مقدمة
إن التأملات واللمسات الفكرية هي عبارة عن فن أدبي رفيع، يعبر عن خلجات النفس وما يختلج في الذهن والوجدان. يتميز هذا الفن بصياغة الكلمات ببراعة فائقة، وتزيينها بصور فنية بديعة، مما يضفي عليها رونقًا وجاذبية خاصة. في هذه السطور، سنستعرض سويًا مجموعة من التأملات التي تلامس الروح وتوقظ الفكر.
تأملات ولمسات
اجعل حياتك لوحة فنية زاهية بألوان التفاؤل، السعادة، والفرح. فالحياة أشبه بلوحة قماشية تنتظر أن تُلون لتزداد بهاءً وجمالًا. نولد جميعًا ولوحة حياتنا بيضاء نقية، والبعض منا يحولها إلى سواد قاتم، بينما يحافظ البعض الآخر على نقائها وصفائها. فإذا حجبت الغيوم سماءك يومًا ما، فأغمض عينيك، وتأمل النجوم المتلألئة خلف تلك الغيوم. وإذا اكتست الأرض بالثلوج، فأغمض جفونك، وتخيل المروج الخضراء المورقة تحت الثلوج. فبالرغم من وجود الشر، هناك دائمًا الخير. وبالرغم من وجود المشاكل، هناك دائمًا الحل. وبالرغم من وجود الفشل، هناك دائمًا النجاح. وبالرغم من قسوة الواقع، هناك دائمًا زهرة أمل.
الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء. وكل عسير إذا استعنت بالله فهو يسير. والناس معادن تصدأ بالملل، وتتمدد بالأمل، وتنكمش بالألم. والأمل هو شمعة ما زالت توقد في رحم الظلام.
أحياناً يغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا باباً آخر أفضل منه، ولكن معظم الناس يضيّعون تركيزهم، ووقتهم، وطاقتهم في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلاً من باب الأمل الّذي انفتح أمامهم على مصراعيه.
وعندما تتجرع الهموم والآلام، لا تتوقف، ولا تغلق على نفسك الأبواب، ولا ترتدي ثياب السواد. انظر إلى الحياة من خلال نافذة ملونة، وستجد أن هذا الكون واسع ومبهر وجميل. ستجد أن الحياة رائعة بجميع الألوان. فكل يوم هو صفحة من لوحة حياتنا، ولوحة حياتك لك أنت فقط؛ اختر أنت ألوانها واستمتع، ولا تدع الظروف والأشخاص يؤثرون عليها، فيفسدون تناسق الألوان.
نافذة على التفاؤل
علّمتني الحياة أن أجعل قلبي مدينة بيوتها المحبة وطرقها التسامح والعفو، وأن أعطي ولا أنتظر الرد على العطاء، وأن أصدق مع نفسي قبل أن أطلب من أحد أن يفهمني، وعلّمتني أن لا أندم على شيء، وأن أجعل الأمل مصباحاً يرافقني في كل مكان.
إذا فقدت مالك فقد ضاع منك شيء له قيمة، وإذا فقدت شرفك فقد ضاع منك شيء لا يقدّر بقيمة، وإذا فقدت الأمل فقد ضاع منك كلّ شيء.
الثقة بالله أزكى أمل، والتوكّل عليه أوفى عمل. لولا الأمل في الغد، لما عاش المظلوم حتى اليوم. الزهرة التي تتبع الشمس تفعل ذلك؛ حتى في اليوم المليء بالغيوم. لو شعرت ببعد الناس عنك، أو بوحشة، أو غربة، فتذكّر قربك من الله.
ادفع عمرك كاملاً لإحساس صادق وقلب يحتويك، ولا تدفع منه لحظة في سبيل حبيب هارب، أو قلب تخلّى عنك بلا سبب. أجمل وأروع هندسة في العالم؛ أن تبني جسراً من الأمل، على نهر من اليأس. إذا كان الأمس ضاع فبين يديك اليوم، وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل فلديك الغد، لا تحزن على الأمس فهو لن يعود، ولا تأسف على اليوم فهو راحل، واحلم بشمس مضيئة في غدٍ جميل.
استعن بالله ولا تعجز. لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس. الثقة بالله أزكى أمل، والتّوكل عليه أوفى عمل. المؤمن كالورقة الخضراء، لا يسقط مهما هبت العواصف. إذا شعرت بالتشاؤم، تأمّل الوردة.
دروس مستفادة من الحياة
الحياة شعلة إمّا أن نحترق بنارها، وإمّا أن نطفئها ونعيش في الظلام. إن حلّ الظلام لا بدّ أنك سترى ضوءاً يشدك ويوقد في داخلك أمل العمل وطموح التحدي. الأفضل دائماً أن نتطلّع للأمام، بدلاً من النّظر إلى الخلف. إنّ الغروب لا يحول دون شروقٍ جديد. إذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود، لرأيت الجمال شائعاً في كل ذرّاته. تذكر يا صديقي، أنّ الأمل شيء جيد، والأشياء الجيدة لا تموت أبداً.
