تحليل لرواية “الخبز الحافي” لمحمد شكري

تحليل معمق لرواية الخبز الحافي. استعراض لمرحلة الطفولة والمعاناة، رحلة البحث عن الرزق في مدينة طنجة، فترة المراهقة والشباب بين طنجة ووهران، والعودة إلى تطوان. ثم النهاية المبهجة. قائمة بالمصادر والمراجع.

النشأة والمعاناة

تدور أحداث رواية “الخبز الحافي” حول بطل الرواية الذي ينتقل مع عائلته من الريف المغربي قاصدًا مدينة طنجة، باحثين عن قوت يومهم. كان الجوع ينهش فيهم حتى أنهم كانوا يذرفون الدموع من شدة الفاقة والحاجة. لم يكن الفقر هو العذاب الوحيد الذي يواجهونه، بل كان هناك الأب، ذو الشخصية القاسية والمنحرفة، الذي كان دائم الشتم والتعنيف، بل ويتجاوز كل الحدود بالسب في الذات الإلهية.

لم يكن الأب في الرواية رمزًا للأمان والعطف والحنان، بل كان تجسيدًا للسلطة المتسلطة التي تدفع بأبنائها إلى طريق الضياع والانحراف. ليبلغ العذاب ذروته عندما يقدم الأب على قتل ابنه الصغير عبد القادر في لحظة غضب عارمة، يخنق رقبته وينهي حياته، ثم يبكيه ندما وحزنا أمام ابنه محمد والناس.

السعي وراء الرزق في طنجة

تمثلت طنجة للبطل مسرحًا للمصاعب والآلام، حيث الفقر والجوع يطاردهم باستمرار، ويُسجن الأب الهارب من الخدمة العسكرية الإسبانية. الأم تجد نفسها وحيدة بلا زوج ولا معين، تلجأ إلى الدعاء والبكاء، بينما يشاركها البطل مرارة العيش. تبحث الأم عن مخرج للأزمة فتعمل في بيع الخضار والفواكه، فيما يعمل هو كنادل في مقهى، لتبدأ فصول حكايته مع الضياع.

فترة المراهقة والشباب بين طنجة ووهران

يكبر محمد شكري في غياب الأب القدوة والأم العاجزة، فيعيش بين القبور، في كنف أخيه الذي وجد فيه ملاذاً آمناً من مجرمي الشوارع. ثم ينتقل بنا الراوي إلى مشاهد من إقامتهم في حي عين خباز، حيث تعمل الأم بينما الأب يعيش عالة عليها.

يمارس الأب على زوجته وابنه ألوانًا من القسوة والاستغلال، يعتدي عليها بالضرب والإهانة، ويستغل سلطته في الاستيلاء على راتبه الذي يجنيه من عمله في المقهى. تبدأ رحلة اللهو والعبث، ثم يروي لنا الكاتب قصص فترة مراهقته وعلاقاته بالنساء، وتنقلاته بين الأعمال المختلفة ليجلب المال ويرضي والده الذي لا يشبع.

يسافر محمد مع والده إلى وهران هربًا من الفقر والفساد والأب المتسلط. يسلمه لخالته وزوجها اللذين يجدان له عملاً لدى صاحب أرض ثم في أحد البيوت الإقطاعية. يهرب من كل المعاناة التي يعيشها، ويلجأ إلى صحبة النساء، ويصبح الانحراف عن الأخلاق والقيم رفيقه الدائم.

الرجوع إلى تطوان

في تطوان، يعود ليعيش تحت وطأة قسوة والده، الضرب والألم من جديد. يهرب من المنزل وينخرط في عالم الجريمة بصحبة السبتاوي وعبد السلام، ويعمل في كل ما يدر عليه المال، فينغمس في الرذيلة، يبيع الحشيش، يتاجر بالدعارة، يسرق، يشرب الخمر. ثم تعود ذكرى 30 مارس، فيهب الأحرار، ويسقط العديد من الشهداء المغاربة.

يرافق محمد شكري بعض الشخصيات المتورطة في التهريب، ثم يتم القبض عليه بصحبة فتيات ومنحرفين، ويدخل السجن، حيث تنقلب حياته رأسًا على عقب، وتبدأ مرحلة جديدة في حياة محمد شكري.

الخاتمة السعيدة

كان السجن ومرافقة المجرمين بمثابة نقطة تحول في حياة بطل “الخبز الحافي”. فبالرغم من كل المحن والآلام التي مر بها محمد شكري، إلا أن الأقدار تتغير فجأة. مع حصول المغرب على الاستقلال في عام 1956، يغادر محمد شكري السجن ويغادر طنجة، وفي ذهنه وقلبه حسرة على عدم معرفته القراءة والكتابة.

على الرغم من تنقلاته بحثًا عن العمل والملذات، إلا أنه لم ينسَ بلوغه العشرين وهو لا يزال جاهلاً بالقراءة والكتابة، فيسعى جاهدًا لتحقيق حلمه. يغادر محمد طنجة إلى العرائش بحثًا عن التعليم، ويتعلم القراءة والكتابة.

رواية “الخبز الحافي” هي درس بليغ في إمكانية العودة إلى طريق الصواب في أي وقت، فالحياة رحلة طويلة مليئة بالصواب والخطأ، وقد تكون الظروف قاسية ومجحفة، ولكن الإرادة فوق كل المستحيلات، والرغبة في التغيير هي المحرك الأساسي لهذه الإرادة.

المراجع

  1. محمد شكري، الخبز الحافي، الصفحات 1-15. (بتصرف)
  2. محمد شكري، الخبز الحافي، الصفحات 16-23. (بتصرف)
  3. محمد شكري، الخبز الحافي، الصفحات 53-69. (بتصرف)
  4. محمد شكري، الخبز الحافي، الصفحات 16-40. (بتصرف)
  5. سعاد شابي، جمالية التلقي وتجليات اإلبداعية في الرواية السير ذاتية: الخبز الحافي لمحمد شكري، الصفحات 159-161. (بتصرف)
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة في أحداث رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس

المقال التالي

ملخص أحداث رواية الرايات السوداء

مقالات مشابهة