فهرس المحتويات
مقدمة حول نهاية الدولة الأموية
تعتبر نهاية الدولة الأموية نقطة تحول هامة في تاريخ الإسلام. فبعد صعودها وتوسعها، واجهت الدولة سلسلة من التحديات الداخلية والخارجية التي أدت في النهاية إلى سقوطها. وتمثل معركة الزاب نقطة فاصلة في هذا التاريخ.
شهدت هذه المعركة مواجهة حاسمة بين جيش الخليفة العباسي الأول، عبد الله السفاح، وجيش الخليفة الأموي الأخير، مروان الثاني بن محمد. وقعت المعركة بالقرب من نهر الزاب في منطقة الموصل، وأسفرت عن هزيمة ساحقة لمروان الثاني واضطراره للفرار. لاحقه العباسيون حتى تمكنوا من قتله في مصر عام 132 هـ (749 م). بهذا الانتصار، أحكم العباسيون سيطرتهم على معظم أراضي الدولة الإسلامية باستثناء الأندلس.
الأحداث الحاسمة في أفول نجم الأمويين
تراكمت مجموعة من العوامل والأحداث التي ساهمت في سقوط الدولة الأموية، ويمكن إبراز أهم هذه الأحداث فيما يلي:
أهمية دور الموالي
الموالي هم غير العرب الذين دخلوا الإسلام، وينتمون إلى أصول مختلفة مثل الروم والفرس. تم دمجهم في المجتمع الإسلامي من خلال نظام الولاء القبلي. لعب الموالي دورًا حيويًا في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك التجارة، والحرف، وإدارة الدواوين، وبيت المال، والمناصب الحكومية الهامة، مما أثر بشكل ملحوظ في السياسات العربية.
في مجال التعليم، كان للموالي إسهامات كبيرة في العلوم الشرعية، مثل الدراسات القرآنية، والسيرة النبوية، والفقه. شاركوا في جمع أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والشعر الجاهلي.
في أواخر العصر الأموي، عملوا كمدرسين خصوصيين لأبناء الخلفاء. وفي المجال العسكري، بدأوا كخدم وحراس، ولكن مع مرور الوقت، أصبحوا جزءًا من حاشية الحكام وقادة عسكريين في بعض الحالات، كما هو الحال مع القائد العسكري طارق بن زياد.
التركيبة القبلية للجيش وأثرها
أثرت النزاعات القبلية بشكل كبير على التنظيم الأساسي وإدارة الجيش الإسلامي خلال فترة الحكم الأموي. يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في الأندلس، حيث كان الجيش يتألف من أعراق وقبائل متنوعة، بما في ذلك:
- العرب: تألفوا من الجند الشامي والجند البلدي (المقيم). كان الجند الشامي يتمتع بأولوية على الجند البلدي في العديد من الأمور، مثل العطاء المالي والدخول على الأمراء والخلفاء الأمويين.
- المماليك (الصقالبة): وهم القادمون من المناطق الممتدة من بحر قزوين. كان الأمير عبد الرحمن الداخل أول من بدأ بدمج المماليك في الجيش في الأندلس، وحذا حذوه الأمير هشام بن عبد الرحمن الداخل، الذي جعل حرسه الخاص من المماليك. استمر الأمراء من بعده على هذا النهج، حتى أصبح المماليك قوة عسكرية مهمة وتولوا مناصب قيادية.
- البربر: في بداية الدولة الأموية في الأندلس، عمل البربر كمرتزقة مقابل الأجر. كان الأمير عبد الرحمن الداخل مسؤولاً عن جلب العديد منهم، ولكن الأمراء الذين خلفوه لم يستمروا في هذا النهج بنفس القدر الذي حدث مع المماليك.
- الحشم: كان لديهم مسؤول خاص يُعرف باسم “صاحب الحشم” أو “الناظر في الحشم”، ويتمتع برتبة وزير. تضمنت مهامهم تعبئة العساكر، والإشراف على الجنود وتنظيمهم، والمشاركة الفعالة في المعارك. كما أوكلت إليهم بعض المهام الخاصة، مثل تشكيل طلائع رئيسة للجيش لتمهيد الطريق أمامه والسيطرة على الحصون بعد فتحها.
توحيد خصوم الأمويين
واجه الأمويون معارضة من عدة فئات، بما في ذلك اليمنيين، والأنصار (سكان المدينة المنورة)، والقبائل العدنانية، والهاشميون من قريش، بالإضافة إلى الخوارج. تمكن معاوية بن أبي سفيان من توحيد هذه القبائل في عهده وتخفيف حدة العصبيات بينها. ومع ذلك، بعد وفاته، عادت العصبيات إلى الظهور وتسببت في تحالف وعداء ضد الحكم الأموي.
قيام ثورة العباسيين والمعارك الفاصلة
انطلقت الثورة العباسية المسلحة ضد الحكم الأموي من خراسان بقيادة أبي مسلم الخرساني. خاض العباسيون العديد من المعارك ضد الجيوش الأموية ونجحوا في التصدي لها جميعًا. انتهت هذه المعارك بسقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.
النتائج المترتبة على سقوط الخلافة الأموية
استمر حكم الأمويين لمدة 91 عامًا هجريًا، وتناوب على السلطة 14 خليفة، بدءًا بمعاوية بن أبي سفيان (مؤسس الدولة) وانتهاءً بمروان بن محمد. بعد معركة الزاب ومقتل آخر خلفاء الأمويين، تولى العباسيون الحكم وسيطروا على معظم أراضي الدولة الإسلامية باستثناء الأندلس.
قام العباسيون بملاحقة بني أمية وقتلهم، مما أدى إلى فرار العديد منهم. حاولت الدولة العباسية السيطرة على الأندلس وانتزاعها من حكم عبد الرحمن الداخل، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل.
تركت الدولة الأموية إرثًا إسلاميًا وحضاريًا غنيًا، وساهمت في مختلف المجالات مثل العلوم والثقافة، وغيرها من الجوانب التي سجلها التاريخ.
المراجع
- أحمد معمور العسيري (1996)، موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (الطبعة 1)، السعودية: مكتبة فهد الوطنية، صفحة 176، جزء 1.
- مجموعة من المؤلفين (1998)، موجز دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة 1)، الإمارات: مركز الشارقة للإبداع الفكري، صفحة 315، جزء 31.
- سالم بن عبد الله الخلف (2003)، نظم حكم الأمويين ورسومهم في الأندلس (الطبعة 1)، السعودية: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 489-498، جزء 2.
- أنستاس الكرملي، مجلة لغة العرب العراقية، العراق: وزارة الإعلام العراقية، صفحة 405، جزء 6.
- عبد الشافى محمد عبد اللطيف، السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي (الطبعة 1)، القاهرة: دار السلام، صفحة 343.
- عبد الشافى محمد عبد اللطيف، السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي (الطبعة 1)، القاهرة: دار السلام، صفحة 327.