فهرس المحتويات
تمهيد عن رواية الطنطورية
تستعرض الكاتبة القديرة رضوى عاشور من خلال رواية الطنطورية، أحداثًا تاريخية مؤلمة عاشتها فلسطين. تبدأ الرواية بتصوير الحياة المستقرة نسبيًا في فلسطين، ثم تتطور الأحداث بسرعة لتصل إلى قرار تقسيم فلسطين الظالم. يتركز جزء كبير من الأحداث حول منطقة الطنطورية و الشريط الساحلي الممتد من جنوب عكا إلى جنوب يافا، و كيف أصبحت هذه المناطق جزءًا من الأراضي التي سيطر عليها اليهود. كرد فعل طبيعي، انتفض الفلسطينيون دفاعًا عن أرضهم وكرامتهم، و استعدوا بكل ما أوتوا من قوة لمواجهة هذا العدوان السافر. تجسدت هذه الأحداث في مجموعة من الشخصيات التي سنقوم بتحليلها في هذا المقال.
استعراض شخصية الراوي
ما يميز هذه الرواية هو وجود راوٍ يلعب دورًا محوريًا في نقل الأحداث. هذا الراوي، الذي يجسد شخصية حسن، يُعتبر من أبرز الشخصيات في الرواية. يقوم حسن بدور مهم، حيث يقترح على والدته أن تبدأ في سرد قصتها المليئة بالشجاعة والتضحية، و التي تعكس القيم الوطنية الأصيلة. يعتبر حسن هو الراوي المباشر الذي يتولى مهمة نقل الأحداث للقارئ.
من منظور عالمي، يمكن اعتبار شخصية الراوي والشخصية التي يتم سرد قصتها (الأم في هذه الحالة) كشخصيتين متكاملتين. في رواية الطنطورية، يمثل حسن الراوي المباشر، وفي بعض الأحيان، تتبادل الأم وحسن الأدوار في السرد، مما يعطي للرواية بعدًا إضافيًا. بالنظر إلى دور حسن كالراوي الرئيسي، يمكن القول بأن رواية الطنطورية هي عمل أدبي فريد من نوعه، يحمل بصمة الكاتبة رضوى عاشور.
تحليل شخصية رقية
تعتبر رقية بطلة الرواية و شخصية خيالية ابتكرتها الكاتبة رضوى عاشور. تروي رقية قصتها بطرق مختلفة، أحيانًا بالتذكر وأحيانًا باستحضار الأحداث وإعادة فحصها. تجسد رقية مزيجًا من الشخصية الخيالية والشخصية التاريخية المعروفة. تتحدث رقية عن والدتها وأخواتها وزوجها وأطفالها، وهم جميعًا شخصيات خيالية لا وجود لها في الواقع.
تبدأ أحداث قصة رقية باستعراض طفولتها في قرية الطنطورة الهادئة. رقية هي امرأة قروية بسيطة عاشت طفولتها وشبابها في هذه القرية، دون أن تتوقع أبدًا المصير المأساوي الذي ينتظرها. تنتهي القصة بالمذبحة المروعة والطرد الوحشي والهروب إلى لبنان، ثم الحياة القاسية في المخيمات، واحتلال لبنان. كل هذه الأحداث هي حقائق تاريخية موثقة. تتداخل في هذه الأحداث تفاصيل الواقع الفلسطيني المؤلم مع خيال الكاتبة المبدع. وصفت الكاتبة رضوى عاشور نفسها من خلال شخصية رقية وأظهرت بصفة الغائب نفسها.
تمثل شخصية رقية واقع كل فتاة فلسطينية، وتصف المعاناة التي عاشها الفلسطينيون من حروب ونكبات. كيف تشتت العائلات الفلسطينية في الحروب. بدأت حياة رقية بالنكبة الفلسطينية، وبعد اغتصاب أراضي الفلسطينيين اضطرت رقية وعائلتها إلى الهروب إلى لبنان، وتصف ما عاشته هناك في المخيم واضطراراها إلى الخروج منه بعد الحروب الأهلية فيها.
نظرة على شخصية أبو صادق
أبو صادق هو والد بطلة القصة، رقية. تظهر شخصيته بوضوح عندما ينشأ أول خلاف عائلي بينه وبين أخيه، أبو الأمين. يقرر أبو الأمين الرحيل إلى صيدا عن طريق البحر لإنقاذ الأطفال الصغار والنساء على الأقل، وذلك بعد أن رأى كيف احتلت القوات اليهودية مدينة حيفا في وقت قصير جدًا. يتخوف أبو الأمين من أن مصير الطنطورة سيكون مشابهًا لمصير حيفا.
أما عن موقف أبي الصادق، فلم يستطع الذهاب والتخلي عن قريته الطنطورة. وقال: حيفا نصفها يهود، هم على الجبل ونحن في السهل، وضعنا يختلف، ظل أمل أبو الصادق بأن الشباب سيحمون بلدتهم، ووضعوا خطة للحراسة موزعة على الشمال والجنوب والشرق في كل أنحاء القرية، والقرى التي تقع في الجبل عرب لا يهود. لم يستطع أبو الصادق فعل ما فعله أبو الأمين، فقد بقي هي وزوجته وأولاده وعائلته، وقال لابو الأمين: بأنه حر بأهل بيته، أما في القرى المجاورة للطنطورية والتي بعثت الأمل في نفس أبي الصادق، كقرية أهل عين غزال وجبع، والذي صدوا الهجوم وفأمن أبو الصادق أن شباب قريته ليسو أقل منهم، وأنهم يستطيعون الدفاع عن قريتهم مجتمعين.