تأملات نزار قباني في معاني الحب

استكشاف عميق لمشاعر الحب من خلال كلمات نزار قباني. مقتطفات شعرية قصيرة ورومانسية تعبر عن جوهر العشق والغرام.

مقدمة

يعتبر نزار قباني من أبرز شعراء العصر الحديث الذين تغنوا بالحب والمرأة، واستطاع أن يلامس قلوب الملايين بقصائده الرقيقة والمعبرة. ترك لنا إرثاً أدبياً غنياً بالكلمات الجميلة التي تصف الحب بأشكاله المختلفة، من العشق والهيام إلى الشوق والحنين.

خواطر رومانسية في الحب

في قصائده، يصف نزار قباني الحب بأنه قوة جارفة تأخذ الإنسان إلى عوالم أخرى، حيث الجمال والرومانسية لا حدود لهما. يقول:

“يا سيدتي
كنت أهم امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأةٍ بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌ.. صنعت من فاكهة الشعر.. ومن ذهب الأحلام..
أنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوام”

ويستمر في وصف المرأة المحبوبة بأنها جوهرة ثمينة لا تقدر بثمن، وأنها مصدر إلهامه وشغفه.

“يا سيدتي
يالمغزولة من قطنٍ وغمام، يا أمطاراً من ياقوتٍ، يا أنهاراً من نهوندٍ، يا غابات رخام،
يا من تسبح كالأسماك بماء القلب، وتسكن في العينين كسرب حمام،
لن يتغير شيءٌ في عاطفتي، في إحساسي، في وجداني، في إيماني،
فأنا سوف أظل على دين الإسلام.”

كما يؤكد على أن الحب يتجاوز الزمن والظروف، وأنه سيبقى وفياً لمحبوبته مهما طال الزمن.

“يا سيدتي لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.
سوف أحبك.. عند دخول القرن الواحد والعشرين.. وعند دخول القرن الخامس والعشرين.. وعند دخول القرن التاسع والعشرين..
و سوف أحبك.. حين تجف مياه البحر.. وتحترق الغابات..”

ويرى أن الحب هو جوهر الشعر وخلاصة الإبداع.

“يا سيدتي أنت خلاصة كل الشعر.. ووردة كل الحريات.
يكفي أن أتهجى إسمك.. حتى أصبح ملك الشعر.. وفرعون الكلمات..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك.. حتى أدخل في كتب التاريخ.. وترفع من أجلي الرايات.”

ويرفض أن يخضع الحب للتقلبات والظروف، ويؤكد أنه سيبقى قوياً وثابتاً.

“يا سيدتي لا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد
لن يتغير شيءٌ مني.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان
لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان
لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران
حين يكون الحب كبيراً
والمحبوبة قمراً
لن يتحول هذا الحب لحزمة قشٍ تأكلها النيران.”

ويؤكد على أن حبيبته هي كل شيء بالنسبة له.

“يا سيدتي
ليس هنالك شيءٌ يملأ عيني لا الأضواء.. ولا الزينات.. ولا أجراس العيد.. ولا شجر الميلاد.
لا يعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ يكتب فوق بطاقات الأعياد.”

ويرى ذكرياته مرتبطة بها.

“يا سيدتي لا أتذكر إلا صوتك حين تدق نواقيس الآحاد.
لا أتذكر إلا عطرك حين أنام على ورق الأعشاب.
لا أتذكر إلا وجهك.. حين يهرهر فوق ثيابي الثلج.. وأسمع طقطقة الأحطاب.”

ويتمنى لو عاش معها في عصور مختلفة.

“يا سيدتي: كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير.. وفي عصر التصوير.. وفي عصر الرواد
كم أتمنى لو قابلتك يوماً في فلورنسا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفة أو في حلبٍ.
أو في بيتٍ من حارات الشام..”

تأملات موجزة عن الحب

في بعض الأحيان، يختصر نزار قباني الحب في كلمات قليلة ولكنها تحمل معاني عميقة. يعبر عن سعادته بالتقرب من محبوبته والعيش في عالمها:

“ما يفرحني يا سيدتي أن أتكوم كالعصفور الخائف بين بساتين الأهداب…”

ويعتبر أن أبسط الهدايا من المحبوبة هي كنز ثمين:

“ما يبهرني يا سيدتي أن تهديني قلماً من أقلام الحبر.. أعانقه.. وأنام سعيداً كالأولاد.”

