تحليلات في سورة لقمان: نظرات معمقة

دراسة لسورة لقمان تتناول معاني القرآن، صفات المؤمنين، مآل المكذبين، جزاء المحسنين، دلائل القدرة الإلهية، نصيحة لقمان في تجنب الشرك، وأهمية الإحسان إلى الوالدين.

القرآن الكريم وخصائص المؤمنين

افتتحت سورة لقمان بالحديث عن القرآن الكريم وبيان صفات المؤمنين. فيما يلي تفصيل لهذه الآيات:

قال الله -عز وجل-:(الم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)[٢]، وتعني هذه الآية أن هذه هي آيات الكتاب المحكم الذي فصلت آياته بالتشريعات والأوامر والنواهي.

وذكر في قوله -تعالى-:(هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)[٣] أن آيات القرآن الكريم تحمل الهداية والرحمة للمؤمنين المتقين.

أما في قوله -سبحانه-:(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)[٤]، فقد أوضح أنهم الذين يؤدون الصلوات المفروضة عليهم، ويدفعون الزكاة للمستحقين، ويؤمنون إيماناً قاطعاً باليوم الآخر.

ثم أردف -جل شأنه-:(أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[٥]، مبيناً أنهم على طريق الهداية والخير، وأنهم الفائزون بالجنة.

مصير المكذبين بالقرآن

قال الله -تعالى-:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ* وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).[٦]

يذكر أن هذه الآيات نزلت في النضر بن الحارث، وهو من كبار كفار مكة، حيث قام بشراء مغنية في بداية الدعوة الإسلامية، وأرسلها إلى من يريد الدخول في الإسلام، قائلاً لها: غني له وأطعميه حتى يعلم أن هذا الغناء خير مما يدعو إليه محمد.[٧]

وتشير هذه الآيات إلى أن بعض الناس يشتري الحديث الملهي، وهو الكلام الفارغ الذي يصد عن ذكر الله، كالغناء والملاهي، وذلك ليضلوا الآخرين عن طريق الحق، ويجعلوا آيات الله عرضة للاستهزاء والسخرية. فمصير هؤلاء سيكون العذاب المهين.[٧]

ومن سمات هؤلاء الذين تتحدث عنهم الآيات وأمثالهم، أنهم إذا سمعوا كلام الله أعرضوا عنه وتكبروا، وكأنهم صم لا يسمعون شيئاً. فهؤلاء ينتظرهم عذاب أليم يتناسب مع كبريائهم وغرورهم.[٧]

أجر المؤمنين بالقرآن

قال الله -تعالى-:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ* خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَعْدَ اللهِ حَقًّا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[٨]

أما الذين جمعوا بين الإيمان في قلوبهم والأعمال الصالحة في حياتهم، فإن لهم جنات النعيم جزاءً من الله. وهذا وعد الله الحق الذي لا يتخلف، فهو -سبحانه- العزيز الحكيم، الذي يكتب التوفيق والهداية لمن يشاء حسب علمه وحكمته.[٩]

إشارات قدرة الخالق في خلقه

تتناول سورة لقمان بعض الأدلة على قدرة الله في خلقه. فيما يلي توضيح للآيات المتعلقة بهذا الجانب:

قال -تعالى-:(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)[١١]، مبيناً عظمة الله في خلق السماوات بلا عمد، وجعل في الأرض جبالا راسخة حتى لا تضطرب، وخلق فيها أنواع الدواب، وأنزل المطر وأنبت النباتات الطيبة.

ثم تساءل -عز وجل-:(هَٰذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)[١٢]، مؤكداً أن كل هذا من خلق الله وحده، أما آلهة الكافرين فلم تخلق شيئاً. فمن يعبد غير الله فقد ظلم نفسه بترك عبادة الخالق الحق.

