تعريف الحديث المتواتر وأنواعه

شرح مفصل للحديث المتواتر، وأنواعه اللفظي والمعنوي، مع أمثلة وتوضيحات من كتب الحديث المعتمدة.

تبيان مفهوم الحديث المتواتر

الحديث المتواتر هو أساس من أسس قبول الأحاديث النبوية الشريفة، ويحتل مكانة مرموقة بين أنواع الأحاديث الأخرى. يتميز هذا النوع من الأحاديث بصفات معينة تجعله موثوقاً به وقابلاً للاحتجاج به في الأحكام الشرعية.

يعرف الحديث المتواتر بأنه الحديث الذي رواه عدد كبير من الصحابة، بحيث يستحيل عقلاً أن يتفقوا على الكذب، مع وجود سند متصل يرجع إلى أمر محسوس. ويشترط هذا العدد الكبير في كل طبقة من طبقات السند، وليس فقط في طبقة الصحابة.

يقصد باستحالة تواطئهم على الكذب أنه من غير المعقول أن يجتمع هؤلاء الرواة ويتفقوا على اختلاق الحديث، وذلك نظراً لعددهم الكبير وتفرقهم وتباعدهم. أما الأمر المحسوس فيعني أن يكون الحديث مستنداً إلى شيء ملموس، كأن يقول الرواة: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو رأيناه يفعل كذا، أو لمسناه أو حدثنا بكذا.

وقد اختلف علماء الحديث في تحديد العدد الذي يتحقق به التواتر، فمنهم من قال أربعة، ومنهم من قال خمسة، ومنهم من زاد على ذلك. ولكن المتفق عليه أنه إذا قل العدد عن أربعة، فإن الحديث لا يعتبر متواتراً، بل قد يكون حديثاً غريباً أو مشهوراً أو عزيزاً.

من الأمثلة الشهيرة على الأحاديث المتواترة: أحاديث الرؤية (رؤية المؤمنين لله في الآخرة)، وأحاديث الحوض (حوض النبي صلى الله عليه وسلم في القيامة)، وأحاديث الشفاعة (شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته يوم القيامة)، وأحاديث رفع اليدين في الصلاة، وأحاديث المسح على الخفين. وقد قام العلماء بتصنيف الأحاديث المتواترة في مؤلفات خاصة، منها كتاب “الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة” للإمام السيوطي، الذي جمع فيه طرق كل حديث وأسانيده، ثم اختصره في كتاب “قطف الأزهار”. ومن هذه المصنفات أيضاً كتاب “نظم المتناثر في الحديث المتواتر” للكتاني.

شرح الحديث المتواتر اللفظي

الحديث المتواتر اللفظي هو النوع الذي يتفق فيه الرواة على نفس اللفظ والمعنى. وهذا النوع يعتبر أعلى درجات التواتر وأكثرها قوة. ومثاله ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).

هذا الحديث رواه عدد كبير من الصحابة بنفس اللفظ والمعنى، مما يدل على صحته وثبوته بشكل قاطع.

توضيح الحديث المتواتر المعنوي

الحديث المتواتر المعنوي هو الحديث الذي يتفق فيه الرواة على المعنى العام، مع اختلاف في الألفاظ والتفاصيل. وهذا النوع من التواتر أقل قوة من التواتر اللفظي، ولكنه لا يزال يعتبر حجة قوية.

مثال ذلك: أحاديث رفع اليدين في الدعاء. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقرب من مئة حديث في رفع اليدين في الدعاء، ولكنها في قضايا مختلفة. فبعضها في الاستسقاء، وبعضها في الاستغفار، وبعضها في الدعاء العام. إلا أن الأمر المشترك بين جميع هذه الأحاديث هو رفع اليدين في الدعاء. ولذلك كان رفع اليدين في الدعاء من المتواتر المعنوي أو بالمعنى.

بمعنى آخر، تنقل جماعة كبيرة وقائع متعددة تتعلق بقضايا مختلفة، ولكنها تشترك في أمر واحد، مع استحالة تواطئهم على الكذب. فتواتر هذا الأمر المشترك يدل على صحته وثبوته.

قائمة المصادر والمراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

مفهوم الحديث القدسي وأهميته

المقال التالي

الحديث المرسل: دراسة في المفهوم والحكم وشروط العمل به

مقالات مشابهة