تحقيق في حديث: اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافرا

تحقيق حول حديث ‘اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافرا’: دراسة لسنده، ومتنه، وآراء العلماء فيه، وأهمية التحقق من صحة الأحاديث النبوية.

مقدمة

يعتبر الحديث النبوي الشريف المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم. لذلك، فإن التحقق من صحة الأحاديث ونسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالغ الأهمية. هذا المقال يهدف إلى دراسة حديث “اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافرا” من حيث سنده ومتنه، وعرض آراء العلماء حوله، وتسليط الضوء على أهمية التأكد من صحة الأحاديث.

روايات الحديث في كتب السنة

الحديث الذي ندرسه اليوم هو: (اتَّقوا دعوةَ المظلومِ، وإن كان كافرا، فإنه ليس دونها حجابٌ). وقد ورد في عدة مصادر من كتب الحديث:

  • مكارم الأخلاق للطبراني: ذكر الطبراني في كتابه: “ثنا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ الْهَوْجِيُّ ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ثنا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، كُفْرُهُ عَلَى نَفْسِهِ)”.[٢]
  • مسند الإمام أحمد: جاء في مسند الإمام أحمد: “حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ)”.[٣]
  • الأحاديث المختارة للمقدسي: وذكره المقدسي أيضًا بلفظ: “أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرْبِيُّ – بِهَا – أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ الْحُصَيْنِ أَخْبَرَهُمْ، أَبْنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمُذْهِبِ، أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ.[٤] أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهُ حِجَابٌ)”.[٤]
  • جامع المسانيد لابن الجوزي: أورده ابن الجوزي في كتابه بلفظ: “حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن إسحق قال: حدّثنا يحيى بن أيوب قال: حدّثني أبو عبد اللَّه الأسديّ قال: سمعْتُ أنس ابن مالك يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:(اتّقُوا دَعوةَ المظلوم وإن كان كافرًا، فإنّه ليس دونه حجاب)”.[٥]

تقييم درجة صحة الحديث

اختلف العلماء في الحكم على صحة هذا الحديث، ويمكن تلخيص آرائهم كالتالي:

  • السيوطي: حكم بصحة الحديث.
  • الألباني: حسّن الحديث.
  • شعيب الأرناؤوط: يرى ضعفاً في إسناده، بسبب وجود أبي عبد الله الأسدي، وهو راوٍ مجهول عنده.[٦]

ومما يعزز معنى الحديث، ما رواه عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّهَا ليسَ بيْنَهَا وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)،[٧]وهذا الحديث متفق عليه، ويدل على أن دعوة المظلوم مستجابة ولا تُرد.[٨]

أهمية التأكد من صحة الأحاديث

للتأكد من صحة الأحاديث النبوية أهمية بالغة في فهم الشريعة الإسلامية وتطبيقها بشكل صحيح. تتجلى هذه الأهمية في النقاط التالية:

  • تحديد مصادر الحديث: معرفة المصادر الأصلية التي ورد فيها الحديث.
  • تجميع الأسانيد: الحصول على أكبر عدد ممكن من الأسانيد للحديث الواحد.
  • دراسة الإسناد: تحليل سلسلة الرواة وتقييم مدى اتصالها وثقة الرواة.
  • معرفة أحكام العلماء: الاطلاع على آراء العلماء في الحديث من حيث الصحة والضعف.
  • اكتشاف الرواة المسقطين: تحديد الرواة الذين سقطوا من الإسناد في روايات المدلسين.
  • توضيح زيادات الروايات: بيان ما إذا كانت هناك زيادات في بعض الروايات عن غيرها.
  • كشف أخطاء الرواة: تحديد الأخطاء التي قد يقع فيها الرواة أثناء النقل.
  • تحديد أزمنة الأحداث: معرفة الأوقات التي وقعت فيها الأحداث المتعلقة بالحديث.
  • جمع ألفاظ الحديث: جمع جميع الألفاظ التي ورد بها الحديث في المصادر المختلفة.[٩]

المصادر والمراجع

  • [1] أحمد، في تخريج المسند ، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:12549، ضعيف.
  • [2] الطبراني، مكارم الأخلاق، صفحة 359.
  • [3] أحمد بن حنبل، مسند أحمد، صفحة 22.
  • [4] ضياء الدين المقدسي، الأحاديث المختارة، صفحة 293.
  • [5] ابن الجوزي، جامع المسانيد، صفحة 156.
  • [6] أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد، صفحة 22. بتصرّف.
  • [7] البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2448، صحيح.
  • [8] البخاري، صحيح البخاري، صفحة 1496 . بتصرّف.
  • [9] ابن حجر العسقلاني، التلخيص الحبير، صفحة 55. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

إيضاح المنهجية في تنزيل الأحكام على القواعد الشرعية

المقال التالي

دراسة حول حديث (طلب العلم فريضة)

مقالات مشابهة