فهرس المحتويات
تحليل وتدبر الآية (فصبر جميل والله المستعان)
تعتبر سورة يوسف من السور القرآنية ذات العبر العظيمة، حيث تسلط الضوء على قصة نبي كريم هو يوسف -عليه السلام-. تعتبر هذه القصة مثالًا حيًا على الصبر والتحمل في مواجهة الشدائد والمحن التي واجهته منذ صغره حتى شبابه. والده، النبي يعقوب -عليه السلام-، يمثل أيضًا رمزًا للصبر، حيث تحمل مكائد أبنائه وما فعلوه بيوسف وأخيه نتيجة للحسد والغيرة. هذا الأمر أدى إلى فقدان يعقوب لأحب أبنائه إليه.
ومع ذلك، صبر يعقوب واحتسب أجره عند الله، وكان من الصابرين. لم يتوقف عن الدعاء بأن يرزقه الله الصبر بكل معانيه. وفي تفسير الآية الكريمة: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف: 18)، تكمن العديد من المعاني الرائعة التي تستحق التأمل والتمعن فيها.
نظرة في تفسير الجلالين
يذكر المفسرون في تفسير الجلالين أن عبارة (فصبرٌ جميل) جاءت ردًا على فعل إخوة يوسف، عندما لطخوا قميصه بدم كذب. فقالها النبي يعقوب -عليه السلام- تعبيرًا عن صبره الذي لا يصحبه جزع على ما فعلوه، وأنه طلب العون من الله -تعالى- بقوله: (والله المستعان).
رؤية في تفسير القرطبي
وفي تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، يوضح أن سيدنا يعقوب -عليه السلام- وصف أفعال أبنائه بالكذب، وأن أنفسهم قد زينت لهم هذا الفعل. ولكنه هدّأ من نفسه وصبر نفسه قائلًا: (فصبرٌ جميل)، أي أن حاله وما يعتقده هو الصبر الجميل الذي لا يصحبه جزع أو شكوى.
إضاءات من تفسير السعدي
بين السعدي في تفسيره أن النبي يعقوب كان حريصًا على القيام بواجبه، وهو الصبر على هذه المحنة صبرًا جميلاً خاليًا من السخط والتشكي للخلق، والاستعانة بالله وحده في ذلك، لا بالاعتماد على حوله وقوته.
ما هو الصبر؟
الصبر في اللغة العربية مشتق من الفعل “صَبَرَ”، ويعني الرضا والتجلد والتحمل. الصبر هو عكس الجزع، ويحمل أيضًا معنى الحبس، فكل من حبس شيئًا فقد صبره. فالصبر هو حبس النفس عن الجزع. أما في الاصطلاح، فقد عرف ابن القيم الصبر في رسالته لأحد إخوانه بقوله: “الصبر هو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره”.
أوجه الصبر
ذكر ابن القيم -رحمه الله- أن الصبر ينقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية يجب على المؤمن أن يتحلى بها، لأن الصبر هو أساس الإيمان الذي لا يمكن الاستغناء عنه. هذه الأنواع هي:
- صبر بالله: وهو أن يوقن المؤمن بأن الله -تعالى- هو الذي يمنحه الصبر، وهو صبر الاستعانة والالتجاء إلى الله -تعالى- وحده. فالمؤمن يصبر بصبر ربه وليس بصبر نفسه، كما قال الله -تعالى-: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) (النحل: 127).
- صبر لله: وهو أن يكون صبر المؤمن نابعًا من حب الله -تعالى- والتقرب إليه وإظهار التذلل له.
- صبر مع الله: وهو أن يحقق المؤمن مراد الله -تعالى- في الاستخلاف في الكون وتحقيق العبادة في الأرض.
المراجع
- سورة يوسف، آية: 18
- سورة النحل، آية: 127
- تفسير آية (فصبر جميل والله المستعان)
- تفسير الجامع لأحكام القرآن
- تفسير آية (وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٍۢ كَذِبٍۢ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ)
- معنى الصبر
- معنى الصبر لغةً واصطلاحًا
- مراتب الصبر