ويجد في الحب قوة وإلهاماً:

“يا سيدتي ما أسعدني في منفاي أقطر ماء الشعر.. وأشرب من خمر الرهبان
ما أقواني.. حين أكون صديقاً للحرية.. والإنسان.”

ويتمنى أن يعيش الحب في عالم يسوده السلام والحرية:

“يا سيدتي كم أتمنى لو سافرنا نحو بلادٍ يحكمها الغيتار
حيث الحب بلا أسوار
والكلمات بلا أسوار
والأحلام بلا أسوار.”

ويؤكد على أن حبه سيبقى خالداً:

“يا سيدتي لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي سوف يظل حنيني أقوى مما كان.. وأعنف مما كان..
أنت امرأةٌ لا تتكرر.. في تاريخ الورد.. وفي تاريخ الشعر.. وفي ذاكرة الزنبق والريحان.”

ويرى حبيبته بداية كل شيء.

“يا سيدة العالم لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام
أنت امرأتي الأولى. أمي الأولى رحمي الأول شغفي الأول شبقي الأول طوق نجاتي في زمن الطوفان.”

ويتمنى اللجوء إليها.

“يا سيدتي يا سيدة الشعر الأولى
هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها.. هاتي يدك اليسرى.. كي أستوطن فيها..
قولي أي عبارة حبٍ حتى تبتدئ الأعياد.”

مشاعر متدفقة في الحب

الحب ليس مجرد قصة تنتهي بالزواج، بل هو رحلة مستمرة من المشاعر والأحاسيس. يقول نزار قباني:

“الحب ليس رواية
في ختامها يتزوج الأبطال
هو أن تظل على الأصابع رجفة
وعلى الشفاه المطبقات سؤال.”

ويعبر عن شوقه وتقديره للمحبوبة من خلال ذكرياتهما المشتركة:

“لو كنت تذكرين كل كلمة لفظتها في فترة العامين،
لو أفتح الرسائل الألف التي كتبت في عامين كاملين
كنا بآفاق الهوى طرنا حمامتين،
وأصبح الخاتم في إصبعكِ الأيسر خاتمين،
يا سيدتي كم أتمنى لو سافرنا نحو بلادٍ يحكمها الغيتار
حيث الحب بلا أسوار
والكلمات بلا أسوار
والأحلام بلا أسوار.”

ويعتبر الصمت لغة بليغة في الحب:

“فاذا وقفت أمام حسنك صامتاً
فالصمت في حرم الجمال جمال..
كلماتنا في الحب تقتل حبنا
أن الحروف تموت حين تقال..”

ويعتبر حبيبته وطناً له.

“لم احبك كشخص فقط بل احببتك كوطن لا أريد الانتماء لغيره.”

أعمق الخواطر الرومانسية في الحب

الحب تجربة فريدة مليئة بالتناقضات والمفاجآت. يصف نزار قباني هذا الجنون الذي يصاحب الحب:

“لو أن حبك كان في القلب عاديا
لمللته من كثرة التكرار
لكن أجمل ما رأيت بحبنا
هذا الجنون ، وكثرة الأخطار
حينا يغرد في وداعة طفلة
حينا نراه كمارد جبار.”

ويؤكد على أن الحب لا يعرف الاستقرار، بل هو دائم التقلب والتغير:

“لا يستريح ولا يريح
فدائما شمس تلوح وخلفها أمطار
حينا يجيء مدمرا فيضانه
ويجيء منحسرا بلا أعذار
لا تعجبي هذا التقلب من صميم طباعه
إن الجنون طبيعة الأنهار
مادمت قد أحببت يا محبوبتي
فتعلمي أن تلعبي بالنار
فالحب أحيانا يطيل حياتنا
ونراه حينا يقصف الأعمار.”

ويختم قصيدته بالدعاء للمحبوبة:

“ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبدا من ربي إلا شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
و يزيد بأيامي يومين
كي أكتب شعرا في هاتين اللؤلؤتين.”

ويرى حبيبته اختصار لكل النساء.

“كيف استطعتِ، أن تختصري جميع ما في الكون من نساء
لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشق أحبك فيها.”

Total
0
Shares
المقال السابق

روائع نزار قباني: كلمات في الحب والحياة

المقال التالي

نظرات في الحياة من خلال عيون نزار قباني

مقالات مشابهة