بيان حكم الإفطار قبل دخول وقت المغرب

ما هو الحكم الشرعي لمن تناول الطعام أو الشراب قبل سماع أذان المغرب؟ تفصيل أحكام الإفطار قبل الوقت المحدد للصائم سهوًا أو عمدًا أو خطأ.

مقدمة

لقد جاءت الشريعة الإسلامية بأحكام جامعة مانعة، تُنظم حياة المسلمين وتربطهم ببعضهم البعض، وتحدد أوقات العبادات بدقة. فالمسلمون يتوجهون إلى قبلة واحدة، وتتحد مواقيت عباداتهم بزمان معلوم. وقد يواجه المسلم بعض المواقف التي قد تؤثر على صحة عبادته، فيحرص على السؤال عن حكمها الشرعي.

ومن بين هذه العبادات التي ترتبط بأوقات محددة، عبادة الصيام. فصيام شهر رمضان يبدأ بطلوع الفجر الصادق، وينتهي بغروب الشمس. وقد يطرأ على الصائم ما يجعله يتناول شيئاً من الطعام أو الشراب قبل الوقت المحدد للإفطار، فيسأل عن حكم الشرع في ذلك. للإجابة عن هذا التساؤل، يجب التفريق بين من أفطر عامداً عالماً، ومن أفطر ناسياً أو جاهلاً، وسيتم تفصيل ذلك في الأقسام التالية.

بيان حكم من أكل قبل الأذان خطأً

إذا تناول الصائم شيئًا قبل دخول وقت الإفطار بثوانٍ أو دقائق، فإنه يكون قد أفطر قبل الوقت المحدد. وهذا الإفطار قد يكون عن قصد وعلم بأن وقت الصيام لم ينتهِ، أو قد يكون عن طريق الخطأ دون تعمد انتهاك حرمة الصيام، أو قد يكون نسيانًا. وفي حالة الأكل عن طريق الخطأ، فإن هذا الخطأ يتخذ عدة صور، منها:

  • الخطأ في تقدير الوقت: مثل أن ينظر الصائم إلى السماء وهي ملبدة بالغيوم، فيظن أن وقت الإفطار قد حان، فيفطر ثم يتبين له أن الوقت لم يدخل بعد.
  • الخطأ في ظن دخول الوقت: مثل أن يستيقظ الصائم من النوم ويظن أن وقت الإفطار قد دخل، فيفطر ثم يتبين له عدم دخول الوقت، أو أن ينظر إلى ساعة معطلة فيظن أن الوقت قد دخل فيفطر ثم يتبين له عدم دخول الوقت.
  • الخطأ بسبب الأذان: مثل أن يسمع الصائم أذاناً ويظن أنه أذان المغرب، ولكنه لم يكن كذلك، فإذا أفطر فإن إفطاره يكون عن طريق الخطأ. أو أن المؤذن يؤذن قبل دخول الوقت فيخطئ الناس بخطأ المؤذن فيفطروا قبل دخول الوقت.

وكل هذه الأخطاء يُرجى أن تكون مغتفرة ومعفو عنها، ولا يجب على المسلم في هذه الحالات القضاء، وصيامه صحيح؛ لأنها أخطاء غير مقصودة وغير متعمدة، لقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5].

وكذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تجاوَز عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليه). [رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7219 ، صحيح.]

وينطبق الأمر ذاته على من تأخر في السحور، فأكل بعد الأذان عن طريق الخطأ وظنًا منه أن الفجر لم يطلع؛ فكل ذلك لا قضاء فيه وهو مغتفر بإذن الله وصيامه صحيح. وعلى المسلم أن يتحرى الدقة في ذلك كله، فلا يأكل إلا بعد أن يغلب على ظنه ويتأكد من دخول الوقت أو خروجه، سواء في السحور أو عند الإفطار، لأن الصيام من حدود الله تعالى.

توضيح حكم من تعمد الأكل قبل الأذان

أما من أفطر قبل الأذان بلحظة واحدة، وهو عالمٌ بأن وقت الصيام لم ينتهِ ولم يحن وقت الإفطار، فإنه بذلك يكون قد انتهك حرمة شهر رمضان، وعليه أمران:

  1. التوبة إلى الله -تعالى- بالإنابة والاستغفار، والندم على فعلته والعزم على عدم تكرارها.
  2. قضاء صيام اليوم الذي أفطر فيه بيوم آخر بعد انتهاء شهر رمضان.

تفسير حكم من أكل قبل الأذان ناسياً

أما من أفطر قبل الأذان ناسياً صيامه، فليس عليه شيء وصيامه صحيح ولا يجب عليه القضاء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا نَسِيَ فأكَلَ وشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقَاهُ). [رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1933، صحيح.]

المصادر

  • أبابن عثيمين،اللقاء الشهري، صفحة 13. بتصرّف.
  • سورة الأحزاب، آية:5
  • رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7219 ، صحيح.
  • بدر الدين الزركشي،المنثور في القواعد الفقهية، صفحة 275. بتصرّف.
  • محمد الشنقيطي،شرح زاد المستقنع، صفحة 18. بتصرّف.
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1933، صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

أحكام من أفطر في رمضان لعذر ولم يتمكن من القضاء

المقال التالي

ما الحكم فيمن تناول الطعام بعد أذان الفجر سهواً؟

مقالات مشابهة