الفكر الإسلامي العميق
في ظلام الليل، بينما يغط الناس في نوم عميق، وبينما ينغمس آخرون في اللهو، في هذا السكون الدامس حيث تتجمع الآهات وتذرف الدموع، في هذا الوقت بالذات، أقف بين يديك يا رب، أناجيك وأسألك من فضلك وعفوك. أعوذ بك من زلات نفسي، وأسألك السلامة والمغفرة في كل حين.
أنت يا الله تعلم ما بي وما سيكون مصيري. اجعل لي طريقًا واضحًا إليك لا أضل عنه أبدًا، طريقًا أسلكه دائمًا. إذا تاهت بي الدروب، أو إذا أغرتني الدنيا بجمالها الزائف، في كل الأحوال، أعدني إليك يا ربي ولا تتركني وحدي. أخرجني من ظلمة الليل إلى نور الصباح الذي يتنفس أملًا وحبًا لك وفيك ومنك.
تذكر دائمًا فراق الأحبة والأصحاب، عندما يوضع الوجه الجميل على الحجر، ويهال على الجسد الرقيق التراب، عندما تضيق القبور وتختلف الأضلاع. وتذكر أن القبر سيكون روضة من رياض الجنة لأناس صدقوا الله فصدقهم، فثبتهم بالقول الثابت وعصمهم من العذاب.
لكي تسمو الروح وترتقي النفس، لا بد من قطع التعلق بالدنيا أو على الأقل تخفيفه قدر الإمكان.
تتبدل بنا الأحوال بسرعة، فنصبح بين ليلة وضحاها في حال غير التي كنا عليها. قد نفقد عزيزًا، وقد نفقد مالًا، وقد نفقد حتى أنفسنا. بين ليلة وضحاها تختلف المقاييس، وقد يتحول شخص كان عزيزًا إلى شخص نرغب في الانتقام منه بسبب ما فعل بنا.
لا يمكن للقلب أن يجمع بين النور والظلام في آن واحد. وحتى يستقر نور الحق والإيمان والقرآن في القلب، يجب التخلص من ظلمة الذنوب.
تأملات دينية رائعة
تخيل نفسك واقفًا بين طريقين: أحدهما يؤدي إلى الجنة، والآخر يؤدي إلى النار. وعلى كل طريق يوجد داعي يدعوك إليه. أنت تسير تارة إلى هذا وتارة إلى ذاك، ثم تسير نحو الجنة، ولكن سرعان ما يغريك داعي النار ويشككك في طريقك. في هذه اللحظة، أنت في أمس الحاجة إلى البصيرة وإدراك العاقبة والحزم في اتخاذ القرار والعزم على السير في الطريق الصحيح. إياك والتردد، فهو صفة العاجز وصاحب الهمة الضعيفة الذي ينهار بسرعة أمام زخرف الدنيا وزينتها.
مع كل صباح جديد، وبمجرد أن أفتح عيني وأدرك أني دخلت يومًا جديدًا، وأن روحي ما زال فيها متسع لذكرك وعبادتك، أحمدك يا ربي كثيرًا وأتوق لما يخبئه لي القدر الذي قدرته لي، والذي يحمل لي كل الخير، سواء كان ظاهرًا أو باطنًا. أستيقظ بقوة وأعمل بجد لأنك ربي الذي خلقتني، ولأنك الكريم الذي منحتني أيامًا، وها هو يوم جديد تمنحني إياه لزيادة عملي الصالح، وكفرصة للتغير نحو الأفضل.
خصص وقتًا تخلو فيه مع نفسك والله مطلع عليك، تراجع فيه أعمالك، فتحمده سبحانه على الخير وتتوب إليه من الذنب.
هل تعرف ما هي المناجاة؟ هي حديث المحب مع حبيبه، يكلمه بأجمل الكلمات ويعبر له عن مشاعره وضعفه. لا تكون المناجاة إلا بين الأحباب، بين طرفين تربطهما علاقة وثيقة من الوفاق والثقة الكبيرة. هل جربت المناجاة مع الله؟ أليس هو الخالق الأعظم الذي يستحق أعظم حب في الوجود؟ الله يحب عبده الذي يلجأ إليه ويحميه برحمته. فهل أنت تحب الله وتذهب لمناجاته؟
مناجاة الله هي قوة وحصن يلجأ إليه العبد كلما شعر بضيق أو بفرح أو بقوة أو بضعف. في كل أحواله يقبله ربه، ويهديه من أسرار الكون ما يخفف عنه مسير الحياة الطويل. جرب أن تناجي ربك ساعة في الليل، ستجدها صعبة في البداية، ولكنها ممتعة للغاية. وللمناجاة لذة لا يعرفها إلا من جربها يومًا، ولا يتركها من جربها بصدق.
