تفضيلات الأضحية طبقاً لآراء أغلب العلماء

تفضيلات الأضحية عند غالبية العلماء: أفضل لون للأضحية، والعمر المناسب لها، والمراجع المعتمدة. دليل شامل لاختيار الأضحية المثالية.

مقدمة

في عيد الأضحى المبارك، يتقرب المسلمون إلى الله تعالى بتقديم الأضاحي من الأنعام. وقد أولى العلماء اهتمامًا كبيرًا ببيان أفضل أنواع الأضاحي وشروطها، وذلك لضمان قبولها وتحقيق الغاية منها. يهدف هذا المقال إلى توضيح تفضيلات الأضحية وفقًا لآراء جمهور العلماء، مع التركيز على أنواع الأنعام وألوانها وأعمارها المناسبة.

تفضيل أنواع الأضاحي عند الفقهاء

يستحب للمسلم أن يختار أضحيته من بين الإبل أو البقر أو الغنم. وقد اختلف الفقهاء في تحديد أي هذه الأنواع هو الأفضل، وظهرت ثلاثة آراء رئيسية في هذا الشأن:

رأي الحنفية

يرى الحنفية أن الأفضل في الأضحية هو ما كان أكثر لحمًا وأطيب مذاقًا. وبناءً على ذلك، فإن الشاة تعتبر أفضل من سُبع البقرة إذا كانت الشاة أوفر لحمًا. وإذا تساوت الشاة مع سُبع البقرة في كمية اللحم والقيمة، فإن الشاة الأطيب لحمًا هي الأفضل. والكبش يُفضل على النعجة إذا تساويا في الصفات المرغوبة، وإلا فالنعجة أفضل. كما يرى الحنفية أن الأنثى من المعز أفضل من التيس إذا تساويا في القيمة ولم يكن التيس خصيًا. استدل الحنفية بما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الضعيف: (إِنَّ أحبَّ الضحايا إلى اللهِ أغْلاها وأسْمَنَها).

رأي المالكية

يذهب المالكية إلى أن الأفضل في الأضحية هو الضأن، ثم البقر، ثم الإبل. فالضأن بجميع أنواعه (ذكوره وإناثه، وفحوله وخصيانه) يعتبر أفضل من المعز بجميع أنواعه. والمعز بجميع أنواعه أفضل من الإبل والبقر بجميع أنواعهما. استدل المالكية بقوله تعالى: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)، حيث يرون أن الذبح العظيم كان كبشًا، وقد وصفه الله بالعظيم، ولم يرد هذا الوصف لغيره. كما احتجوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي بالكبش، وقد تكررت تضحيته بالغنم، ولو كانت التضحية بالإبل والبقر أفضل لفعل ذلك. واستدلوا أيضًا بالحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ).

رأي الشافعية والحنابلة

يرى الشافعية والحنابلة أن الأفضل في الأضحية هو الإبل، ثم البقر، وذلك لأن لحم الإبل غالبًا ما يكون أكثر من لحم البقر. ثم يأتي الضأن في المرتبة الثالثة، ثم المعز. ويرجع تفضيل الضأن على المعز إلى طيب لحم الضأن. ويرى الشافعية أن الذكر أفضل من الأنثى لأن لحمه أطيب، بينما يرى الحنابلة أن الخصي أفضل من النعجة لأن لحمه أوفر وأطيب. أما الفحل في المذهبين فهو أفضل من الخصي. استدل الشافعية والحنابلة بقوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا).

اللون الأفضل للأضحية

أشار الإمام النووي إلى أن أفضل الأضاحي لونًا هي البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء (وهي التي لا يصفو بياضها)، ثم البلقاء (وهي التي بعضها أبيض وبعضها أسود)، ثم السوداء. وأشار ابن قدامة إلى أن الأفضل في الأضحية من الغنم ما كان في لونها البياض. والجدير بالذكر أن العلماء لم يكرهوا بقية الألوان في الأضحية، وإنما الأفضل عندهم هو الأبيض. لما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- انْكَفَأَ إلى كَبْشينِ أقْرَنَيْنِ أمْلَحَيْنِ، فَذَبَحَهُما بيَدِهِ)، والأملح هو الذي فيه البياض أكثر من السواد، ومن هذا الحديث استند الشافعية في تفضيل الأبيض في الأضحية.

العمر الشرعي للأضحية

يشترط في الأضحية أن تبلغ السن المحدد شرعًا، وهو: خمس سنوات في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، ونصف سنة في الضأن. فإذا ضحى المسلم بإبل عمرها أربع سنوات فقط، فإن أضحيته غير مقبولة. وإذا ضحى ببقرة عمرها ثلاثة عشر شهرًا، فإن أضحيته غير مقبولة. وإذا ضحى بعنز عمرها ثلاثة شهور، لم تقبل أضحيته. وإذا ضحى بخروف عمره خمسة شهور، لم يقبل منه أضحيته.

المصادر

  • وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2721. بتصرّف.
  • أبتحسام الدين عفانة، كتاب المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 95-103. بتصرّف.
  • رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن رجل، الصفحة أو الرقم:1362، ضعفه الألباني.
  • سورة الصافات، آية:107
  • رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1967، صحيح.
  • سورة الحج، آية:36
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5554، صحيح.
  • محمد بن عثيمين، كتاب اللقاء الشهري، صفحة 9. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

تسلسل الأشهر العربية وأهميتها

المقال التالي

تعليم الأطفال: مقارنة وترتيب الأعداد حتى 9

مقالات مشابهة