عقوبة السرقة في الجاهلية
يُعتبر الوليد بن المغيرة أول من نفذ حكم قطع يد السارق في فترة ما قبل الإسلام. حدث ذلك في مكة المكرمة إثر انتشار الفقر الشديد، والذي تسبب في زيادة معدلات السرقة وتهديد أمن الأثرياء. حاول زعماء قريش حل مشكلة الفقر كوسيلة لمنع السرقة، لكن دون جدوى. ازداد الوضع سوءاً مع تصاعد جرائم السرقة وقيام الفقراء بمهاجمة الأغنياء علناً لإجبارهم على تقاسم أموالهم. أمام هذا الوضع، لجأ الأثرياء إلى زعماء القبائل، فقرر الوليد بن المغيرة تطبيق عقوبة قطع اليد كرادع لمنع مثل هذه الجرائم.
حد السرقة في الإسلام
يُعرّف الإسلام السرقة بأنها أخذ مال الغير سرّاً، من مكان حصين، بغير حق. وقد حرم الإسلام السرقة بشدة، بدليلٍ واضح في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والإجماع الفقهي. يُعدّ الإسلام السرقة من الكبائر. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله ﷺ: (لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده). [٣][٤] وبناءً على ذلك، شرع الإسلام عقوبة قطع اليد للسارق، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [٥]. وروى أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْطَعُ السَّارِقَ في رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً).[٦][٤]
شروط تطبيق حد السرقة في الشريعة الإسلامية
تُشترط عدة أمور لتطبيق حد السرقة في الإسلام: يجب أن يكون السرقة سرية، أيّ ليس على مرأى ومسمع من الناس. يجب أن يكون السارق بالغاً عاقلاً، فلا يُطبق الحدّ على الصغير أو المجنون. يجب أن يكون الفعل اختيارياً وغير مُكره. يجب أن يكون السارق عالماً بحرمة السرقة. يجب أن يكون المال المسروق مالاً محترماً، مملوكاً لمسلم، ويجب أن يبلغ المال حدّ النصاب (ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو قيمتهما). يجب أن يكون المال في حرزه. يجب ثبوت السرقة دون شبهة، إما بشهادة شهود عدلين أو باعتراف السارق. وأخيراً، يجب أن يطالب صاحب المال بماله المسروق.
الحكمة من وراء مشروعية حد السرقة
تهدف الشريعة الإسلامية إلى حفظ الأموال والأعراض والأرواح، وترتب عقوبات صارمة على من يتجاوز هذه المحظورات. يُعتبر حد السرقة من أهم هذه العقوبات، فهو يحفظ الأموال ويمنع الاعتداء عليها، ويحمي أفراد المجتمع من الخوف والقلق، ويسهم في استقرار المجتمع وتطوره. قطع اليد للسارق يُعدّ رادعاً قوياً يمنع الآخرين من ارتكاب مثل هذه الجرائم، ويُسهم في بناء مجتمع آمن ومستقر.
المراجع
المصادر: [المراجع الأصلية مع الإشارة إلى الصفحات والأجزاء]