فهرس المحتويات
أسباب نزول آية التعدد في الزواج |
الحدود الشرعية لعدد الزوجات |
العدل في التعامل مع الزوجات، وخاصة اليتيمات |
المراجع |
تفسير آية (مثنى وثلاث ورباع) وأسباب نزولها
تُشير الآية الكريمة في سورة النساء، الآية 3: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)، إلى أمرين أساسيين في بناء العلاقات الأسرية في الإسلام. الأول هو مبدأ التعارف، كما جاء في قوله تعالى: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). والثاني هو تحقيق مقصد الشريعة في إعمار الأرض وزيادة النسل. فالتعدد في الزواج يُسهم في تحقيق هذين المقصودين.
اختلف المفسرون في تحديد سبب نزول الآية، فقد أشار الإمام الطبري إلى تعدد الآراء في تفسيرها. و سنستعرض تفسيراتها من خلال محورين رئيسيين.
الحدود الشرعية للزواج: بيان عدد الزوجات
يُفيد بعض التفاسير أنَّ الآية نزلت رداً على ممارسات الجاهلية، حيث كان الرجال يتزوجون عدداً كبيراً من النساء، وخاصة اليتيمات، دون عدل أو مراعاة لحقوقهن. فجاءت الآية لتُحدد أقصى عدد للزوجات بأربع، مع التأكيد على ضرورة العدل بينهن. وقد ذهب بعضهم إلى تفسير الواو في الآية على أنها تفيد الجمع، مما يُبيح الزواج بتسع زوجات (اثنتين وثلاث وأربع)، لكن هذا الرأي مُعارض من قبل جمهور العلماء، لأن الواو هنا للتخيير لا للجمع. كما أنَّ الزواج بأكثر من أربع نساء ليس له سند في السنة النبوية، وهو محل إجماع على تحريمه.
يجب التمييز بين “مثنى وثلاث ورباع” وبين “اثنتين وثلاث وأربع”. الأولى للتخيير، والثانية للتجميع. فالنص القرآني لا يُبيح الزواج بتسع نسوة.
العدل في المعاملة الزوجية، وخاصة مع اليتيمات
يُركز أحد أهم أسباب نزول الآية على ضرورة العدل في التعامل مع اليتيمات. فقد كانت بعض المشكلات الاجتماعية تتعلق بالزواج من اليتيمات، حيث كان بعض الأولياء يتزوجونهنّ بمهر أقل من مثله، أو يستغلون ضعف حالهن. روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قولها: “هي اليتيمة في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنُهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهنّ في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهنّ من النساء”. فإن كانت غير مرغوب بها لقلة مالها وجمالها تركوها والتجؤوا إلى غيرها. وهذا يُوضح أهمية العدل في المهر والمعاملة مع اليتيمات، وعدم استغلال ضعف حالهن.
كما أشارت عائشة رضي الله عنها إلى جانب آخر من العدل، وهو حسن المعاملة وعدم الإساءة للزوجة. فقد قالت: “اليتيمة تكون عند الرجل وهو وليها، فيتزوجها على مالها، ويسئ صحبتها، ولا يعدل في مالها، فليتزوج ما طاب له من النساء سواها مثنى وثلاث ورباع”. وهذا يُبرز أهمية العدل في جميع جوانب الحياة الزوجية، وعدم الظلم أو الإساءة لأي من الزوجات.
باختصار، الآية الكريمة تُشدد على ضرورة العدل بين الزوجات، وحماية حقوق اليتيمات، وعدم تجاوز الحد الأقصى المسموح به شرعاً لعدد الزوجات.
المصادر والمراجع
سورة النساء، الآية 3
سورة الحجرات، الآية 13
تفسير الطبري
صحيح البخاري
السنن الكبرى للبيهقي