مقدمة
ابن الرومي، أحد أبرز شعراء العصر العباسي، يتميز شعره بالجزالة والعمق، وبتناوله لمختلف جوانب الحياة. تتسم قصائده بالصدق والتعبير القوي عن المشاعر الإنسانية، سواء كانت فرحًا أو حزنًا، أملًا أو يأسًا. في هذا المقال، سنتناول قصيدة “دع اللوم إن اللوم عون النوائب” بالتحليل والتفسير، مع إبراز الجوانب الأدبية والفنية فيها، بالإضافة إلى عرض نماذج أخرى من شعره.
تفسير أبيات دع اللوم
تبدأ القصيدة بالدعوة إلى ترك اللوم، مؤكدًا على أن اللوم يزيد من وطأة المصائب والنوائب. يرى الشاعر أن ليس كل من سافر وحاول نيل مراده يخفق، وليس كل من سعى يكسب. فالسعي بحد ذاته قيمة، والنفوس غالية لا يجوز بيعها من أجل تحقيق الرغبات.
يقول:
دعِ اللَّومَ إن اللَّومَ عونُ النوائبِ
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
ثم ينتقل الشاعر للحديث عن تجربته الشخصية، وكيف أن الأسفار علمته الزهد في الغنى، وأغرته برفض المطالب. أصبح زاهدًا في الثراء، بالرغم من أنه كان راغبًا فيه في السابق. ويصف نفسه بأنه حريص وجبان، يشتهي الرزق ولكنه يخاف عواقبه، ويرى أن من كان هذا حاله فهو فقير من كل جانب.
يقول:
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ويتابع الشاعر بوصف خوفه وتردده، وكيف أنه يقدم رجلًا ويؤخر أخرى خوفًا من العواقب، مؤكدًا على أن علم الغيب عند الله وحده. ويتساءل عمن يريه غايته قبل أن يسلك طريقه، مستبعدًا ذلك لأن الغايات تأتي بعد المذاهب.
ثم ينتقل إلى وصف ما لاقاه من مصاعب في أسفاره، وكيف أنه رهب السفر والتجوال في الأرض بعد النكبات التي تعرض لها. ويرى أن صبره على الفقر أهون عليه من المخاطرة بعد التجارب التي مر بها.
يقول:
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملًاعليَّ مِنَ التغرير بعد التجاربِ
ويصف الشاعر معاناته في البر والبحر، وكيف أنه لقي من التباريح في البر ما لم يلقه في البحر. ثم ينتقل إلى الشكوى من الدهر وتقلباته، وكيف أنه يعامله بسخف وعبث.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الخان الذي نزل به، وكيف أنه لم يجد فيه الراحة والاستقرار، بل بقي في خوف وجوع ووحشة وسهر. ويصف السقف المتصدع الذي كان يؤرقه بصوت صرير الجنادب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف البلاء في البر والبحر، وكيف أنه لا يجد الراحة في أي منهما. ويصف حرارة الشمس الحارقة في الصحراء، وكيف أن البيداء تطفو إكامها وترسب في غمر من الآل.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف البحر وأهواله، وكيف أنه يخشى الردى فيه على كل شارب، فكيف به على نفس راكب. ويصف الأمواج العاتية التي يراها كفرسان بائسة تليح نحوه بالسيوف.
ثم ينتقل الشاعر إلى المقارنة بين دجلة واليم، وكيف أنه يرى أن دجلة تحمل خداعًا وجهلًا، بينما اليم يحمل عذرًا وسعة.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الدلافين وكيف أنها تساعد الغرقى في البحر، وكيف أن ألواح السفن تنقض لإنقاذهم.
ثم ينتقل الشاعر إلى الحديث عن تجربته، وكيف أنه جرب الدهر حتى لم يعد يغريه بشيء. ويرى أن المرء منذ أن يلقى التراب بوجهه فهو رهن للنوائب.
ثم ينتقل الشاعر إلى أهمية الصدق مع الأخيار، وكيف أنهم يداوون سقامه بآرائهم الصائبة. ويؤكد على أن الصدق في الاستشارة يعين على الرأي الصائب. ويرى أن أبعد أدواء الرجال عن البرء هو داء المستطب المكاذب.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب المعونة من ممدوحه، وكيف أنه يحتاج إلى ذي سماحة وكرم. ويصف صفات ممدوحه وكيف أنه يلبي حاجات الطالبين.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ممدوحه أبي العباس، وكيف أن نواله يسعى إلى كل طالب. ويؤكد على أن نِفاره منه وهو يريغه لشيء غير مناسب.
ثم ينتقل الشاعر إلى ذكر صفات قومه وكيف أنهم أهل حلم وعرامة وبأس ودهائه.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب الدعاء من أبي العباس، وكيف أنه يرى أن حامي العرض مثله يجب أن يرى له الرفد والترفيه.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف كرم أبي العباس وكيف أنه يعطي بلا حساب، ويصف أفضاله على الناس.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف هول السفر وغوله، وطلب الرفق به.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف رتبة ممدوحه في الكتابة، وكيف أنها تعلو كل كاتب، ويطلب منه أن يدعه من حكم الكتابة لأنه عدو للشعر.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب الثواب والأجر من ممدوحه، وكيف أنه يريد أن يلقاه بين صافي صنيعة وصافي ثناء.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ممدوحه بأنه معاذ في الأمور الحوازب، وكيف أن له الرأي والجود اللذان يكشفان المطبقات.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ممدوحه بأنه ذا ضوء نوء لمجدب، وحيران حتى قيل بعض الكواكب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف العرف وكيف أنه شتى المشارب، وكيف أن أعلى النوابغ قاله لمقول غسان الملوك الأشايب.
