تحليل مسرحية أهل الكهف: قراءة في عالم الزمن والفكر

الفحوى العام لمسرحية أهل الكهف

تتمحور أحداث مسرحية أهل الكهف حول القصة المعروفة التي ذكرت في القرآن الكريم، والتي تتناول قصة فتية آمنوا بالله وهربوا بدينهم من بطش الملك الظالم. فيما يلي عرض لأهم أحداث المسرحية:

ملخص الفصل الأول

في مستهل المسرحية، نجد الفتية داخل الكهف: مرنوش، مشلينا، يمليخا الراعي، بريسكا، وغالياس. هؤلاء الفتية فرّوا من بطش الملك دقيانوس، الذي اشتهر بظلمه. يبدأ الحوار بعد استيقاظهم من نوم عميق، وهم يشعرون بوهن وضعف شديدين. يتساءلون عن المدة التي قضوها في النوم، معتقدين أنها مجرد أيام معدودة.

بسبب شعورهم بالجوع، يكلّفون يمليخا الراعي بالذهاب إلى المدينة المجاورة لجلب الطعام. في طريقه، يلتقي بصياد، يفزع من مظهره. عندما يعطيه يمليخا قطعة نقدية، يظن الصياد أنها كنز دفين، فيسرع إلى المدينة لإخبار الناس عن وجود كنز يعود إلى زمن الملك دقيانوس. يعود الناس حاملين المشاعل ويدخلون الكهف، فيجدون بشرًا في حالة يرثى لها.

تطورات الفصل الثاني

تنتقل الأحداث إلى قصر الملك الصالح تيدوسيوس في طرسوس. يصل إليه خبر الفتية، ويخبره غالياس بأنهم القديسون الذين عاصروا الملك الروماني دقيانوس، وأنهم المقصودون بقصة البعث كما وردت في الكتاب المقدس. يتم إحضارهم إلى القصر، ويستقبلهم الملك استقبالًا حسنًا ويكرمهم.

يطلب مرنوش من الملك السماح له برؤية زوجته وابنه، بينما يريد يمليخا الاطمئنان على قطيع الأغنام، ويذهب مشلينا لحلاقة ذقنه لمقابلة بريسكا. يندهش الجميع من طلباتهم، لأنهم لا يعلمون كم قضوا من الوقت في الكهف. يكتشف يمليخا أنهم ناموا ما يقارب 300 سنة، فيهجره مرنوش متهمًا إياه بالجنون، ويعود يمليخا إلى الكهف وحيدًا بعد معرفة الحقيقة.

أحداث الفصل الثالث

تدور الأحداث في بهو قصر الملك الصالح. يكتشف مرنوش الحقيقة المرة، وهي أنهم قضوا حوالي 300 سنة في الكهف. يعلم أن ابنه قد مات في الستين من عمره، وأن بيته تحول إلى سوق كبير. يعلم أيضًا أن ابنه حقق انتصارات عظيمة لروما. عندما يخبر صديقه مشلينا بالأمر، يتهمه الأخير بالجنون.

يشاهد مرنوش قبر ابنه ويتأكد من كل شيء، فيعود إلى الكهف. يبقى مشلينا ويلتقي ببريسكا، التي لا تتجاوز العشرين من عمرها. تراوده الشكوك، فيسألها عن أشياء قديمة، ليكتشف أنها حفيدة حبيبته السابقة، ولكنها تشبهها في الشكل والاسم. تطلب منه مغادرة القصر، وتعطيه صليبًا ليحتفظ به، ثم يعود إلى القصر لينضم إلى رفيقيه.

تداعيات الفصل الرابع

تعود الأحداث إلى الكهف. بعد اجتماع الأصدقاء الثلاثة، يظن يمليخا أن كل ما حدث كان مجرد حلم، لكن مرنوش ومشلينا يتأكدان من الحقيقة من خلال الملابس الغريبة التي يرتدونها. يصدر صوت مزلزل يعلن عن وفاة يمليخا، ثم وفاة مرنوش. يبقى مشلينا بين الحياة والموت لفترة قصيرة.

تأتي إليه بريسكا، حفيدة حبيبته القديمة، وتعترف بحبها له. يفرح مشلينا بالخبر، لكن الأوان قد فات. يموت وهو يقول لبريسكا: “إلى الملتقى”، أي في العالم الآخر. تقرر بريسكا أن تموت إلى جانب حبيبها، وتطلب من غايوس مساعدتها في ذلك. يوضع في الكهف ثلاثة معاول لمساعدة الشباب في العالم الآخر.

يأمر الملك بإغلاق الكهف عليهم إلى الأبد. يعود غايوس ليودع بريسكا الوداع الأخير، فتطلب منه أن يخبر الناس أنها امرأة عادية عاشقة وليست قديسة مثل بقية الشباب.

جاء في القرآن الكريم ذكر قصة أهل الكهف في سورة الكهف: “أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا” (الكهف: 9-12).

نظرة في مسرحية أهل الكهف

تعتبر مسرحية أهل الكهف من أبرز أعمال الكاتب والمسرحي المصري توفيق الحكيم. نُشرت لأول مرة عام 1933، وحظيت بشهرة واسعة وترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والفرنسية. افتتح المسرح القومي في مصر بهذه المسرحية، لكنها لم تحقق النجاح المتوقع. يعزو الكاتب ذلك إلى طبيعتها الذهنية التي لا تتناسب مع التمثيل المسرحي. يعتبر الحكيم رائد المسرح الذهني في الأدب العربي.

يعكس هذا العمل الفني العميق تأملات في طبيعة الزمن، الصراع بين الماضي والحاضر، ومفهوم الخلود. من خلال شخصيات أهل الكهف، يستكشف الحكيم تأثير مرور الوقت على الإنسان، وكيف يمكن أن تتغير القيم والمعتقدات عبر الأجيال. تثير المسرحية تساؤلات حول الهوية، الذاكرة، ومعنى الوجود في عالم دائم التغير.

المراجع

• توفيق الحكيم، مسرحية أهل الكهف، الصفحات 14-516. (بتصرف)
• “مسرحية أهل الكهف”، جودريدز. (بتصرف)