نظرات في الجزء الأول من السورة
يشمل هذا الجزء الآيات من (1-9) من سورة الملك. يتضمن تفسير السعدي لهذه الآيات عدة نقاط رئيسية.
قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يعكس عظمة الله وقدرته المطلقة. فالله هو مالك كل شيء في هذا الكون، المتصرف فيه بحكمته وعلمه. فهو الذي خلق هذا الكون من العدم، ويسيره وفق مشيئته. تظهر عظمة الله في قدرته الكاملة التي أبدع بها هذه المخلوقات العظيمة.
في قوله تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) يوضح الغاية من خلق الإنسان، وهي الاختبار والابتلاء. فالله خلق الناس وأرسل إليهم الرسل، وأمرهم ونهاهم، واختبرهم بالشهوات. الفائز هو من أطاع الله، والخاسر من اتبع شهواته. يشير تفسير السعدي إلى أن (أَحْسَنُ عَمَلًا) يعني أخلصه وأصوبه، كما قال الفضيل بن عياض: “أخلصه وأصوبه، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على سنة رسول الله”.
أما قوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) فيشير إلى النجوم والكواكب التي تزين السماء الدنيا، فتبدو في غاية الجمال والروعة. هذه النجوم ليست مجرد زينة، بل هي أيضًا هداية يهتدي بها الناس في ظلمات البر والبحر.
تأملات في الجزء الثاني من السورة
يغطي هذا الجزء الآيات من (10-19) من سورة الملك. تتضمن هذه الآيات دروسًا وعبرًا هامة.
يقول تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) يبين أن الهداية تتحقق بالسماع للهدى والعقل. فالموفق هو من جمع بينهما، واستخدم عقله في فهم الحقائق التي جاء بها الرسل. الهداية هي منحة من الله يختص بها من يشاء من عباده الصالحين.
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) ذكر لحال السعداء بعد ذكر حال الأشقياء. صفة هؤلاء السعداء هي خشية الله في الغيب، أي أنهم يستقيمون على طاعة الله حتى في الخلوات، ولا يقدمون على معصيته. جزاؤهم مغفرة الذنوب وأجر عظيم في الجنة.
أما قوله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) فهو دليل عقلي على علم الله الشامل. فالله الذي خلق الخلق وأتقنه، كيف لا يعلمه؟ إنه اللطيف الخبير الذي يعلم السرائر والخفايا. ومن معاني اسم “اللطيف” أنه يلطف بعباده الصالحين، فيرزقهم من حيث لا يحتسبون، ويصرف عنهم الشر.
استخلاصات من الجزء الثالث للسورة
يشمل هذا الجزء الآيات من (20-30) من سورة الملك، وهي خاتمة السورة وتحمل في طياتها عظات بليغة.
يقول تعالى: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) سؤال استنكاري يهدف إلى تذكير الكافرين بأنه لا ناصر لهم إلا الله. فإذا أراد الله بهم سوءًا، فمن الذي يمنعه؟ استمرار الكافرين على كفرهم رغم علمهم بذلك هو ضرب من الغرور.
في قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) يصف حال الكافرين يوم القيامة حين يرون عذاب جهنم قريبًا منهم، فتسود وجوههم ويوبخهم خزنة جهنم قائلين: هذا هو العذاب الذي كنتم تكذبون به.
أما قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا) فيبين أن الإيمان بالله يستلزم التصديق القلبي والعمل الصالح، والتوكل على الله في كل الأمور. التوكل شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وهو شرط أساسي لتحقيق النجاح والفلاح.
المصادر والمراجع
- سورة الملك، الآيات 1-30
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن السعدي
- الإيمان الأوسط لابن تيمية
- فتح القدير للشوكاني