نصيحة لقمان في الابتعاد عن الشرك

قال -تعالى-:(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ* وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).[١٣]

لقمان هو أحد الصالحين الذين ذكرهم القرآن الكريم. تخبرنا الآية أن الله وهب لقمان الحكمة، وهي العلم والفهم والقول والفعل الصائب، وأمره بشكر هذه النعمة. فمن يشكر الله فإنما يشكر لنفسه، لأن الله سيجازيه على شكره بالخير.[١٤]

أما من كفر، فالله غني عن شكره، والحمد المطلق له وحده.[١٤]

ثم تذكر الآيات نصيحة لقمان لابنه بأن لا يشرك بالله شيئاً، فالشرك ظلم عظيم يقود صاحبه إلى الهلاك.[١٤]

الإحسان إلى الوالدين امتثالا لأوامر الله

تحث بعض آيات سورة لقمان على الإحسان إلى الوالدين. فيما يلي شرح لهذه الآيات:

قال -تعالى-:(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[١٦]، مبيناً أن الله أمر بني آدم بالإحسان إلى الوالدين، فالأم تحمل جنينها وتتحمل المشقة والتعب، وترضعه سنتين بعد الولادة. وأمرهم بشكره وشكر الوالدين، وأخبرهم أن إليه المصير.

وجاء في قوله -جل شأنه-:(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[١٧]، أن على الولد ألا يطيع والديه إن أمراه بالشرك بالله، بل يصاحبهما بالمعروف ويطيعهما في الخير، ويتبع طريق الصالحين. فإلى الله المرجع، وهو الذي سيجازي عباده على أعمالهم.

شمولية علم الله

قال -تعالى-:(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ۚ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).[١٨]

تخبرنا هذه الآية أن الله يعلم كل ما يفعله عباده من خير وشر، حتى لو كان الفعل صغيراً كحبة خردل وموجوداً في أي مكان. فالله هو اللطيف الخبير العليم بكل شيء.[١٩]

التحلي بمكارم الأخلاق

إن الالتزام بأوامر الله والتحلي بالأخلاق الحميدة يميز المؤمنين عن غيرهم. وقد تناولت سورة لقمان هذه المعاني. فيما يلي شرح للآيات المتعلقة بذلك:

قال -تعالى-:(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[٢١]، موصياً ابنه بإقامة الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على المصائب. فذلك من الأمور التي أمر الله بها.

ونهى في قوله -تعالى-:(وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)[٢٢]، عن احتقار الناس والتكبر عليهم، وذكر أن الله لا يرضى بالمتكبرين.

ثم أرشده في قوله -تعالى-:(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)[٢٣]، إلى المشي باعتدال والتحدث بصوت متوسط، لأن الأصوات العالية مزعجة.

آيات الله دليل على الكافرين

توضح سورة لقمان أن آيات الله ودلائل قدرته هي حجة على الكافرين. فيما يلي شرح للآيات المتضمنة لهذا المعنى:

قال -تعالى-:(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)[٢٥]، مبيناً أن الله سخر لعباده كل ما في السماء والأرض، وأحاطهم بالنعم الظاهرة والباطنة. ومع ذلك، فإن البعض يترك عبادة الله ويعبد الأوثان بلا دليل.

وأوضح -جل جلاله-:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ)[٢٦]، أنه إذا قيل لهؤلاء المعاندين اتبعوا الحق الذي أنزله الله، يقولون بل نتبع ما كان عليه آباؤنا من عبادة الأوثان. فالشيطان يدعوهم بفعلهم هذا إلى عذاب السعير.

وبين في قوله -تعالى-:(وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[٢٧]، أن من يعبد الله وحده ويحسن في عبادته، فقد استمسك بالعروة الوثقى وهي “لا إله إلا الله”. وإلى الله مصير الأمور في الآخرة.

ثم طمأن نبيه الكريم بقوله -تعالى-:(وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[٢٨]، بعدم الحزن بسبب استمرار البعض على الكفر، فالجميع سيرجعون إلى الله وسوف ينبئهم بما عملوا، فهو العليم بالبواطن.