أن تشعر أنه ليس بينك وبين السماء مسافات، وأنه ليس بينك وبين الله حجاب، أنك أضعف قوة على الأرض تناجي أعظم قوة في السماء والأرض، يكفيك هذا الشعور لتبوح بكل ما في داخلك وتدعو الله بكل ما تريد. ستشعر أن حملاً كبيرًا قد انزاح عن كاهلك، وستشعر أنك خفيف كما لو كنت طيرًا تطير في السماء.
كلمات نورانية إسلامية
تذكر مفارقة الأحباب والأصحاب، حين يوسد الوجه الجميل بالحجر، ويهال على الجسد الرقيق التراب، حين تضيق القبور وتختلف الأضلاع، وتذكر أن القبر سيكون روضة من رياض الجنة لأناس صدقوا الله فصدقهم، فثبتهم بالقول الثابت وعصمهم من العذاب.
عندما نصلي لا نؤدي حركات رياضية، بل نفتح طريقًا للسماء نرسل عبره الدعاء والحمد والشكر. عندما ننفق من أموالنا على الفقراء لا ننقص من ذخيرتنا، بل نعطي أموالنا قدرًا من الطهر في دنيا الزيف. عندما ترتدي فتياتنا الحجاب لا ترتدي قماشًا وحسب، بل تكتسي عفة وطهارة وجمالًا واكتمالاً كالقمر. ديننا ليس مظاهر، إنما جوهرة عميقة رائعة.
هذا الدين لا ينتصر بالمعجزات ولا بمجرد الدعاء، بل قضت حكمته سبحانه أن ينتصر الدين بجهد أبنائه، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد: 4]. فاسأل نفسك: ما هو الجهد الذي بذلته وتبذله؟
جميل أن تكون كل الأسرة المسلمة مجتمعة على وسادة الصلاة كما تجتمع كلها على مائدة الطعام، وبعد الصلاة يحدثهم والدهم عن الحياة وعن الإيمان وعن الأخلاق، فتكون أعظم من ألف خطبة ومئة درس وكتاب.
أجمل التأملات الإيمانية
إذا طلبت من ربك شيئًا فاستح منه، وقدم له شيئًا من العبادة والطاعة، فقد قدم الله ذكر العبادة على الاستعانة حين قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].
مما يعيق التوجه إلى الله وجمع خير القرآن… انصراف النفس نحو اهتمامات من المباحات لا داعي لها.
أنا الإنسان المسلم أحمل في قلبي قرآنًا يرشدني للطريق الصحيح، الذي حاد عنه الكثير، والذي يفتقده الكثيرون ممن لا يؤمنون بدين الحق، فأنا أسير على بصيرة واضحة ولا أحتاج لصراعات كثيرة مع نفسي، فالهدوء عنواني والصواب طريقي والجنة مبتغاي وربي هو المعين في كل الظروف.
كن ثابتا في إيمانك، كثير التزود بالخير كي تتجذر شجرة إيمانك وعطائك، فتثبت جذورها وتقوى، وتسمو فروعها وتنتشر وتكثر ثمارها.
إذا شعرت أنك لم توفق لإنجاز عمل خير ما، فاعلم أن هناك ما يحول بينك وبينه: إما ظلمة المعصية، أو ضعف العزم، أو الانشغال بالدنيا، أو أن الشيطان بلغ منك مبلغه فغلبك بوساوسه وضعف نفسك تجاهه، فأنظر أين أنت وصحح النية والمسير وأعد الكرة واستعن بالله.
حين أنحني في سجودي أتذكر علاك، حين أسبحك أتذكر عفوك ورضاك، كم من المرات التي عقدت فيها ألا أعود لعصيانك وأخلفت وعودي، وكم من المرات التي قرأت بها أحاديث التوبة فاستجمعت قواي لها، ثم وَهَنت، أنا يا ربي ضعيف القوى بك أحتمي، ضعيف الجانب إليك ألتجي، أنت العفو.