ثم ينتقل الشاعر إلى ذكر نعمة عمرو بن العاص عليه، وكيف أنها لوالده وليست بذات عقارب.
ثم ينتقل الشاعر إلى ذكر قول الشاعر كليني لهم يا أميمة ناصب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف المجد وكيف أنه يأبى غير سوم النفس.
ثم ينتقل الشاعر إلى الحث على الصبر على تحمل الثقل.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه وكيف أنه يتعب فكره محككا للشعر.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب الجزاء من ممدوحه، وكيف أنه إن جازه زاده وإن أمسك أقف غير عاتب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه وكيف أنه إن سألته عصابة شهد على نفسه بسوء المناقب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ممدوحه بأنه الفتى الحر الذي فيه شيمة تشيم عن الأحرار حد المخالب.
ثم ينتقل الشاعر إلى ذكر أنه ليس كمن يعدو وفي كلماته تظلم مغصوب وعدوان غاصب.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب عدم حرمانه من ممدوحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب عدم الانتقاص من قدر حظه.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف رهبته من الظعن وكيف أنه يراه كطعن مطاعن.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب أن لا يخيب لأن جبن ولم يخلق عتاد محارب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الفتى ذي الحكمة والبلاغة وكيف أنه يطالب بالتسديد وسط المخاطب.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب التثويب والترفيه والإجزال من ممدوحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب قدوم جدوى ممدوحه وهي سليمة من العيب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الإدلال وكيف أنه يثقل ليتحمل ثقله.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف طلب الرفد الهنيء بأنه ليس ببدعة.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف المجد وكيف أنه يزيد في معاليه.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ممدوحه بأنه يضحي وأدنى عطائه بلوغ الأماني.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه بأنه أقام لكي تزداد نعماك نعمة.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب صونه عن التهجين.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف وجه ممدوحه بأنه منور.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الدنيا بأنها كانت ظلاما مدهما فأنارها وجه ممدوحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى تهنئة الفتى الذي أطراه ممدوحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى رجاء رضا الله والغنى في حقائب ممدوحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه بأنه سيقول إن أعانه ندى ممدوحه على ريب الخطوب الروائب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف بارق خلب ولامع رقراق ونار حباحب.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه وكيف أنه تسحب في شعره ولان لجلدته ثراه.
ثم ينتقل الشاعر إلى طلب إقامة مقامه ناطقا بمدائحه.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ذمامه بأنه يرعى لا ذمام سفينة.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الناس الأيقاظ لكل كريمة.
ثم ينتقل الشاعر إلى الشكوى إلى الله من غمة لا صباح لها.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نشوب الشجا في الحلق بأنه لا هو سائغ ولا هو ملفوظ.
نماذج أخرى من شعر ابن الرومي
بالإضافة إلى القصيدة السابقة، ترك ابن الرومي إرثًا شعريًا غنيًا. نستعرض هنا بعض الأبيات المختارة من قصائده الأخرى:
أبيات مختارة من قصائد أخرى
أبيات من قصيدة يا أخي أين ريع ذاك اللقاء
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ
أين ما كان بيننا من صفاءِ
أين مصداقُ شاهدٍ كان يحكي
أنك المخلصُ الصحيحُ الإخاءِ
شاهدٌ ما رأيت فعلك إلا
غير ما شاهدٍ له بالذكاءِ
كشفَتْ منك حاجتي هَنواتٍ
غُطِّيتْ برهةً بحسن اللقاءِ
تركتْني ولم أكن سَيِّئَ الظننِ
أسيءُ الظنونَ بالأصدقاءِ
قلت لمّا بدتْ لعينيَ شُنْعاً
رُبَّ شوهاءَ في حَشا حسناءِ
أبيات من قصيدة قد قلت للعذال عند تتبعي
قد قلت للعذَّالِ عند تَتَبُّعي
بالقصِّ شيباً كلَّ يوم يَحدثُ
كثر الخبيثُ من النبات فهُذِّبتْ
منه الأَطايبُ وهي بعدُ ستَخبُثُ
وإخال أنِّي للخضاب محالفٌ
وَهُوَ المحالف لا محالَةَ ينكثُ
أضحى الزمانُ بلمتي مُتَعَبِّثاً
وأمامَ أحداثِ الزمان تَعَبُّثُ
ولما كُرِثْتُ لأن شَيْبيَ شائعٌ
لكنَّ ما يَجْنِي ويُعقِبُ يُكْرِثُ
قصيدة يا للرجال توسموا وتبينوا
يا لَلرجالِ توسّموا وتبيَّنوا
في خالدٍ شبهًا منَ الحجاجِ
إغضاؤُهُ عمَّن يُقرُّ ذنبه
وحلول نقمته بكلِّ مُداجِ
رجل يحب الصادقين لصدقهم
والصدقُ أفضل نَجوةٍ للناجي
صدقتْهُ أمُّ عياله عمّا به
من شهوة الإِيلاج والإِخراجِ
فأباحها شهواتِها وأَجَرَّها
حبلَ السِّفاح كأكرم الأزواجِ