وأردف -سبحانه-:(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ)[٢٩]، مبيناً أنه سيمتع هؤلاء بالدنيا إلى حين، ثم يكون جزاؤهم العذاب.

وأقام الحجة عليهم بقوله -تعالى-:(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[٣٠]، أنه إذا سئل المشركون من خلق السماوات والأرض، فسيقولون أنه الله. ومع اعترافهم هذا فهم مستمرون على الكفر، ولهذا فالمسلم يقول الحمد لله على ما هداه الله من الحق.

واختتم حديثه بقوله -تعالى-:(لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[٣٢]، مؤكداً أن جميع ما في السماوات والأرض هو لله وحده، وهو الغني عن عباده وكلهم محتاجون إليه، وهو المحمود في ذاته وصفاته.

علامات الله في الكون

فيما يلي تفسير للآيات التي تحدثت عن قدرة الله وحكمته في سورة لقمان:

قال -تعالى-:(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ ۗ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[٣٤]، مبيناً أنه لو أن جميع الشجر في الأرض تحول إلى أقلام والبحر ومعه سبعة أبحر أخرى أصبحوا مداداً لكتابة كلمات الله، لنفد المداد والأقلام ولم تنته الكلمات، فهو الذي لا يعجزه شيء ولا يخرج شيء عن علمه وحكمته.

وجاء في قوله -تعالى-:(مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)[٣٥]، أن خلق جميع العباد هو كخلق نفس واحدة بالنسبة لله، وكذلك الحال فيما يخص بعثهم، وهو الذي يسمع كل مسموع ويبصر كل شيء في وقت واحد.

وأوضح -جل شأنه-:(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[٣٦]، أنه يدخل الليل بالنهار فيزيد أحدهما بما ينقص الآخر، والشمس والقمر يجريان في فلكهما المحدد إلى قيام الساعة.

وأكد في قوله -تعالى-:(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)[٣٧]، أن الله هو الحق الثابت، وما يعبد الكفار هو باطل، وأن الله هو العلي الذي قهر جميع مخلوقاته.

ثم دعا للتفكر في قوله -تعالى-:(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)[٣٨]، مبيناً أن جريان السفن في البحر هو من نعم الله. ومن يعتبر بهذا ويشكر الله على النعم هو كل صبار عن المعاصي شكور للنعم.

وأخبرنا في قوله -تعالى-:(وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)[٣٩]، أنه إذا أحاط الكفار موج عظيم كالجبال، فإنهم سيلجأون إلى الله، فإذا حصلت لهم النجاة فمنهم من يبقى على إيمانه، ومنهم من يعود إلى كفره، ولا يجحد بآيات الله إلا كل غدار وكفور.

دعوة إلهية إلى التمسك بالإيمان

يدعو الله عباده في آخر سورة لقمان إلى التمسك بالإيمان. فيما يلي تفسير هذه الآيات:

قال -تعالى-:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ)[٤١]، داعياً الناس إلى تقوى الله وخشية يوم القيامة، وألا تغرهم الدنيا وزخارفها.

ثم ذكر -سبحانه-:(إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[٤٢]، مبيناً أن علم الساعة وإنزال الغيث وما في الأرحام وماذا تكسب النفس وما تدري بأي أرض تموت، كله عند الله وحده.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تحليل وتدبر سورة قريش برؤية الشيخ السعدي

المقال التالي

تحليل وتدبر سورة محمد

مقالات مشابهة

كلمات الخليفة عمر بن عبد العزيز: الحكم والتقوى والرحمة

نظرة متعمقة في أقوال وحكم عمر بن عبد العزيز، خليفة المسلمين المعروف بعدله وزهده، مع التركيز على آرائه حول الموت، الخوف من الله، التقوى، والرحمة بالخلق.
إقرأ المزيد