بيان وتفسير آية الصيام في سورة البقرة

تحليل وتوضيح لآية ‘يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام’ من سورة البقرة. يشمل تفسير المفردات والمعنى العام للآية وأهميتها في الشريعة الإسلامية.

الآية القرآنية حول الصيام

يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). [البقرة: 183]

معاني ودلالات الألفاظ

فيما يلي شرح لأهم الكلمات الواردة في الآية الكريمة:

  • كُتب: فُرض وأوجب.
  • الصيام: الامتناع عن شهوات النفس من الطعام والشراب وغيرهما.
  • الذين من قبلكم: الأمم والأنبياء السابقون.

توضيح المعنى العام للآية

في هذه الآية المباركة، يتوجه الله عز وجل بالخطاب إلى المؤمنين من أمة الإسلام، آمراً إياهم بالصيام، ومبيناً أنه فريضة قديمة قد فرضها على الأمم السابقة. فالصيام عبادة ذات تاريخ طويل، أمر بها الله تعالى رسله وأنبيائه السابقين. وقد قال تعالى:

(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ). [المائدة: 48]

والصيام في الاصطلاح الشرعي هو التوقف والامتناع عن تناول الأطعمة والأشربة وعن المعاشرة الزوجية وكل ما يفسد الصوم، وذلك من طلوع الفجر الصادق وحتى غروب الشمس، مع وجود نية خالصة لله تعالى.

ذكر بعض المفسرين أن ذكر فرض الصيام على الأمم السابقة له حكمة بالغة، وهي تشجيع وتحفيز المؤمنين على أداء هذه العبادة. فعندما يعلم المؤمن أن الصيام كان مفروضاً على جميع الأمم والأنبياء، فإنه يتقبل الأمر بسهولة ويسر، دون تردد أو اعتراض. فالإنسان يجد سهولة في تحمل الأمور الصعبة عندما يعلم أنها مطلوبة من الجميع وليست مقتصرة عليه وحده، لأنه يشعر بالعدل والمساواة، مما يريح قلبه ويهدئ نفسه.

لقد فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين صيام شهر واحد فقط في العام، وهو شهر رمضان الكريم، حيث قال تعالى:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). [البقرة: 185]

وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام قبل فرض صيام رمضان يصومون ثلاثة أيام من كل شهر. ويعتبر صوم رمضان ركناً من أركان الإسلام الخمسة التي يجب على كل مسلم ومسلمة القيام بها. فقد ورد في الحديث الشريف:

بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ“. [رواه البخاري]

وقد بين الله تعالى في الآية الكريمة الهدف والحكمة من فرض الصيام في قوله:

(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). [البقرة: 183]

فالتقوى هي الغاية الأساسية من الصيام، وهي تعمل على تطهير النفس وتزكيتها وتهذيبها. الصيام يدرب الإنسان على الصبر على الجوع والعطش، ويطهره من خلال الابتعاد عن الشهوات والشعور بأحوال الفقراء والمحتاجين، وتقدير عظمة النعم التي أنعم الله بها عليه. كما يزكي الصيام النفس من خلال استشعار مراقبة الله تعالى والابتعاد عن المعاصي والذنوب والأخلاق السيئة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ“. [رواه البخاري]

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 183 و 185، وسورة المائدة، الآية 48.
  • صحيح البخاري.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تحليل دلالات الآية: “كتب عليكم القتال وهو كره لكم”

المقال التالي

إضاءات حول قوله تعالى: (أتأتون الذكران من العالمين)

مقالات مشابهة