تبيان الفروق بين الزلة والإثم

استكشاف أوجه الاختلاف بين الزلة والإثم من حيث القصد، الإثم المترتب، والمسؤولية القانونية.

مقدمة

يتبادل الكثيرون كلمتي “الزلة” و “الإثم” وكأنهما كلمتان مترادفتان، لكن الحقيقة هي أن هناك تمايزاً واضحاً بينهما. هذا التقرير يسعى لتوضيح الفروقات الأساسية بينهما.

التمييز من ناحية القصد

يكمن الفرق الأساسي بين الزلة والإثم في القصد. الزلة غالباً ما تكون فعلًا غير مقصود، يقع فيه الشخص دون تخطيط أو نية مسبقة. أما الإثم، في المقابل، يتضمن نية مسبقة وعزماً على الفعل مع العلم بنتائجه.

الفرق من جهة تبعات الذنب

بما أن الزلة تحدث دون قصد أو نية، بينما الإثم يتضمن القصد والعمد، فإن رحمة الله تجلت في التمييز بينهما من حيث الإثم المترتب على كل منهما.

الأجر أو الإثم يرتبط بالنية والقصد والإصرار، وهي أمور محلها القلب. وقد روى الصحابي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

“إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ.”

لذلك، فإن الله -تبارك وتعالى- لا يرتب إثماً على فاعل الزلة، لأن التكليف مرتبط بالإرادة الحرة. وبما أن مرتكب الزلة لم يقصد الفعل أو نتيجته، فإنه لا يحاسب عليها أخروياً. أما فاعل الإثم، الذي تعمد الفعل وقصده في قلبه، فهو محاسب.

وقد قال الله -تبارك وتعالى- في هذا الباب:

“لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ.”

المصادر

  • أبمحمود محمد غريب (1998)، كتاب منهج القرآن في القضاء والقدر (الطبعة 2)، مصر: دار القلم للتراث، صفحة 22-23. بتصرّف.
  • أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري المعروف بابن أبي زَمَنِين المالكي (2002)، كتاب تفسير القرآن العزيز (الطبعة 1)، مصر: الفاروق الحديثة، جزء 2، صفحة 322. بتصرّف.
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  • سورة البقرة، آية: 225
  • عبد القادر عودة، كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، لبنان: دار الكاتب العربي، جزء 1، صفحة 401. بتصرّف.
  • سورة الأحزاب، آية: 5
  • أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 7. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

الفروق الجوهرية بين الخشب واللحاء واستخداماتهما المتعددة

المقال التالي

الفروق الجوهرية بين الخطاب الإعلامي والإعلاني

مقالات مشابهة