تحليل المسألة الأكدرية في علم الفرائض

شرح مفصل للمسألة الأكدرية في علم المواريث، أسباب تسميتها، وأوجه اختلافها عن غيرها من مسائل الميراث، بالإضافة إلى كيفية حلها وفق آراء الفقهاء.

دلالات تسمية المسألة الأكدرية

تعددت الروايات حول سبب تسمية هذه المسألة بـ “الأكدرية”، وكلها تشير إلى صعوبتها وتعقيدها. فيما يلي بعض هذه التفسيرات:

  • قيل أنها سُميت بذلك لأنها سببت إشكالاً وصعوبة لعلماء الفرائض والمواريث، أي أنها كانت عسيرة الفهم والاستنباط.
  • ورد أنها سُميت بهذا الاسم لأنها خالفت أصول زيد بن ثابت في التوريث، ما أدى إلى “تكدر” أصوله وقواعده.
  • ذكر أيضاً أن التسمية جاءت لأن الجد في هذه المسألة يكدّر نصيب الأخت من الميراث.
  • روي أن المسألة حدثت بالفعل لامرأة ماتت من قبيلة بني أكدر، وتركت زوجاً وأماً وجداً وأختاً، فنسبت المسألة إليها.
  • قيل إن عبد الملك بن مروان سأل رجلاً من قبيلة الأكدر عن حكمها، فأفتى خطأً بناءً على مذهب زيد، فنسبت إليه.

أوجه الخلاف بينها وبين مسائل الإرث الأخرى

تتميز المسألة الأكدرية بوجود اختلافات عن القواعد العامة للميراث المتعلقة بالجد والإخوة، وتتلخص هذه الاختلافات في النقاط التالية:

  • في حالة اجتماع الإخوة مع الجد: وفقًا لقواعد الميراث التقليدية، إذا اجتمع الإخوة مع الجد ولم يتبق من الميراث سوى السدس، فإن الإخوة يسقطون ويرث الجد كامل المبلغ المتبقي. ولكن في المسألة الأكدرية، لم يتم إسقاط الأخت، بل أُشرِكت مع الجد في الميراث.
  • العول في المسألة: الأصل في مسائل الإرث التي يكون فيها الإخوة مع الجد ألا يحدث فيها عول. بينما في المسألة الأكدرية، يحدث العول.
  • نصيب الأخت: في مسائل الميراث الأخرى (باستثناء المسألة المعادة)، لا يُفرض للأخت نصيب محدد. أما في المسألة الأكدرية، فقد تم تخصيص نصيب لها من الميراث.

تكوين المسألة الأكدرية

تتكون المسألة الأكدرية من أربعة ورثة محددين، وتظهر عندما:

تموت امرأة وتترك: زوجاً، وأماً، وجداً، وأختاً شقيقة أو لأب. وكل هؤلاء الورثة هم من أصحاب الفروض.

تجدر الإشارة إلى أن الجد في بعض الحالات يمكن أن يكون عصبة بنفسه في حال عدم وجود الفرع الوارث. والأخت الشقيقة أو لأب يمكن أن تكون عصبة مع الغير إذا اجتمعت مع البنات أو بنات الابن.

في هذه الحالة، يكون نصيب الزوج هو النصف، ونصيب الأم هو الثلث، ونصيب الجد هو السدس، ونصيب الأخت هو النصف.

طرق حل المسألة الأكدرية

اختلف الفقهاء في طريقة حل هذه المسألة، وفيما يلي ملخص لآرائهم:

  • رأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه: يرى أبو بكر الصديق عدم توريث الأخت في هذه المسألة، لأن أصل المسألة من ستة أسهم، فيأخذ الزوج ثلاثة أسهم، والأم سهمين، والجد سهم واحد، ولا يتبقى شيء للأخت.
  • رأي عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: يريان أن الأم ترث السدس بدلاً من الثلث. وبذلك يصبح توزيع الإرث كالتالي: للزوج النصف، وللأم السدس، وللجد السدس، وللأخت النصف. فيصبح أصل المسألة من ستة أسهم وتعول إلى ثمانية أسهم.
  • رأي علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وأتباع المذاهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي: يرون أن للزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس. وبذلك يصبح أصل المسألة ستة أسهم وتعول إلى تسعة أسهم. ويتم تقسيم السهام بعد العَول كالتالي: يأخذ الزوج النصف، والأم الثلث، ويتم تقسيم الباقي بين الجد والأخت، وذلك بضم نصف الأخت وسدس الجد معًا وتقسيمهما بينهما بالتساوي، بحيث يأخذ كل واحد منهما ثلثي الباقي.

وبالتالي، يصبح عدد الأسهم أربعة، وهي لا تقبل القسمة على الجد والأخت دون كسور. لذا، يتم النظر إلى العددين (3 و 4)، وبما أنهما متباينين، يتم ضرب عدد الرؤوس (3) في عدد الأسهم بعد العول (9)، أي: 3 × 9 = 27. ويكون النصيب النهائي كالتالي: الزوج تسعة أسهم، والأم ستة أسهم، والجد ثمانية أسهم، والأخت أربعة أسهم.

قال تعالى في سورة النساء:

“يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”

وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر”

المراجع

  • الموسوعة الفقهية الكويتية.
  • عبد الله الطيار، الفقه الميسر.
  • وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته.
  • ابن شحنة، لسان الحكام.
  • موفق الدين بن قدامة، المغني.
Total
0
Shares
المقال السابق

السمات المميزة للهضاب وتصنيفاتها

المقال التالي

الخلاف في المسألة العمرية

مقالات مشابهة