مقدمة
نعيش في عصر يشهد تحولات جذرية في مختلف جوانب الحياة. هذه التغيرات المستمرة والمتجددة تحمل في طياتها فرصًا هائلة للتطور والنمو. لذا، من واجبنا تجاه أنفسنا أن نسعى جاهدين لتطوير قدراتنا وتنمية مهاراتنا، لكي نتمكن من تحقيق الأهداف التي طالما حلمنا بها. هذا الطموح لا يتحقق إلا بفهم أعمق لأسرار النفس البشرية التي أودعها الخالق فينا. اسمح لي أن أبوح لك بسر من أسرار التغيير الحقيقي في حياتك ومصيرك.
المفتاح الأساسي للتغيير
السر الذي قد ندركه أو نغفل عنه هو أننا منذ الولادة نكون تحت تأثير البيئة المحيطة بنا، نكتسب صفات وعادات من الأشخاص الذين يحيطون بنا، بغض النظر عن طبيعتها. هذه التفاعلات تشكل سلوكياتنا وأفعالنا ومشاعرنا، كل ذلك يتأثر ببيئتنا وظروفنا. نرى أحيانًا آباء وأمهات يعانون من نقص الثقة بالنفس، وينقلون هذا الشعور السلبي إلى أبنائهم، وهكذا ينتقل هذا النقص عبر الأجيال. الآن أنت تعرف السر: الثقة بالنفس. كلمتان ساحرتان قادرتان على تغيير مسار حياتنا بالكامل. إذا تمكنت من فهم هذا السر واتباع خطواته، ستندهش من التأثير الإيجابي الذي سيحدث في حياتك وحياة من حولك.
توضيح مفهوم الثقة بالنفس
الثقة بالنفس هي مزيج من القول والفعل والاعتقاد القلبي العميق. إنها احترام الذات والشعور بالإيجابية والقدرة على الإنجاز.
تعريف آخر: تحمل المسؤولية برضا ونجاح وتميز في الأداء.
أهمية الثقة بالنفس
الشخص الواثق من نفسه:
- مؤمن بذاته، واعي ومستنير.
- متعاون، مرح، ودود، ومتفائل.
- ناجح علميًا وعمليًا.
- مبدع، منتج، ومبتكر.
- اجتماعي ومنفتح.
وسائل لتعزيز الثقة
قوة التخيل: استخدم خيالك لخلق صور ذهنية لما تطمح إليه في حياتك، مهما بدا مستحيلاً. الخيال أقوى من الإرادة. تخيل نفسك أقوى بكثير مما أنت عليه الآن. من خلال الخيال، اصنع عالمك الجديد، واجعل نيتك هي الثقة الدائمة بالنفس.
وضعية الجسد التبادلية: عندما تجد نفسك تفكر أو تشعر بمشاعر سلبية تجاه نفسك، قم بتغيير وضعية جسدك فورًا. إذا كنت، على سبيل المثال، منحن الرأس، ارفعه. وإذا كنت تضع يديك على ذقنك، ارفعهما وأنزلهما. استمر في تعديل وضعيتك حتى تشعر بالراحة والثقة بالنفس.
معلومات حول الثقة
- 6% من الثقة بالنفس سلوك فطري، وبعد الممارسة تصبح 20%، وبعد التدريب تصبح 100%.
- معظم الأحاديث الداخلية مع النفس سلبية بنسبة 80%، وهذا قد يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية بنسبة 75%.
- منذ ولادة الطفل وحتى سن 18 عامًا، يتلقى حوالي 148 ألف رسالة سلبية من الوالدين والمقربين، مقابل 500 أو 600 رسالة إيجابية فقط. افرغ السلة كل يوم.
- اكتب كل ما يجول في ذهنك.
مثلث الحياة
هذه قاعدة نفسية عميقة تساعد على فهم الحياة وتغيير مسارها. في كل موقف تشعر فيه بالضيق أو الانزعاج، قم بما يلي:
غير في أحد أضلاع المثلث، وسيتغير الضلعان الآخران تلقائيًا. يمكنك تغيير المشاعر، وهي أصعب نقطة ولكنها ليست مستحيلة. أو يمكنك تغيير الفكرة بإدخال فكرة جديدة للتفكير فيها والانشغال بها حتى تهدأ الفكرة المزعجة. أو يمكنك تغيير السلوك عن طريق ممارسة نوع من أنواع الرياضة أو القفز أو الطبخ أو الاستماع إلى الموسيقى أو الاسترخاء. الخيارات كثيرة ولا حصر لها. إذا تمكنت من التمرين يوميًا، ستشعر بالتغيير الحقيقي.
قوانين الكون والثقة بالنفس
ارفع مستوى ثقتك بنفسك من خلال فهم قوانين الكون والتعامل معها بانسجام وتوازن.
قانون الكارما
وهو انعكاس لاسم الله العدل. فكل ما تفعله يعود إليك ومن نفس النوع. فعندما تساعد شخصًا ما، تجد من يساعدك. وعندما تسيء إلى أحدهم، يسيء إليك الآخرون. والأولى أن تكرم نفسك بالثقة لأنها ستمنحك الكثير من الثقة والتميز في الحياة. فعندما تهمل ذاتك وتحتقرها بقلة الثقة، فلن تحصل منها على نجاح أو تميز أو حتى مشاعر جميلة تضمن لك حياة كريمة.
قانون الطلب
ويخيل إليّ أنه انعكاس لاسم الله المجيب. فالإنسان عندما يطلب، فهو يطلب من الله خالق الكون ومالكه، ولو كان يطلب بقلبه فقط. فالطلب هو مجرد قناعتك أو سؤالك لله بحاجة معينة. وحتى تفعل القانون في حياتك بنجاح، عليك بالآتي:
- اطلب بوضوح (أريد أن أنجح في الماجستير بامتياز).
- اسأل وأنت متأكد وموقن.
- لا تكن شغوفًا فيضيع يومك كله في الطلبات.
- آمن بحدوث ما تريد.
لاحظ أن مجرد شكك وعدم تصديقك لما طلبت فإنك لن تحصل على شيء.
انتبه، فهذا القانون يعمل سواء أردت ذلك أم لم ترد. فتعلم كيف تطلب وكيف تستقبل الإجابة.
قال الله تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (البقرة: 186).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين” (رواه الترمذي).