تحليل دلالة آية “إن كيدكن عظيم” في القرآن الكريم

تحليل وتوضيح لآية ‘إن كيدكن عظيم’ في سورة يوسف. من قائلها؟ وما هو السياق الذي ذكرت فيه؟ استكشاف للمعنى والتفسير الصحيح للآية الكريمة.

توضيح معنى “إن كيدكن عظيم”

يشير الكيد في اللغة العربية إلى التدبير الخفي، والمكر، والاحتيال بهدف تحقيق غاية معينة. وعندما يُنسب الكيد إلى النساء، كما في الآية الكريمة، فإنه يدل على قوة تدبيرهن ومكرهن. ولا ينبغي فهم هذا على أنه تعميم سلبي، بل هو وصف لقدرة كامنة قد تستخدم في مواقف معينة.

وقد ذكر المفسرون أن هذا الوصف ليس بغريب عندما صدر من زوج امرأة العزيز، وذلك بسبب ما رأى من قرائن تدل على مكرها. وذكر النسفي في تفسيره: “لأنهن ألطف كيداً وأعظم حيلة وبذلك يغلبن الرجال”.

من المتحدث بعبارة “إن كيدكن عظيم”؟

وردت هذه العبارة، “إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ”، على لسان العزيز، زوج المرأة التي راودت يوسف عليه السلام، وذلك بعد أن رأى القميص ممزقًا من الخلف، مما دلّ على براءة يوسف عليه السلام وكذب ادعاء زوجته. وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في سورة يوسف، قال الله -تعالى-:(فَلَمّا رَأى قَميصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظيمٌ).

كما قيل أن قائل هذه العبارة هو الشاهد الذي حكم بين يوسف وامرأة العزيز.

الظروف المحيطة بذكر آية “إن كيدكن عظيم”

جاءت هذه العبارة في سياق قصة يوسف عليه السلام وامرأة العزيز. فبعد أن راودته عن نفسه وأبى واستعصم بالله، وهمّ بالخروج من الباب، لحقت به وحاولت منعه، فمزقت قميصه من الخلف. وعندما وصلا إلى الباب، وجدا العزيز، زوجها، هناك.

فبادرت المرأة باتهام يوسف بأنه هو الذي أراد بها سوءًا، ولكن الله قيّض شاهدًا من أهلها شهد بالحق، فإذا كان قميصه قد قُدَّ من قُبل، فهي صادقة وهو كاذب، وإن كان قميصه قد قُدَّ من دبر، فهي كاذبة وهو من الصادقين. فلما رأى العزيز أن القميص قد قُدَّ من الخلف، علم أن امرأته هي الكاذبة، وأن يوسف عليه السلام بريء، فقال:(إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).

وقد وردت القصة في القرآن الكريم في سورة يوسف، حيث قال الله -تعالى-:(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ* وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ* وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ* قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ *وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأى قَميصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).

خلاصة البحث

الراجح أن قائل عبارة “إن كيدكن عظيم” هو العزيز، زوج المرأة التي راودت يوسف عليه السلام. وقد قيلت هذه العبارة في سياق اتهام امرأة العزيز ليوسف بمحاولة الاعتداء عليها، بينما كان هو بريئًا. ولا ينبغي فهم هذه العبارة على أنها وصف عام لقدرات المرأة، بل هي إشارة إلى المكر الذي استخدمته امرأة العزيز في موقف معين للدفاع عن نفسها وتبرئة ساحتها.

المصادر

  1. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 258. بتصرّف.
  2. عبدالكريم يونس، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 1261. بتصرّف.
  3. النسفي (1998)، تفسير النسفي (الطبعة 1)، بيروت: دار الكلم الطيب، صفحة 106، جزء 2.
  4. سورة يوسف، آية: 28
  5. جلال الدين المحلي، الجلالين، صفحة 307. بتصرّف.
  6. البغوي، تفسير البغوي، صفحة 235. بتصرّف.
  7. أبجعفر شرف الدين، الموسوعة القرانية خصائص السور، صفحة 129. بتصرّف.
  8. سورة يوسف، آية: 23-28
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

إيضاح معاني الآية (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله)

المقال التالي

فهم معاني آية الحجاب في سورة النور

مقالات مشابهة