تاريخ وسلالة الدولة الزيانية

استكشاف تاريخ الدولة الزيانية في الجزائر، أصولها، حكمها في تلمسان، عوامل الصعود والسقوط. نظرة شاملة على فترة حكم بني زيان وتأثيرها على المنطقة.

جذور الدولة الزيانية

تعود أصول الدولة الزيانية، المعروفة أيضًا ببني عبد الواد، إلى قبيلة أمازيغية عريقة تركت بصمتها في تاريخ الجزائر بين عامي 1235 و 1554 ميلادي. اتخذت هذه السلالة من تلمسان، المدينة التي لقبت بـ “جوهرة المغرب العربي”، عاصمةً لها. يُعتبر الزيانيون فرعًا من فروع قبائل زناتة الأمازيغية الشهيرة.

يُرجع نسب بني عبد الواد إلى الجد الأكبر عبد الواد. تفرعت من هذه السلالة عدة بطون قبلية، منها بنو مصوجة وبنو وللو وبنو ياتكتن. تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أحد فروع هذه الدولة، وهو القاسم بن محمد، ينحدر من نسل السليمانيين. كان القاسم بن محمد حاكمًا على مدينة تلمسان الواقعة في شمال غرب الجزائر. تمكن عبد الواد من الدخول إلى جنوب المدينة بعد هزيمته على يد الفاطميين، وعزز علاقته بهم من خلال المصاهرة مع تلك القبيلة التابعة لملوك بني زيان.

الدولة الزيانية في تلمسان

استقر بنو عبد الواد في المناطق الجنوبية لوهران بعد فترة طويلة من الترحال وعدم الاستقرار في صحراء المغرب الأوسط، بحثًا عن المراعي المناسبة بين سجلماسة ومنطقة الزاب في إفريقيا. كانت تلمسان تمثل مركزًا حيويًا لسلطتهم ونفوذهم.

نظام الحكم في الدولة الزيانية

شهد عام 1229م أحداثًا مضطربة في المناطق التي يقطنها بنو عبد الواد وتلمسان بشكل خاص. حاول أبو سعيد عثمان، والي المنطقة، القضاء على وجود بني عبد الواد والتخلص منهم عن طريق اعتقال شيوخهم، وذلك بعد أن توسعت رقعة حكمهم في المنطقة.

تدخل إبراهيم بن إسماعيل بن علان الصنهاجي لإنقاذهم من هذه المحنة، لكن والي تلمسان رفض ذلك بشدة، مما أثار غضب الصنهاجي الذي قام باعتقال أبي سعيد عثمان وإطلاق سراح شيوخ بني عبد الواد، معلنًا بذلك تمرده على الموحدين. كانت هذه الخطوة بمثابة إعلان نصرته لثورة بني غانية التي كانت تسعى إلى إعادة إحياء دولة المرابطين في بلاد المغرب.

نجح إبراهيم بن علان في تنفيذ الجزء الأول من خطته، لكن محاولته للقضاء على شيوخ بني عبد الواد باءت بالفشل بعد اكتشاف أمره واعتقاله هو ومن عاونه في هذه المكيدة. في هذه الفترة، قدم جابر بن يوسف وإخوته إلى المدينة وقاموا بإعادة الدعوة إلى المأمون الموحدي، الذي أصبح أميرًا عليها وفرض سيطرته عليها وسير أمورها. توفي جابر بن يوسف متأثرًا بجراحه بعد إصابته بسهم خلال حصاره لمدينة ندرومة في محاولة لإخضاع بني عبد الواد لولايته، وذلك في نهاية عام 1231م.

في عام 1232، تمكن أبو عزة زيدان بن زيان من بسط نفوذه على المنطقة وإخضاع بطون بني عبد الواد والقبائل الأخرى تحت سيطرته بفضل قوته وشجاعته، إلا أن بني مطهر وبني راشد رفضوا مبايعته. توفي أبو عزة زيدان بن زيان في عام 1235م في معركة دارت في تلك السنة، وتولى يغمراسن بن زيان الأمور بعد وفاته، ويعود له الفضل في تأسيس الدولة الزيانية.

نشأة الدولة الزيانية

لعب يغمراسن بن زيان، الذي ولد عام 1206م، دورًا محوريًا في نشأة الدولة الزيانية. تولى حكم إقليم تلمسان بعد أن عينه الخليفة الموحدي عبد الواحد الرشيد بن المأمون حاكمًا على ولاية المغرب الأوسط وعاصمتها تلمسان.

ساعده على القيام بدوره كحاكم ومؤسس للدولة الزيانية الصفات والخصال الحميدة التي تمتع بها، مما مكنه من وضع أساس قوي ومتين لهذه الدولة، وهي دولة بني عبد الواد. تميز يغمراسن بن زيان بدفاعه المستميت عن دولته ووقوفه في وجه أعدائه بكل قوة وشجاعة، خاصة ضد بني توجين ومغراوة، وسعى جاهدًا لضمهم تحت رايته.

أسباب أفول نجم الدولة الزيانية

هناك عدة عوامل ساهمت في سقوط الدولة الزيانية، منها:

  • الحروب والنزاعات الحدودية المستمرة بين الزيانيين والحفصيين والمرينيين.
  • قيام تحالفات معادية للدولة الزيانية بهدف القضاء عليها وعلى جيوشها.
  • اندلاع حروب أهلية وإثارة الفتن داخل الجزائر، مما أضعف الدولة وجعلها عرضة للغزو.
  • استيلاء القراصنة الأوروبيين، وخاصة الإسبان والإيطاليين، على خيرات المناطق الساحلية للمغرب وشواطئه.
  • صعود قوة البربر وقيامهم بالقضاء على الدولة الزيانية وحماية بجاية وتحريرها من الإسبان.
Total
0
Shares
المقال السابق

إمارة بني رستم في المغرب العربي

المقال التالي

الدولة السعودية الأولى – نظرة عامة

مقالات مشابهة

دراسة حول الترابط في المادة والكون

نظرة شاملة حول الترابط في المادة والكون. استعراض لمكونات الكون على المستويين المرئي وغير المرئي، بالإضافة إلى القوى الكونية المؤثرة: القوة النووية القوية والضعيفة، القوة الجاذبة، والقوة الكهرومغناطيسية.
إقرأ المزيد