المحتويات:
خصائص فريدة في شخصية الزين
يعتبر الزين، بطل رواية “عرس الزين”، من أبرز الشخصيات التي تحمل سمات استثنائية. منذ ولادته، تميز بتكوينه الجسدي وتصرفاته غير المألوفة. تجسدت غرابة مظهره في عظام بارزة، جبهة متقدمة، عينين صغيرتين وغائرتين مع احمرار دائم، بالإضافة إلى غياب الحاجبين، الأجفان، اللحية، والشارب. هذا الوصف يعكس قبحًا شديدًا لا يمت بصلة للشخص العادي، ولم يكتف الكاتب بهذه التفاصيل، بل أضاف إليها أوصافًا أخرى لا تقل غرابة.
كان المظهر الخارجي للزين مثيرًا للدهشة؛ عنق طويل ينافس الزرافة، ذراعان طويلان كذراعي القرد، ساقان نحيلتان كأرجل الكركي، عينان تشبهان عيني الفأر، وقديمان مسطحتان تحملان ندوبًا قديمة. أما ضحكته، فكانت كنهيق الحمار، حيث يستلقي على ظهره ويضرب الأرض بيديه ويرفع رجليه في الهواء، ويستمر في الضحك بشكل هستيري.
ومن اللافت في هذه الشخصية وجود جانبين متناقضين: جانب يظهر الرحمة تجاه المعاقين والمهمشين، وجانب آخر يتمثل في شاب عابث يغازل النساء ويدعي الحب لكل واحدة منهن. هذه الصورة الأخيرة هي التي يفضلها الناس ويألفونها، لأنها لا تثير الخوف أو التأمل أو الشعور بالذنب.
تفرد في تكوين نعمة
تعد نعمة، ابنة عم الزين، ثاني أهم شخصية في الرواية، وقد قلبت الموازين وغيرت المفاهيم. كانت أجمل فتاة في القرية وأكثرهن قوة وثراء واحترامًا. عانى أهلها كثيرًا بسبب رفضها لجميع من تقدموا لخطبتها. لكن الأمر الأكثر غرابة كان زواجها من الزين، حيث ذهبت إلى بيته وأخبرته أمام والدته بأنهما سيتزوجان يوم الخميس.
لم تكن نعمة فتاة تقليدية، فقد أجبرت والدها على إلحاقها بالكُتّاب لتعلم القرآن، فكانت الفتاة الوحيدة بين الأولاد. لكنها توقفت عن الذهاب لاحقًا، معتقدة أن التعليم في “المدارس كله طرطشة”. كانت الفتاة الوحيدة التي يحترمها الزين، فلا يتحدث عنها بسوء أو يعبث معها. وإذا رآها من بعيد تراقبها بعيون حادة وغاضبة، يهرب من أمامها ويترك لها الطريق.
من المرجح أن زواج نعمة من الزين يعود إلى عنادها واستقلالها في الرأي، أو ربما بدافع الشفقة عليه، أو تحت تأثير التضحية، وهو أمر يتماشى مع طبيعتها. بين هذين القطبين، نعمة والزين، تتوالى الأحداث عبر كل منهما وعبر كل من يمسهما من البشر والمعتقدات.
صفات الشيخ الحنين المتميزة
يلعب الحنين دور الرجل الصوفي، والناسك المتجول، والولي الصالح. يتميز بعطفه على المهمشين في القرية، وله تأثير كبير في حياة الزين، كما يمثل السلطة الروحية الحقيقية. يحيط الغموض بحياته، فلا أحد يعرف أين يذهب أو ماذا يأكل ويشرب، وما يحمله من زاد في رحلاته الطويلة.
الأمر الغريب أنه يظهر فجأة في اللحظات الحرجة، فهو الذي منع الزين من قتل سيف الدين بعد فشل ستة رجال أقوياء في فك قبضته، وذلك بعد أن قال له “الزين المبروك الله يرضى عليك”. وإذا دعا للقرية بالخير، يعم الخير والرخاء بصورة لا مثيل لها.
إن الحنين هو المحرك الأساسي لأحداث الرواية من خلال نبوءاته ودعواته، فقد سقط الثلج لأول مرة، وأنجبت النساء اللاتي يئسن من الإنجاب، وارتفع سعر القطن ارتفاعًا كبيرًا. كانت الحكايات التي يتناقلها الناس عنه مليئة بالعجائب، فقد أقسمت مجموعة من الأشخاص أنهم رأوه في أماكن متباعدة ومختلفة في الوقت نفسه.
لم يفهم أحد سر العلاقة بينه وبين الزين، فالحنين نادرًا ما يتحدث مع أحد من أهل البلدة، ولكنه يأنس للزين فقط. فإذا رآه قادمًا أسرع إليه وعانقه، ويتبادل الزين معه نفس الحب والاحترام. وهذا ما كان يثير حيرة أهل القرية، فالحنين لا يأكل طعامًا ولا يقيم في بيت أحد سوى الزين.
طبيعة شخصية الإمام
الإمام هو الرجل الذي انقسمت البلدة بسببه إلى ثلاثة معسكرات. لم يكن لديه حقل أو تجارة، وهذا ما أبعده عن أهل البلد الذين اعتبروه عاطلاً عن العمل، على الرغم من أنه كان يعلم صبيانهم. كان يذكرهم بأمور يفضلون نسيانها، مثل الموت والآخرة والفرائض. كان الشخص الوحيد الذي يكرهه الزين وينزعج من وجوده، فتراه يسب ويصرخ ويتعكر مزاجه.
تحولات في شخصية سيف الدين
سيف الدين هو الشاب الثري الذي نشأ مستهترًا في عبث دائم حتى طرده والده. على الرغم من أنه أقل الشخصيات ظهورًا في الرواية، إلا أنه كان الأكثر تأثيرًا. تحول بعد شجاره مع الزين، فأصبح متدينًا ومصليًا. فبعد أن كان زعيم الشر في البلدة، تاب وترك جميع صداقاته القديمة.
المصادر
- أبتسعدية عمر (2/4/2021)،”عجائبية الحدث والشخصية في رواية عرس الزين للطيب صالح”،المجلة العربية للنشر العلمي، العدد 30، صفحة 518. بتصرّف.
- أبتمحي الدين صبحي، رجاء النقاش، علي الراعي وآخرون،الطيب صالح عبقري الرواية العربية، صفحة 27. بتصرّف.
- أبتثجحهجيرة مشروك، لامية عجمي،الشخصية في رواية عرس الزين للطيب صالح، صفحة 59. بتصرّف.
