فهرس المحتويات
متى نبدأ في التماس ليلة القدر وكيف؟
دأب النبي -صلى الله عليه وسلم- على الاجتهاد بصورة خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، حيث كان يحيي الليل بالصلاة والذكر، ويوقظ أهله للعبادة، ويشد المئزر استعدادًا لهذه الليالي العظيمة. ففي هذه الأيام المباركة تقع ليلة القدر، تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر، وفيها نزل القرآن الكريم، هدى ورحمة للعالمين. يقول الله -تعالى- في كتابه الكريم: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت ليلة القدر تقع في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، ففي أي ليلة بالتحديد نتحراها؟ وهل وردت أقوال للعلماء تحددها في يوم معين من هذه الأيام المباركة؟ لقد تعددت آراء العلماء في تعيين ليلة القدر، حيث ذهب البعض إلى أنها ليلة الحادي والعشرين من رمضان، بينما رأى آخرون أنها ليلة الثالث والعشرين، وفريق آخر يعتقد أنها ليلة الخامس والعشرين، وهناك من يجزم بأنها ليلة السابع والعشرين، فيما ذهب البعض الآخر إلى أنها ليلة التاسع والعشرين.
وهناك رأي آخر يشير إلى أن ليلة القدر تتنقل بين الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان في كل عام، فإذا كانت في ليلة الواحد والعشرين في هذا العام، فإنها قد تكون في ليلة الثالث والعشرين في العام الذي يليه، ثم في ليلة الخامس والعشرين في العام الذي يليه، وهكذا.
الرأي المعتبر في تحديد ليلة القدر
مع تعدد الآراء، يميل أغلب العلماء إلى ترجيح أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وذلك استنادًا إلى الأدلة الواردة في هذا الشأن. فقد ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (مَن قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فَقالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ ما يَسْتَثْنِي، وَوَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا).
ما هي الأعمال المستحبة في ليلة القدر؟
ينبغي على المسلم أن يحرص على اغتنام كل لحظة في هذه الليلة المباركة، وأن يتجنب إضاعتها في اللهو واللعب، فهي خير من ألف شهر، أي ما يقارب ثلاثة وثمانين عامًا. ومن الأعمال التي يُستحب القيام بها في هذه الليلة ما ورد في السنة النبوية المطهرة.
على سبيل المثال، يستحب قراءة القرآن الكريم بتدبر وتمعن، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله -تعالى-، والإلحاح في طلب العفو والمغفرة، وترديد قول: “اللهم إنك عفو تُحب العفو فاعف عنا”. كما يستحب الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله، والإكثار من قيام الليل بالصلاة والتهجد، والتصدق على الفقراء والمساكين والأيتام.