التلاقي الإنساني وأثره
لقد خلق الله الأمم والشعوب المختلفة لغاية سامية، وهي أن يتعارفوا ويتعاونوا فيما بينهم، وليستفيد كل منهم من الآخر. فالاختلاف والتنوع هما أساس التكامل والتقدم، إذ يسد بعضهم حاجة بعض.
إلا أن هناك من يرفض هذا الواقع الجميل، ويسعى إلى إثارة الفتن والنزاعات بين الناس، وذلك من خلال التعصب العرقي أو الديني أو اللغوي أو السياسي. وهذا يؤدي إلى تفكك المجتمعات وانتشار الظلم والعدوان. وقد تنبه الكثيرون إلى هذه المخاطر، وبدأوا يدعون إلى نبذ التعصب ونشر المحبة والسلام بين الناس. ومن أهم الوسائل لتحقيق ذلك، هو ترسيخ قيم الصفح في المجتمع.
مفهوم الصفح وأبعاده
الصفح لغةً هو التساهل والعفو. واصطلاحًا، هو قيمة إنسانية عظيمة تعني احترام الآخرين وتقبل اختلافاتهم، وعدم الحكم عليهم بناءً على معتقداتهم أو ألوانهم أو أصولهم. إن الصفح يضمن للجميع الحق في العيش بكرامة وأمان، دون تمييز أو اضطهاد.
إن تحويل الصفح إلى ثقافة سائدة في المجتمع يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأفراد والمؤسسات، وعلى رأسها الأسرة والمدرسة والدولة. فكل هؤلاء يلعبون دورًا هامًا في تنشئة الأجيال على قيم التسامح والمحبة والتعاون. كما أن لأصحاب الفكر وعلماء الدين دورًا كبيرًا في توعية الناس بأهمية الصفح في بناء مجتمعات قوية ومزدهرة.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَإِن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 237]. وهذا يدل على أن الصفح والعفو هما من صفات المتقين، وهما من أهم أسباب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
أهمية تفعيل الصفح في المجتمع
إن لانتشار ثقافة الصفح فوائد جمة تعود على الفرد والمجتمع، ومن أهم هذه الفوائد:
التعارف والتواصل بين الناس وتبادل الثقافات والخبرات المختلفة. فمن خلال الصفح، نفتح قلوبنا وعقولنا للآخرين، ونتعلم منهم ونستفيد من تجاربهم. وهذا يؤدي إلى تنمية الوعي والانفتاح على العالم.
تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، والتركيز على القضايا الإنسانية الهامة، والعمل على تطوير المجتمعات المحلية. فبدلاً من إضاعة الوقت في النزاعات والخلافات، يمكننا أن نوجه طاقاتنا وقدراتنا نحو بناء مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة.
تحجيم دور دعاة الفتنة والكراهية الذين يستغلون الصراعات والنزاعات لتحقيق مصالحهم الشخصية. فمثل هؤلاء الأشخاص لا يؤمنون بالصفح ولا يسعون إلى السلام، وإنما يهدفون إلى تدمير المجتمعات وإشعال الفتن. وعندما تسود ثقافة الصفح، فإن هؤلاء الأشخاص يفقدون تأثيرهم وقدرتهم على إثارة الفتن.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا” (صحيح مسلم). وهذا الحديث الشريف يحثنا على نبذ الكراهية والحقد والعداوة، والتحلي بالمحبة والأخوة والتسامح.
المصادر
- ملنيا بيطار،”منهج التعارف الإنساني في الإسلام”،alhiwartoday، تم الاطلاع بتاريخ 10-7-2018.
- عمار حسن (4-3-2016)،”في معنى التسامح”،alarabiya، تم الاطلاع بتاريخ 10-7-2018.
- بسمة حسن (25-9-2017)،”مفهوم التسامح وأهميته في المجتمع”،almrsal، تم الاطلاع بتاريخ 10-7-2018.