تحليل وتفسير الآية (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)

تحليل وتوضيح للآية الكريمة (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) من سورة النساء، مع بيان معاني الكلمات وأسباب النزول والتفسير العام للآية.

نص الآية الشريفة

يقول الله تعالى في سورة النساء:

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).[1]

تفسير معاني الكلمات

فيما يلي شرح لمعاني بعض الكلمات التي وردت في الآية الكريمة:

  • تقسطوا: أن تعدلوا وتلتزموا الإنصاف.
  • فانكحوا: أي تزوجوا.
  • ما طاب لكم: ما استحسنتم واخترتم من النساء.
  • مثنى وثلاث ورباع: أي اثنتين أو ثلاث أو أربع زوجات كحد أقصى.
  • ما ملكت أيمانكم: الإماء والجواري.
  • أدنى: أقرب وأجدر.
  • تعولوا: لا تجوروا ولا تظلموا.

ظروف نزول الآية

روي في سبب نزول هذه الآية حديث صحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، جاء فيه:

“عَنْ عَائِشَةَ، (وَإنْ خِفْتُمْ ألَّا تُقْسِطُوا في اليَتَامَى)، قالَتْ: اليَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وهو ولِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا علَى مَالِهَا، ويُسِيءُ صُحْبَتَهَا، ولَا يَعْدِلُ في مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ ما طَابَ له مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا، مَثْنَى وثُلَاثَ ورُبَاعَ”. [3]

كما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية نزلت للتنبيه على أهمية العدل بين الزوجات، والتحذير من الزواج بأكثر من امرأة إذا لم يكن الرجل قادراً على الوفاء بحقوقهن، فالمرأة كاليتيم في ضعفها، وينبغي على الرجال أن يخافوا من ظلمهن كما يخافون من ظلم اليتامى.[4]

الفهم الشامل للآية

تتناول هذه الآية الكريمة قضيتين أساسيتين، أولاهما حرمة الاعتداء على حقوق اليتامى، سواء بأكل أموالهم بغير وجه حق أو عدم إعطائهم حقوقهم كاملة. ويتضمن ذلك زواج الرجل من اليتيمة التي هي تحت ولايته، مع عدم إعطائها مهرها كاملاً كما يفعل مع غيرها من النساء. وقد نهى الله تعالى عن هذا الفعل في الآية، كما ورد في سبب النزول عن عائشة رضي الله عنها، مما يؤكد أهمية المهر كحق للمرأة فرضه الله تعالى.

أما القضية الثانية، فهي إقرار مبدأ تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية، مع التأكيد على ضرورة العدل بين الزوجات. فقد أباح الله تعالى للمسلم أن يتزوج بأكثر من امرأة، على ألا يتجاوز العدد أربع زوجات في آن واحد. وحذر الإسلام من الظلم والجور في معاملة الزوجات، وأوجب على الزوج أن يعدل بينهن في النفقة والمبيت والمعاملة الحسنة. وإذا خشي الرجل عدم القدرة على العدل، فالأفضل له أن يقتصر على زوجة واحدة. وهذا من عدل الإسلام ورحمته ورعايته للحقوق وحماية الأسرة والمجتمع.

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الزوجة والأهل والرفق بهم في كثير من الأحاديث، ومنها قوله:

خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي“.[6][7]

المصادر والمراجع

  1. سورة النساء، الآية: 3
  2. جلال الدين المحلي، تفسير الجلالين، صفحة 98. بتصرف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 5098، حديث صحيح.
  4. الواحدي، أسباب النزول، صفحة 142. بتصرف.
  5. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 233. بتصرف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1924، حديث صحيح.
  7. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 234-235. بتصرف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

استيعاب وتأويل قوله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)

المقال التالي

تحليل وتأملات في قوله تعالى: “فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا”

مقالات مشابهة