جدول المحتويات
تاريخ الحروب الصليبية: رحلة دينية وعسكرية
كانت الحروب الصليبية سلسلة من الحروب الدينية التي اندلعت بين المسيحيين والمسلمين بدءًا من القرن الحادي عشر الميلادي. هدفها الأساسي كان السيطرة على الأماكن المقدسة في الشرق الأوسط، والتي تعتبرها كلا الطائفتين مقدسة. نظمت هذه الحروب من قبل مسيحيي أوروبا الغربية، الذين سافروا إلى الشرق الأوسط لقتال المسلمين واستعادة الأراضي التي يعتبرها المسيحيون مقدسة.
كان دافع بعض الصليبيين دينيًا خالصًا، واعتبروا مشاركتهم في الحروب وسيلة للتكفير عن خطاياهم. لكن هناك دوافع أخرى، مثل الرغبة في الحصول على ثروة من الشرق، وتوسيع النفوذ الأوروبي، وفرصة للفرسان الأوروبيين لإثبات شجاعتهم.
استمرت الحروب الصليبية لعدة قرون، بدءًا من الحملة الصليبية الأولى في عام 1095 ووصولًا إلى الحملة الصليبية الثامنة في القرن الثالث عشر. كان لها تأثير عميق على تاريخ الشرق الأوسط وأوروبا، فمن ناحية، ساعدت الحروب الصليبية على نشر الثقافة الأوروبية في الشرق الأوسط، بينما أدت إلى تعزيز التوتر الديني بين المسيحيين والمسلمين.
كانت الحروب الصليبية أيضًا مثار جدل بين المؤرخين، فبعضهم يرى أنها كانت حروبًا دموية وحشية، بينما يرى آخرون أنها ساهمت في نشر الثقافة الأوروبية في الشرق الأوسط. بغض النظر عن الرأي، لا يمكن إنكار أن الحروب الصليبية كانت أحد أهم الأحداث التي شكلت تاريخ العالم.
الحملات الصليبية الرئيسية
شهدت الحروب الصليبية العديد من الحملات، لكن أبرزها كانت أربع حملات أساسية:
الحملة الصليبية الأولى (1096-1099)
كانت الحملة الصليبية الأولى هي أولى الحملات الصليبية، وقد تم تنظيمها من قبل البابا أوربان الثاني بعد ندائه الشهير عام 1095 للإعلان عنها، أُرسلت أربع جيوش من الصليبيين من مناطق مختلفة في أوروبا الغربية بقيادة ريموند من سان جيل، جودفري من بويون، هيو من فيرماندوا وبوهيموند من تارانتو.
غادرت هذه المجموعات إلى بيزنطة في أغسطس 1096، واستطاعت المجموعة الأولى التي كانت أقل تنظيمًا من الفرسان والعامة، معروفة باسم “حملة الشعب الصليبية”، التقدم تحت قيادة الواعظ الشهير بيتر الناسك. تم التغلب على هذه المجموعة في موقعة Cibotus من قبل القوات التركية.
بعد ذلك وصلت الجيوش الأربعة الرئيسية إلى القسطنطينية، وخضع قادة الجيوش للإمبراطور أليكسيوس الأول بعد طلب منه أداء قسم الولاء له، وتعهدوا بالاعتراف بسلطته على أي أرض تم استعادتها من الأتراك.
نجح الصليبيون وحلفاؤهم البيزنطيين في هزيمة السلاجقة في موقعة نيقية في مايو 1097. واستولوا على مدينة أنطاكية في عام 1098. وفي عام 1099، استطاع الصليبيون الاستيلاء على القدس، بعد معركة عنيفة مع المسلمين.
أدت الحملة الصليبية الأولى إلى إنشاء أربع مُلكات صليبية في الشرق الأوسط، هي مُلكة القدس، مُلكة أنطاكية، مُلكة طرابلس، ومُلكة إديسا. و أدت هذه المُلكات إلى الحفاظ على وجود مسيحي في الشرق الأوسط، لكنها أدت أيضًا إلى صراعات جديدة مع المسلمين.
الحملة الصليبية الثانية (1147-1149)
كانت الحملة الصليبية الثانية أحد محاولات استعادة الأراضي المقدسة التي فقدها المسيحيون في الشرق الأوسط، و تم إطلاق هذه الحملة بعد سقوط مدينة إديسا في يد السلاجقة عام 1144، وقد انطلقت هذه الحملة في عام 1147 بقيادة اثنين من كبار الحكام في أوروبا، هما الملك لويس السابع ملك فرنسا والملك كونراد الثالث ملك ألمانيا.
فشلت هذه الحملة في تحقيق أهدافها، فقد تعرضت قوات كونراد للإبادة من قبل الأتراك في موقعة دوريليوم، و بعد ذلك فشلت قوات لويس وكونراد في محاولتهما للاستيلاء على مدينة دمشق في عام 1148، وقد أدت هذه الحملة إلى هزيمة قوية للمسيحيين في الشرق الأوسط، و أدت أيضًا إلى تقوية السلطة العسكرية للمسلمين في المنطقة.
الحملة الصليبية الثالثة (1187-1192)
كانت الحملة الصليبية الثالثة من أهم الحملات التي شهدتها الحروب الصليبية، وقد تم إطلاقها بعد استيلاء صلاح الدين الأيوبي على مدينة القدس من يد المسيحيين في عام 1187. وقد أدت هذه الحملة إلى خسارة كبيرة للمسيحيين، فقد تعرض جيش المسيحيين للإبادة في موقعة حطين، و فقدوا العديد من الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم في الشرق الأوسط.
انطلقت هذه الحملة في عام 1189 بقيادة ثلاثة من أقوى حكام أوروبا، هم الإمبراطور فريدريك بربروسا ملك ألمانيا، الملك فيليب الثاني ملك فرنسا، و الملك ريتشارد الأول ملك إنجلترا. وقد حقق ريتشارد الأول بعض الانتصارات في هذه الحملة، و استطاع أن يستعيد بعض الأراضي التي فقدها المسيحيون في الشرق الأوسط، لكن فشل في استعادة القدس.
أدت الحملة الصليبية الثالثة إلى توقيع معاهدة سلام بين ريتشارد الأول وصلاح الدين الأيوبي في عام 1192، أُعيد فيها تأسيس مُلكة القدس ، لكن كانت مُلكة ضعيفة، و لم تستمر طويلًا، و أدت هذه الحملة إلى ضعف نفوذ المسيحيين في الشرق الأوسط.
الحملة الصليبية الرابعة (1202-1204)
كانت الحملة الصليبية الرابعة من أكثر الحملات الصليبية إثارة للجدل، فقد تحولت هذه الحملة من حملة دينية إلى حملة سياسية، و لم تتوجه إلى الشرق الأوسط بل توجهت إلى القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية.
أدت هذه الحملة إلى سقوط القسطنطينية في يد الصليبيين في عام 1204، و أدت أيضًا إلى تقسيم الإمبراطورية البيزنطية إلى عدة دول صغيرة، و أدت هذه الحملة إلى ضعف نفوذ الإمبراطورية البيزنطية، و كانت واحدة من أسباب سقوطها لاحقًا.
المراجع
- “Crusades”, history, Retrieved 18/4/2022. Edited.
- “Crusades”, britannica, Retrieved 18/4/2022. Edited.