مقدمة
قد تعيق بعض التحديات النفسية النمو السليم لشخصية الفرد، مما يؤثر على حياته بشكل كبير. من بين هذه التحديات يبرز الانطواء الاجتماعي، وهي حالة يمكن أن تصاحب الفرد منذ الطفولة، مما يؤثر سلبًا على علاقاته الاجتماعية المختلفة. تشير الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن عدد الأفراد الذين يعانون من الانطواء الاجتماعي في ازدياد ملحوظ، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية المتسارعة التي نشهدها.
لذا، من الضروري الاهتمام بدراسة هذا الجانب من جوانب الشخصية، بهدف فهم الفرد المنطوي والتعامل معه بطريقة تساعده على التغلب على العوامل التي تسبب له الضيق النفسي، وتمكينه من بناء علاقات اجتماعية صحية ومثمرة.
تفاصيل الحالة
الحالة هي لشاب يدعى (أ.ع)، يبلغ من العمر 21 عامًا. ولد ولادة طبيعية بتاريخ 12/12/1993 في مستشفى حكومي. يعيش (أ.ع) مع والديه وإخوته الستة في منزل متوسط. لم يكمل (أ.ع) تعليمه الثانوي، حيث وصل فقط إلى الصف الثاني الثانوي بسبب الانطواء الاجتماعي الشديد الذي كان يعاني منه. أدى ذلك إلى تدني مستواه الدراسي، مما دفع والديه إلى إخراجه من المدرسة.
في تلك الفترة، كان (أ.ع) يعاني من انطواء يمنعه من مغادرة المنزل، ولم تكن لديه أي علاقات اجتماعية. تم تحويل (أ.ع) إلى أحد مراكز الإرشاد في المدينة بعد أن ظهرت عليه أعراض الانطواء في صورة عصبية مفرطة تجاه عائلته لأتفه الأسباب، وعناد شديد، وعزلة عن الآخرين، وعدم الرغبة في التحدث مع أي شخص، وتفضيل الجلوس بمفرده.
سبب التحويل: شكوى من الأهل.
تاريخ المقابلة: 20/7/2015. حضر (أ.ع) برفقة والديه إلى مركز الإرشاد.
التقييم الشامل
الجوانب الجسمانية:
(أ.ع) البالغ من العمر 21 عامًا يهتم بنظافته الشخصية وبترتيب مظهره.
الإدراك المعرفي:
لم يكن (أ.ع) متفوقًا في دراسته، الأمر الذي دفع الأهل إلى إخراجه من المدرسة بسبب تدني تحصيله.
الجوانب السلوكية:
(أ.ع) منعزل عن الآخرين في معظم الأوقات، ويعاني من قلق مفرط، وانطواء اجتماعي يمنعه من التعامل مع الآخرين خارج نطاق العائلة، وعصبية زائدة على أتفه الأسباب في بعض الأحيان.
الجوانب البيئية:
البيئة المادية: يعيش (أ.ع) في منزل متواضع مع عائلته المكونة من 8 أفراد، والوضع المادي للعائلة جيد.
البيئة الاجتماعية: علاقات (أ.ع) الاجتماعية ليست جيدة، وأصبح منعزلاً عن الآخرين، ولم تعد له علاقات اجتماعية مع أحد.
جوانب القوة والضعف:
جوانب الضعف: سرعة الغضب والانفعال على أتفه الأسباب، العصبية الزائدة، قلة الثقة بالنفس وبالآخرين، الانطواء الاجتماعي الشديد.
جوانب القوة: الدعم والتفهم من قبل الأهل لحالة (أ.ع).
التشخيص
يعاني (أ.ع) البالغ من العمر 21 عامًا من انطواء اجتماعي يسبب له التوتر والخوف عند التحدث مع أي شخص خارج نطاق العائلة، بالإضافة إلى بعض السلوكيات الأخرى مثل العصبية الزائدة والقلق المفرط.
خطة الدعم
- مساعدة (أ.ع) في التغلب على المشكلات التي يعاني منها من خلال معالجة أسبابها أو التكيف معها.
- تحقيق مستوى مناسب من الصحة النفسية لـ (أ.ع).
- العمل على تكرار عبارات إيجابية مثل “أنا قوي” أو ما شابهها.
- تشجيع إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين.
- العمل على تقبل نقد الآخرين وعدم أخذه بشكل سلبي.
جلسات الإرشاد الفردي
- الجلسة الأولى: استغرقت حوالي 20 دقيقة، وتم فيها جمع معلومات عن (أ.ع) وعائلته، وطرح بعض الأسئلة عليهما. تم في هذه الجلسة التعرف على حياة (أ.ع) ومشكلاته ومستواه الاجتماعي والصحي.
- الجلسة الثانية: استغرقت حوالي 30 دقيقة، وتم فيها الحديث عن المشكلة تدريجيًا. الهدف من هذه الجلسة هو مساعدة (أ.ع) على التخلص تدريجيًا من مشكلة الانطواء الاجتماعي، بالإضافة إلى بناء الثقة بين (أ.ع) والمرشد.
- الجلسة الثالثة: استغرقت حوالي نصف ساعة، وتم فيها الطلب من (أ.ع) أن يتخيل أنه يتحدث بطلاقة ودون خوف أو انطواء. الهدف من هذه الجلسة هو تخليص (أ.ع) من الأفكار السلبية لديه والعمل على تصحيح نمط تفكيره.
- الجلسة الرابعة: استغرقت نصف ساعة، وتم فيها تعريض (أ.ع) لبعض المواقف التي يشعر فيها بالانطواء، وذلك حتى يتمكن من التغلب عليها بشكل تدريجي، والعمل على تأكيد الذات والثقة بالنفس.
- الجلسة الخامسة: استغرقت أيضًا نصف ساعة، وتم فيها العمل على تعريض (أ.ع) لمواقف أكثر لكسر حاجز الخوف لديه، وأن يقوم (أ.ع) بدعوة أصدقائه وأقاربه وتعليمه كيفية الترحيب والتعامل معهم.
- الجلسة السادسة والأخيرة: الجلوس مع (أ.ع) والحديث معه عن الفائدة التي حققها.
متابعة الحالة: للتأكد من عدم الانتكاس وأن (أ.ع) تخلص من الانطواء الاجتماعي بشكل كامل.