تأثير الإيمان على الفرد والمجتمع

تأثير الإيمان على الفرد والمجتمع

الإيمان هو أساس الحياة الروحية للفرد والمجتمع، وله تأثيرٌ عميقٌ على سلوكياتهم، وعلاقاتهم، واستقرارهم.
فالإيمان بالله عز وجلّ، والتصديق بكتابه ورسوله، هو الطريق لتحقيق السعادة والطمأنينة في هذه الحياة، وتحقيق النجاح في الآخرة.
وقد حدّد الإسلام أركان الإيمان التي تُشكّل جوهر الإيمان القويّ، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الإيمانُ: أن تُؤمن بالله وملائكتِه، وكُتبه، و رُسله، و تُؤمن بالجنَّة و النَّارِ، والميزان، و تُؤمن بالبعث بعد الموت، و تُؤمن بِالقدرِ خيرِه و شرِّه)”. [٢]

تأثير الإيمان على الفرد

ينعكس الإيمان على حياة الفرد في جوانب متعددة، ويُؤثّر على سلوكه وتفكيره، ويشعّره بالهدوء والسكينة، ويدفعه إلى السعي لرضاء الله تعالى.
من أهمّ تأثيرات الإيمان على الفرد:

التصديق بما ورد في الكتاب والسنة

الإيمان يدفع المسلم إلى تصديق كلّ ما ورد عن الله -تعالى- وعن نبيّه صلى الله عليه وسلم، مهما خالف ذلك العقل.
فالنصّ المقدّم على العقل، كما يقول الله عزّ وجلّ: “وَلَوْ تَوَكَّلْنَا عَلَيْهِ لَأَقْبَلْنَا عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ مَا أُرِينَا”. [١] وهو ما تجلّى في سلوك أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – في حادثة الإسراء والمعراج، حيث تصدّق برسالته صلى الله عليه وسلم دون تردد.

مراقبة الله في السرّ والعلن

إنّ مراقبة الله عزّ وجلّ من أهمّ ثمار الإيمان، فهي تجعل المسلم يُدرك أنّ الله يراه في كلّ وقت، ويشعره بالمسؤولية عن أفعاله،
فتدفعه إلى أداء واجباته بكلّ إخلاص، سواء في العبادات أو في حياته اليومية.
فمراقبة الله هي جزء من الإحسان الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “أن تعبد اللَّه كأنَّك تراه، فإنَّك إن لا تراه فإنَّه يراك”. [٤]

العزّة والإباء

المؤمن الذي تغلغل الإيمان في قلبه، يُدرك أنّ العزة لله تعالى،
فقال الله عزّ وجلّ: “وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”. [٥] وهذا الشعور بالعزّة يجعله ثابتاً في مواجهة الظلم، ويشعره بالقوة والشموخ،
وقد تجلّى ذلك في سلوك المؤمنين الأوائل الذين واجهوا الأعداء بشجاعة وثبات.

الطمأنينة والسكينة

الإيمان هو منبع الطمأنينة والسكينة في قلب المسلم،
فقال الله عزّ وجلّ: “الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ”. [٦] فالإيمان يجعل المسلم يُشعر بالهدوء والاستقرار النفسيّ،
ويتوكّل على الله في شؤونه، ويُدرك أنّ رزقه مُقدر من الله تعالى،
فلا يُعاني من القلق أو التوتر، وتكون حياته هادئة ومستقرة.

تأثير الإيمان على المجتمع

لأنّ الشريعة الإسلامية نزلت لإصلاح المجتمعات، فإنّ للإيمان تأثيرٌ كبيرٌ على المجتمع،
ويُساهم في بناء مجتمعٍ مترابطٍ وعادلٍ،
وهذا ما يُظهر أهمية دور الإيمان في إرساء الأمن والاستقرار والرفاهية.
من أهمّ تأثيرات الإيمان على المجتمع:

الاجتماع والوحدة

الإيمان يدفع الناس إلى التعاون والتراحم،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يد الله مع الجماعة وإنَّ الشَّيطان مع من فارق الجماعة يرتكضُ”. [٧] فالإيمان يُوحّد قلوب الناس، ويبعدهم عن الفرقة والتشتتّ.

