تأملات في الفقد والرحيل

تأملات حول الفقد والرحيل. خواطر مؤثرة عن رحيل الأحبة والأهل، الأب والأم. كلمات تعبر عن الحزن والشوق بعد الفراق.

تأملات في مرارة الفقد

عندما يحل الموت، تظل بعض الكلمات تحمل اسم الراحل، ولا يجرؤ أحد على النطق بها بعد ذلك. تتحول بعض العبارات إلى نعيق غراب مخيف، بينما تخفت أصوات أخرى تمامًا.

عندما يدركني الموت، تبقى رسائل الأحبة تنتظرني، محملة بأمانة لم تؤدَّ بعد. تبقى النوايا، البيضاء والسوداء، معلقة كالغيم بين السماء والأرض.

حين يأتيني الأجل، تذكروني روحًا كتبت عن الوجع حتى تخطت حدود الألم، ثم رحلت في عمر الحنين. عندما يحين موعد رحيلي، تعالوا لتوديعي، وتذكروا تلك الروح التي ودعتكم قبل رحيلها، تحديًا للموت الذي يخطف الأحبة دون وداع. احزنوا عليّ قليلًا، وسأجمع من دموعكم لآلئ أزين بها صدري، وأرتقي بها إلى ربي لأقول: “ربي، هؤلاء هم شهودك في أرضك، فكما أكرمتني بمحبتهم، أكرمني برحمتك. ربي، هؤلاء أحبتي، فكما طهرت قلوبهم، طهرني من ذنوبي”.

حين تصعد روحي إلى السماء، انثروا ورودكم وارحلوا حاملين معكم أكثر من احتمال. ربما تبتسم روحي أخيرًا لأنها التقت بمن كانت تبكي عليهم، أو ربما تستمر في البكاء لأنها فقدت من كانت تلتقي بهم. تتوقف الاحتمالات عند حافة الذاكرة.

عندما أموت يومًا ما، أتمنى لو أعود لأمحو كل أخطائي، كل أغنياتي، كل كلماتي. أتمنى لو أعود إلى رحم أمي، نطفة أو أقل من ذلك.

حين أموت يومًا، أوصيكم بوصية: اغسلوني بدموع أمي، كفنوني بحنانها، طيبوني بعبير فمها صباح مساء، ثم ادفنوني في مسقط روحي، قلبها.

رثاء الأحبة

أعلم أنك لن تكلمني بعد الآن، أعلم أنك لن تأتيني، لكني أتمنى من أعماق قلبي أن تعود اللحظات، ولو لساعة واحدة، لدقائق، لثوانٍ معدودة، لأقول لك انتبه لطريقك، لأقول لك سامحني، لأقول لك أحبك يا حبيبي وصديقي، وإني لن أنساك حتى ترضى عني وتسامحني.

أفتقدك كثيرًا يا حبيبي، يا أرق وأنقى قلب عرفته. أتألم بصمت، وأبكي بلا صوت. نار تشتعل في صدري بلا لهب، وقودها الذكرى، وفتيلها لحظات أنهت حياة إنسان لم تكتمل فرحته في هذه الدنيا. إنسان عاش من أجل الناس، فرح لفرحهم، وواساهم، وأعان الكثيرين منهم، إنسان قلبه رقيق كالطائر الأبيض.

ذكريات الأب الراحل

أبي لم يعد البيت جميلاً كما كان من قبل. يا أبي، أراك في أحلامي كلما غفوت، وكلما استيقظت، تموت أنت. كم أشتاق إليك يا أبي، من سيزورنا؟ متى سأعانقك؟ متى ألقاك؟ رحمك الله يا حبيبي، يا أبي الغالي.

رحلت عني مبكرًا، وتركت فراغًا كبيرًا في داخلي. هذا الفقد يؤلمني كلما رأيت فتاة تحتضن أباها. أخشى أن أكبر على الرغم من صغر سني، أخشى يا أبي أن أتذكرك، وأخشى أن يسكن الألم صدري، ويعجزني عن الاستمرار في الحياة. أحبك وأشتاق إليك يا أبي الغالي، يا قطعة من روحي.

الشوق إلى الأم

أمي، افتقدتك، ولكني لن أنساكِ من دعائي. لن أقلق عليكِ يا أمي، فأنا واثقة أن لكِ ربًا كريمًا رحيمًا بكِ. كل ما أود قوله أنني لم أنساكِ. رحمكِ الله وغفر لكِ.

تمر الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات، ولن أنساكِ. ستظل ذكراكِ باقية في قلبي وعقلي ودعائي، إلى أن يضمني التراب بجواركِ. ربي، اجعل مقامها في الفردوس الأعلى.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تأملات في جمال المطر

المقال التالي

تأملات في معنى الأسف وعواقبه

مقالات مشابهة