تدبرات حول سورة قريش

استكشاف معاني سورة قريش. نظرة على قبيلة قريش واستعدادهم لرحلتي الشتاء والصيف. دعوة إلى توحيد الله وشكره على جزيل النعم. أسباب نزول السورة.

تأملات في معاني سورة قريش

تُعرف سورة قريش أيضًا باسم سورة “لإيلاف قريش”، وهي سورة مكية تتألف من أربع آيات. نزلت بعد سورة التين وقبل سورة القارعة. تتناول السورة عدة محاور رئيسية تستحق التدبر والتأمل.

بيان حال قبيلة قريش وتنظيمهم لرحلتي الشتاء والصيف

يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ [قريش: 1-2].

تشير هذه الآيات الكريمة إلى اجتماع قبيلة قريش على قلب رجل واحد، وشعورهم بالأمن والاستقرار نتيجة لتنظيمهم رحلتين تجاريتين منتظمتين. كانت رحلة الشتاء تتجه إلى اليمن، بينما كانت رحلة الصيف تتجه إلى الشام. كانوا يعودون إلى مكة المكرمة بسلام وأمان، مما زاد من مكانتهم بين الناس، كونهم سكان البلد الحرام. فمن عرفهم، أحسن إليهم ووقره، ومن رافقهم، حظي بحمايتهم. كانت هاتان الرحلتان التجاريتان جزءًا لا يتجزأ من حياتهم في الصيف والشتاء، ويذّكرهم الله بهما لحثهم على شكره على هذه النعمة العظيمة.

دعوة صريحة إلى عبادة الله وحده لا شريك له

يقول الله عز وجل:

﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ﴾ [قريش: 3].

تحث هذه الآية الكريمة قبيلة قريش على وجه الخصوص على عبادة الله وحده، فهو الذي أنعم عليهم بالأمن والطمأنينة بعد أن كانوا في حالة من الاضطراب والفوضى، كما ورد في سورة الفيل. فالواجب عليهم أن يشكروا الله على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وذلك من خلال عبادته وتوحيده، خاصة بعد أن اعتادوا على رحلاتهم التجارية. في هذا تذكير لهم بفضل الله عليهم، فقد كانوا يجهلون قيمة حرمة البيت الحرام الذي تكفل الله بحمايته. كانوا يعلمون في أوقات الشدة أن لا ملجأ لهم إلا الله، وأن الأصنام لا تنفعهم بشيء.

تعداد نِعم الله التي تستوجب الشكر والحمد

يقول الله تبارك وتعالى:

﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 4].

لقد أطعمهم الله بعد جوع، وآمنهم بعد خوف، فتبدلت أحوالهم وتغيرت إلى الأفضل. رزقهم الله بالعيش الرغيد، وأزال عنهم المخاوف. هذه نعم عظيمة تستحق الشكر والحمد. وهي من أعظم النعم الدنيوية. وفي ذلك ورد حديث وإن كان ضعيف السند إلا أن معناه صحيح، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَن أَصبَحَ مُعافًى في بَدَنِه آمِنًا في سِربِه عِندَه قوتُ يومِه فكأنَّما حيزَتْ له الدُّنيا».

ظروف وملابسات نزول سورة قريش

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل قريش ما يلي:

«فضل الله قريشاً بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبد الله إلا قريش، وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين وهي {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية».

نزلت هذه السورة لتذكر قبيلة قريش بفضل الله عليهم، وتيسيره لتجارتهم، وتكرار رحلتيهم في الصيف والشتاء. ولكنهم مع ذلك، أظهروا الجحود ونكران الجميل، ولم يؤدوا حق الله بعد أن زاد مالهم، وعزت مكانتهم، وحفظ أمن بلدهم.

المصادر والمراجع

  • ابن عاشور، التحرير والتنوير.
  • ابن كثير، تفسير ابن كثير.
  • سيد قطب، في ظلال القرآن.
  • عبد الرحمن السعدي، تفسير تيسير الكريم الرحمن.
  • جعفر شرف الدين، الموسوعة القرآنية خصائص السور.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تحليل وتدبرات في سورة ق

المقال التالي

تدبرات في سورة قريش للأجيال الناشئة

مقالات مشابهة