مفهوم العصر الرقمي
علم المعلومات هو دراسة المنهجيات الفنية المنظمة التي تعالج البيانات بهدف الحصول على معلومات قيمة. تتدفق المعلومات بكميات كبيرة في جميع جوانب حياتنا، وتعتمد طرق المعالجة على النظريات والتقنيات المتعلقة بتخزين المعلومات وتوزيعها واسترجاعها. يشير العصر الرقمي إلى التطور الهائل في مجال المعلوماتية، والذي أدى إلى تغييرات كبيرة في مختلف مجالات الحياة.
بدايات العصر الرقمي
يرى الباحثون أن العصر الرقمي بدأ في أوائل الثمانينات من القرن العشرين، مع ظهور الكمبيوتر الشخصي وانتشار استخدامه على نطاق واسع. وقد عمل العلماء على تطوير تقنيات مختلفة تمكن الإنسان من أداء مهام متعددة في وقت واحد، مما يوفر الوقت والجهد. وأصبح من الممكن إرسال واستقبال المعلومات، وإجراء تعديلات على البيانات في نفس الوقت.
لقد ارتبط العصر الرقمي بتطور أجهزة الكمبيوتر. فبعد أن كان الكمبيوتر بحجم غرفة كبيرة، أصبح الآن صغيرًا جدًا بحيث يمكن وضعه في الجيب. كما زادت سرعة تبادل المعلومات، وتطورت التقنيات المستخدمة فيها بحيث يمكن للأشخاص تبادل الصوت والصورة وإرسال مقاطع الفيديو مباشرة.
كما ارتبط العصر الرقمي بتطور وسائل الاتصال التي أصبحت متصلة بالشبكة العنكبوتية وشبكات الاتصال المختلفة. وأصبح بإمكان أي شخص يحمل هاتفًا يدعم خدمة الإنترنت البحث عن أي معلومات يريدها وإرسالها، وإرسال الصوت والصورة ومقاطع الفيديو كما هو الحال مع جهاز الكمبيوتر. بل أصبح التنافس بين شركات الاتصالات يتمحور حول سرعة استقبال الهاتف للبيانات وإرسالها.
تأثير العصر الرقمي على العلاقات الإنسانية
التحديات التي يواجهها الإنسان حاليًا في ظل العصر الرقمي تختلف كثيرًا عما كانت عليه في الماضي. فقد ظهرت العديد من التطورات التي ساعدت على تعزيز العلاقات الإنسانية من ناحية، فأصبح التواصل بفضلها سهلاً. يمكن لشخص يعيش في بلد ما أن يتحدث مع شخص آخر يعيش في قارة أخرى صوتًا وصورة، ويتبادلان المعلومات بسهولة وسرعة. كما أصبحت عملية الحصول على المعلومات سهلة ومتاحة للجميع.
لكن من ناحية أخرى، ظهرت بعض السلبيات نتيجة للاستخدام غير السليم للعصر الرقمي، مثل استغلال الأطفال، ونشر معلومات كاذبة، والترويج للمخدرات، والأعمال المنافية للآداب والأخلاق. كما أن البعض قد يصاب بالإدمان، مما يؤدي إلى الانقطاع عن الناس والابتعاد عنهم، ظنًا منه أنه يتواصل اجتماعيًا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن الدراسات أثبتت أن هؤلاء الأشخاص يعتبرون منعزلين وغير اجتماعيين.
يجب أن نستخدم هذه الأدوات بحكمة ووعي، ونتذكر دائمًا أن العلاقات الحقيقية تتطلب تفاعلًا مباشرًا وتواصلًا شخصيًا. فالتكنولوجيا يجب أن تكون وسيلة لتعزيز هذه العلاقات، وليس بديلاً عنها.
إن الإسلام يحثنا على الحفاظ على الروابط الاجتماعية وتعزيزها، ويحث على التآلف والتعاون بين الناس. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]. وهذا يشمل أيضًا استخدام التقنيات الحديثة في سبيل الخير وتقوية العلاقات الإيجابية بين الناس.
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على التواصل وصلة الرحم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” (متفق عليه). وهذا الحديث يوضح أهمية التواصل الإيجابي والمساهمة في بناء مجتمع متماسك.