لا تسافر إلى الصحراء بحثاً عن الأشجار الجميلة، فلن تجد في الصحراء غير الوحشة، وانظر إلى مئات الأشجار التي تحتويك بظلّها وتسعدك بثمارها، وتشجيك بأغانيها. لا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك، فسوف تجد من ينزع السهم، ويعيد لك الحياة والابتسامة. لا تقف كثيراً على الأطلال خاصّةً إذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها، وابحث عن صوت عصفور يتسلّل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد.
يصبح الإنسان عجوزاً حين تحل الأعذار محل الأمل. حيث الحياة هناك أمل. الحياة هي فن، ومن أجل إتقانه لا يحتاج البشر إلى المهارة المكتسبة وحدها، بل إلى الّلياقة والذوق الفطريين أيضاً. هناك من يتذمّر لأنّ للورد شوكاً، وهناك من يتفائل؛ لأن فوق الشوك وردة. لا تحاول البحث عن حلم خذلك، وحاول أن تجعل من حالة الانكسار بداية حلم جديد.
الأمل والمستقبل
لا تنتظر حبيباً باعك وانتظر ضوءاً جديداً يمكن أن يتسلّل إلى قلبك الحزين، فيعيد لأيامك البهجة ويعيد لقلبك نبضه الجميل. قد تتحمل الألم ساعات، لكن لا ترض باليأس لحظة. لا تكن مثل مالك الحزين، هذا الطائر العجيب الّذي يغني أجمل ألحانه وهو ينزف، فلا شيء في الدنيا يستحق من دمك نقطة واحدة. الإنسان دون أمل كنبات دون ماء، ودون ابتسامة كوردة دون رائحة، ودون إيمان بالله وحش في قطيع لا يرحم.
ليس المهم ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك. العقل القوي دائم الأمل، ولديه دائماً ما يبعث على الأمل. يرى المتشائم الصعوبة في كل فرصة، أما المتفائل فيرى الفرصة في كل صعوبة. المتفائل يقول إنّ كأسي مملوءة إلى نصفها، والمتشائم يقول أنّ نصف كأسي فارغة.
مواجهة التحديات
لا تعتقد أنّ نهاية الأشياء هي نهاية العالم، فليس الكون هو ما ترى عيناك. أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه وننسى أنّ في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا، وأنّ حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيّامنا شمعة، فابحث عن قلب يمنحك الضوء، ولا تترك نفسك رهينة لأحزان الليالي المظلمة. لا تحاول البحث عن حلم خذلك، وحاول أن تجعل من حالة الانكسار بداية حلم جديد. الأمل أن تحرق ورقة التشاؤم.
لا تيأس إذا تعثّرت أقدامك، وسقطت في حفرة واسعة، فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكاً وقوة؛ لأنّ الله مع الصابرين. التفاؤل يمنحك هدوء الأعصاب في أحرج الأوقات. المتشائم أحمق يرى الضوء أمام عينيه، لكنه لا يصدق. هناك أشخاص هم الأمل بذاته. لا تيأس فعادة ما يكون آخر مفتاح في مجموعة المفاتيح، هو المناسب لفتح الباب.
سيكون يومك مشابهاً للتعبير المرتسم على وجهك، سواء أكان ذلك ابتساماً أو عبوساً. تذكّر يا صديقي، أنّ الأمل شيء جيد، والأشياء الجيدة لا تموت أبداً. يجب أن يكون إحساسك إيجابياً مهما كانت الظروف، ومهما كانت التحديات، ومهما كان المؤثر الخارجي. أجمل وأروع هندسة في العالم أن تبني جسراً من الأمل على نهر من اليأس. الأمل هي تلك النافذة الصغيرة التي مهما صغر حجمها، إلّا أنّها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة.
في القلب حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله. قد يتحوّل كل شيء ضدك، ويبقى الله معك، فكن مع الله يكن كل شي معك. كلّما ابتسمنا معاً تذكرنا كم بكينا معاً، فأكرمنا الله بفرج بعد شدة. إذا كنت تحب الحياة، فلا تضيع الوقت سدى، لأنّ الوقت هو المادة المصنوعة منها الحياة.
الفرق بين نظرة الإسلام والنظرة التشاؤميّة، هو أنّ الإسلام ينظر للحياة كما ينبغي أن تكون، أمّا التشاؤم فإنّه ينظر للحياة كما هي. يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر، ولكنّه لا يمكن أن يعيش بلا أمل.