فهرس المحتويات
شهدت الأرض على مر العصور فترات جليدية متعددة، كان أشدها قسوة منذ حوالي 650 ألف سنة. خلال هذه الفترة، انخفض مستوى سطح البحر بما يقارب 122 مترًا، وتراجعت درجات الحرارة العالمية بمعدل 5 درجات مئوية تقريبًا. في ما يلي، نستعرض أبرز الظروف التي واجهها الإنسان خلال تلك الحقبة الزمنية.
الحياة في المراحل المبكرة (نياندرتال)
في الفترة التي سبقت حوالي 40 إلى 44 ألف سنة، ومع بداية حقبة التجمد القارس، اختفى إنسان نياندرتال، أو الإنسان البدائي، باستثناء سلالة واحدة. وحدث هذا على الرغم من قدرة هذا الإنسان على التكيف البيولوجي والسلوكي مع البرد، كما يؤكد عالم الأنثروبولوجيا جون شيا.
على الرغم من أن إنسان نياندرتال ابتكر حلولًا لمشاكله، واستحدث أدوات متخصصة، إلا أن البرد القارس تفاقم لدرجة أصبح من المستحيل معها العثور على الطعام، مما أدى إلى التجمد حتى الموت. وأشار شيا، بالإضافة إلى علماء آخرين، إلى أن ضعف التعداد السكاني كان سببًا في نقص الإمدادات الغذائية، وبالتالي عدم القدرة على مواجهة التهديدات المناخية والتغلب عليها.
الحياة في المراحل اللاحقة
منذ حوالي 70 إلى 60 ألف سنة، أي في منتصف العصر الجليدي، بدأ الإنسان في الانتشار في جميع أنحاء العالم لأسباب متنوعة. وصل إلى الغابات الخصبة والصحاري القاحلة، وحتى المناطق الجليدية في أوروبا، وهي المناطق التي تجنبها إنسان نياندرتال رغم قدرته على التكيف مع البرد.
على الرغم من وجود الإنسان في هذه المرحلة منذ 200 ألف عام، إلا أنه تمكن من التكيف مع مختلف التغيرات المناخية القاسية، ونجا من عصرين جليديين، بما في ذلك العصر الجليدي الذي امتد من 24 إلى 21 ألف سنة مضت. خلال هذه الفترة، غطت الثلوج مناطق واسعة من أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، كما اكتست جبال كليمنجارو في إفريقيا وجبال الأنديز في أمريكا الجنوبية بالأنهار الجليدية. ويعود ذلك إلى ابتكار العديد من الأدوات والعوامل التي ساعدته على التكيف مع العصر الجليدي.
اللغة، الفنون ورواية الحكايات
لم يكن الإنسان مجرد صياد، بل كان فنانًا أيضًا؛ فقد رسم العديد من الرسومات في الكهوف الشاسعة والمناطق المخفية، وصنع التماثيل والسلاسل بإتقان، وأقام الطقوس للمناسبات المختلفة، كما ابتكر أنواعًا من الشفرات لاستخدامها في الأسلحة.
يقول الأستاذ الفخري لعلم الإنسان بجامعة كاليفورنيا، بريان فاجان، أن الإنسان الذي عاش في العصر الجليدي الأخير امتلك مزايا عديدة تدل على امتلاكه عقلًا كبيرًا، أبرزها القدرة على التحدث بطلاقة، والقدرة على التخيل والتخطيط للمستقبل. وباستخدام اللغة، أصبح قادرًا على مشاركة المعرفة والتقنيات الجديدة بين البشر في المحيط، وبين الأجيال اللاحقة عن طريق رواية القصص والحكايات الرمزية، مما جعله أكثر قدرة على التحكم في عالمه، كما جمع كميات كبيرة من المعلومات المتعلقة بالفصول، وأنماط الطقس، والحيوانات والنباتات الصالحة للأكل.
التقنيات والأدوات المستخدمة
شهد الإنسان في العصر الجليدي الأخير تطورًا كبيرًا في صناعة الأدوات والأسلحة، منها البورين، وهو إزميل صخري بدائي يستخدم لقطع الأخاديد وصنع الشقوق في العظام. كما صنع أسلحة من العظام والقرون وأسلحة متطورة للصيد؛ إلا أن هذه الأسلحة لم تكن فعالة في الهجمات القريبة التي تتطلب من الصياد القفز على ظهر الفريسة كبيرة الحجم.
في فصلي الخريف والربيع من العصر الجليدي، كان الصيادون في شرق فرنسا يشعلون النيران لتجميع الخيول البرية المهاجرة، وعندما تتجمع في الحظيرة، يتم قتلها بشكل آمن ويتم تجفيف لحومها لاستهلاكها خلال موسمي الصيف والشتاء. استمرت هذه العملية لعشرات الآلاف من السنين اللاحقة.
المأوى والملبس
اخترع الإنسان الإبرة منذ ما يقارب 30 ألف عام، واستخدمها لصناعة الملابس الضيقة المصممة خصيصًا لكل فرد؛ كبديل للملابس الفضفاضة التي كانت شائعة قبل ذلك عند الإنسان البدائي. اختار الإنسان جلود حيوانات معينة لصنع ملابس مناسبة للأجواء الباردة الجليدية وتمنح الدفء؛ فحصل على جلود الثعالب القطبية الشمالية، والأرانب البرية، والرنة وبعض الطيور، وصنع الملابس الداخلية التي تمتص الرطوبة، والسراويل والسترات المقاومة للماء، وكانت الخيوط مصنوعة من الكتان البري وغيره من ألياف النباتات.
الملاجئ الطبيعية
كان المأوى يشكل مصدر قلق للإنسان في العصر الجليدي، وكان يسير عبر المناطق المفتوحة بحذر خوفًا من العواصف، ويستقر في الكهوف. إلا أن مراجع أخرى تشير إلى أن الإنسان لم يسكن الكهوف بالضرورة، بل صنع منازل صخرية طبيعية وعدل عليها لتتلائم مع الظروف الجوية الباردة.
بنى الإنسان هياكل داخل تلك المنازل أشبه بالخيام، مصنوعة من أعمدة خشبية أو من عظام الحيوانات ومغطاة بجلود مخيطة، والتي تحيط جميعها بموقد مشتعل ينشر الحرارة والضوء. وخلال فترة الصيف القصيرة، كان الصيادون يتجهون إلى السهول المفتوحة الممتدة من ساحل المحيط الأطلسي في أوروبا وحتى سيبيريا، وخلال الأجواء الباردة في الليل يتخذون الأكواخ المصنوعة على شكل قبة محفورة بعض الشيء في الأرض كمأوى.
المراجع
- “General Overview of the Ice Ages”,University of California, San Diego, Retrieved 3/2/2022. Edited.
- “How Humans Survived the Ice Age”,discovermagazine, Retrieved 3/2/2022. Edited.
- “Give a version of the denialism question or statement”،The University of Maryland، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. Edited.
- “An earlier changing climate: Humans had to adapt in ancient warming world”,phys, Retrieved 3/2/2022. Edited.
- “How Early Humans Survived the Ice Age”,history, Retrieved 3/2/2022. Edited.