرية عديدة تتميز بأسلوبه الخاص.