السلوك المستقيم

الإيمان يُساهم في نشر الأخلاق الحميدة في المجتمع،
فقال الله عزّ وجلّ: “وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ”. [٨] فالمسلم يُدرك أنّ الله تعالى يراقبه،
فيحرص على أن يكون سلوكهُ مُستقيمًا، ويُبتعد عن الكذب والغشّ والعدوان،
ويُقدم على العفو والصفح اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان لا يغضب لنفسه، وإنّما يغضب إذا انتهكت حرمات الله تعالى.

سبل الحفاظ على الإيمان

في زمنٍ يزدادُ فيه اختبار الإيمان،
فمن المهمّ أن نحرص على الحفاظ على إيماننا ونُثبّته في قلوبنا،
وهذا يتطلّب منّا بذل الجهد، والتّمسّك بالسبل التي تُقوّي إيماننا، ومنها:

التضرّع إلى الله والدّعاء

ندعو الله عزّ وجلّ أن يهدينا ويثبّتنا على الصراط المستقيم،
وأن يُعصمنا من الفتن والشبهات،
وأن يُقوّي إيماننا.

الاستقامة على دين الله

نُحاولُ قدرَ الإمكان أن نُطبّق أوامر الله -تعالى- ونبتعد عن نواهيه،
قال الله عزّ وجلّ: “يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ”. [١١]

التمسّك بسنة النبيّ

نُقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم في كلّ شؤون حياتنا،
ونتّبع سُنّته الشريفة في جميع أمورنا،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الرَّاشدين المهديِّين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنَّواجذ”. [١٢]

ذكر الله

نُكثر من ذكر الله -تعالى-
في كلّ وقتٍ ومكانٍ،
فقال ابن عباس رضي الله عنه: “الشيطانُ جاثِمٌ على قلبِ ابنِ آدمَ، فإذا ذَكَر اللهَ خَنَسَ وإذا غَفَل وَسْوَسَ”. [١٣]

الصبر على الطاعة

نُصبّرُ أنفسنا على طاعة الله -تعالى-
ونُستعذُّ من الشيطان الرجيم،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تعوَّذُوا باللَّه من الفتَنِ، ما ظهر منها وما بطن”. [١٤]

اختيار الصحبة الصالحة

نختارُ صحبةً صالحةً تُساعدنا على الثبات في طريق الحقّ،
ونبتعدُ عن رفاق السوء الذين يُغرّوننا بالضلال.

عدم الأمن من مكر الله

نُدرك أنّ الله -سبحانه وتعالى- يُمكنه أن يُبتلينا بالفتن والشدائد،
فلا نُغترّ بالظاهر،
ونُحافظ على طاعة الله -تعالى-
فقال الله عزّ وجلّ: “أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّـهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّـهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ”. [١٥]

فالإيمان هو أساس حياةٍ سعيدةٍ ناجحة،
وهو حِصنٌ مُنيعٌ يُمكنه أن يُحفظنا من شرّ الفتن والضلال.
ولكنّه يحتاج منّا إلى بذل الجهد، والتمسك بالسبل التي تُقوّي إيماننا،
وعلى سبيل الدعاء، والاستقامة، وذكر الله،
والتماسك مع أهل الخير والطاعة.

جدول المحتويات

[١] سورة الإسراء، آية: 99.

[٢] رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2798، صحيح.

[٣] محمود الدوسري (5-2-2018)،”أثر الإيمان في حياة الإنسان”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019.

[٤] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 9، صحيح.

[٥] سورة المنافقون، آية: 8.

[٦] سورة الرعد، آية: 28.

[٧] رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عرفجة بن شريح الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 4577، أخرجه في صحيحه.

[٨] “أثر الإسلام في جوانب حياة الإنسان كلها”،www.fatwa.islamweb.net، 2003-2-4، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.

[٩] “أثر الإيمان بالقدر في سلوك المؤمنين”،www.ar.islamway.net، 2014-8-17، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.

[١٠] “من عوامل الثبات على الدين”،www.islamqa.info، 2010-5-12، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.

[١١] سورة إبراهيم، آية: 27.

[١٢] رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 28/493، صحيح.

[١٣] رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2221، إسناده صحيح.

[١٤] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 2867، صحيح.

[١٥] سورة الأعراف، آية: 99.

[١٦] أمير المدري،”مع الثبات وأسبابه”،www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.