المحتويات
تمهيد حول سورة نوح
سورة نوح هي سورة مكية، نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة. جاءت هذه السورة في فترة كان النبي صلى الله عليه وسلم يواجه فيها الكثير من الأذى والتكذيب من المشركين. تعرض السورة قصة نبي من الأنبياء السابقين، وهو النبي نوح عليه السلام، وكيف عانى من عناد قومه وإصرارهم على الكفر، حيث لم يؤمن معه إلا قلة قليلة بعد سنوات طويلة من الدعوة. عدد آيات هذه السورة الكريمة هو ثمانية وعشرون آية.
النبي نوح -عليه السلام- له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو:
- من أولي العزم من الرسل، وهم الأنبياء الذين صبروا على أذى شديد في سبيل الدعوة.
- يعتبر أول رسول أرسله الله إلى الأرض.
- تميزت فترة دعوته بأنها الأطول بين جميع الأنبياء، حيث استمرت 950 سنة.
- على الرغم من طول مدة دعوته، كفر معظم قومه بها، حتى أن أحد أبنائه وزوجته لم يستجيبوا له.
- أهلك الله قوم نوح الكافرين بطوفان عظيم غطى الأرض بأمر الله.
- نجى الله نوحًا والمؤمنين معه في السفينة التي أمره الله بصنعها.
بداية رسالة نوح وإنذاره لقومه
الآيات الأولى من السورة (1-4) تتناول عدة جوانب مهمة:
- الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسل نوحًا إلى قومه لإنقاذهم من العذاب الذي ينتظرهم إذا استمروا في كفرهم وعصيانهم.
- أوضح نوح لقومه أن الله أرسله لكي يعبدوا الله وحده ويتقوه ويطيعوا أوامره.
- إذا استجابوا لدعوة نوح وآمنوا بالله، فإن الله سيغفر لهم ذنوبهم التي ارتكبوها قبل إسلامهم، وسيعيشون في سعادة ورخاء دون أن يتعرضوا للعذاب أو الهلاك.
أسلوب دعوة نوح ومعارضة قومه
تُظهر الآيات (5-9) الطريقة التي اتبعها نوح في دعوة قومه وكيف كان رد فعلهم:
- يشتكي نوح إلى ربه بأنه دعا قومه ليلاً ونهارًا، وعلى الرغم من ذلك لم يستجب له إلا القليل.
- بسبب شدة كفرهم وعنادهم، كانوا يرفضون الاستماع إلى كلام نوح، فيضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا، ويغطون رؤوسهم حتى لا يروه.
- استخدم نوح جميع الوسائل الممكنة في الدعوة، فدعاهم في تجمعاتهم، ودعاهم علانية، ودعاهم سرًا.
- بالرغم من كل هذه الأساليب المتنوعة، استمر قوم نوح في كفرهم وغرورهم واستكبارهم.
تذكير بنِعم الله وآيات قدرته ورحمته
الآيات (10-20) تسلط الضوء على بعض نِعم الله التي أنعم بها على الناس، والتي ذكر بها نوح قومه لعلهم يتذكرون ويتعظون:
- من أولى نعم الله التي ذكر بها نوح قومه هي أن الله يغفر الذنوب عند توبة العباد واستغفارهم.
- الله ينزل الأمطار الغزيرة المتتابعة من السماء.
- الله يرزق عباده الأموال والأولاد، ويبارك لهم في حدائقهم وأراضيهم التي تجري من تحتها الأنهار.
- الله خلق الإنسان في مراحل متتابعة، ليكتمل خلقه في أحسن صورة.
- الله خلق الكون والسماوات السبع المتطابقة كدليل على عظمته وقدرته وحكمته، لكي يهتدي الناس ويتفكروا.
- الله سخر القمر لينير الليل، والشمس لتمدنا بالحرارة والضوء.
- الله خلق الإنسان من تراب الأرض، وجعل غذاءه يخرج من هذا التراب، فينمو ويكبر ويعيش بهذا الطعام، كأنه نبات يعيش على التراب مباشرة.
- الله جعل الأرض ممهدة وممتدة وواسعة، لكي يتمكن الإنسان من القيام بأنشطته المختلفة.
عصيان قوم نوح وإصرارهم على عبادة الأصنام
على الرغم من كل الجهود التي بذلها نوح، لم يستجب له قومه. الآيات (21-24) تصف موقفهم السيئ وإصرارهم على الكفر. يوضح لنا نوح هذا الموقف بقوله:
- إنهم لم يستجيبوا لدعوته، بل أطاعوا كبراءهم وأسيادهم الذين أنعم الله عليهم بالأموال الكثيرة والأولاد، ولكنهم لم يشكروا الله على هذه النعم، بل زادتهم تكبرًا وضلالًا.
- إن هؤلاء الكبراء الكفار كانوا يدبرون المكائد الكبيرة ليمنعوا الناس من اتباع نوح.
- كانوا يزينون صور آلهتهم وأصنامهم في أعين الناس، ويشجعونهم على الثبات على عبادتها، وقد نجحوا في ذلك، فضل بسببهم الكثير من قوم نوح.
وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)
دعاء نوح على الكافرين ودعاؤه لنفسه والمؤمنين
في الآيات (25-28) تنتهي هذه السورة الكريمة:
- بدعاء نوح على الكفار بالهلاك، لأن وجودهم سيكون سببًا في ضلال الناس، وسينقلون الكفر إلى أبنائهم.
- دعائه لنفسه ولوالديه وللمؤمنين بالمغفرة والرحمة.
- دعائه على الظالمين بالهلاك والخسارة في الدنيا والآخرة.
رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)
الدروس والعبر المستفادة من سورة نوح للأطفال
تتضمن هذه السورة الكريمة العديد من الدروس والعبر الهامة، منها:
- الله رحيم بالناس، ويريد لهم الهداية لكي يدخلوا الجنة، ولهذا أرسل لهم الرسل الكرام، ومن هؤلاء الرسل نوح.
- الرسل بذلوا كل جهدهم ليخرجوا الناس من ظلام الكفر إلى نور الهداية.
- نِعم الله كثيرة، ويجب على الإنسان أن يشكر الله عليها دائمًا.
- الكفار يعملون بكل قوتهم لمنع انتشار الدين الحق.
- الله في نهاية الأمر ينصر المؤمنين الثابتين على دينهم في الدنيا، ويكرمهم بالجنة في الآخرة.
قال تعالى: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14)