جدول المحتويات:
مقدمة عن أهمية السعادة بالطاعة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إن السعادة الحقيقية والبهجة الدائمة لا تتحقق إلا بالإقبال على الله -عز وجل-، والتلذذ بذكره وطاعته. إن الفرح بطاعة الله من أعظم النعم التي يمنّ بها المولى على عباده، وهو دليل على صدق الإيمان وقوة اليقين.
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أسوة حسنة لنا في كل شيء، وكان -عليه الصلاة والسلام- يظهر عليه السرور والبِشر إذا أتى بعمل صالح، أو رأى خيراً. وقد كان إذا فرح سُرَّ واستنار وجهه، حتى كأنَّه قطعة قَمر صلوات ربي وسلامه عليه.
التذكير بتقوى الله
يا عباد الله، أذكركم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فهي وصية الله للأولين والآخرين. اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والعلن. فإن تقوى الله هي خير زاد، وطاعته هي سبيل الفلاح.
يقول الله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[٣][٢]
الخطبة الأولى: مظاهر الفرح بفضل الله
أيها الإخوة المؤمنون، إن الفرح بفضل الله -تعالى- ونعمه، والشعور بالبهجة عند أداء الطاعات، من علامات الإيمان الصادق. هذا الفرح هو الذي يمد المؤمن بالقوة والعزيمة للاستمرار في طريق الحق.
إن أعظم الفرح هو الفرح بالإسلام، أن منّ الله علينا فجعلنا مسلمين. فقد قالوا:(قالوا الحمد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)،[٤]
من مظاهر الفرح بفضل الله، السعادة بأداء العبادات، كالصلاة والزكاة والصيام والحج. والفرح بحلول المواسم المباركة كشهر رمضان وعشر ذي الحجة. هذه الأزمنة الفاضلة هي فرص عظيمة للتزود من الخيرات والتقرب إلى الله -تعالى-.
عندما يحل موسم من مواسم الخير، يمتلئ قلب المؤمن فرحًا وسرورًا، وقد تنهمر الدموع من عينيه شوقًا إلى لقاء الله -تعالى-. هذا هو الفرح الحقيقي الذي قال الله فيه: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).[١][٥]
الفرح نوعان: فرح محمود وفرح مذموم. الفرح المحمود هو الفرح الذي يرضي الله، كالفرح بالتوبة والرجوع إليه. بينما الفرح المذموم هو الفرح بالمعاصي والذنوب. فقد قال -تعالى-:(ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ* ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)،[٦]
يقول ابن القيم -رحمه الله-: “ليست حاجة الأرواح قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها وفاطرها ومحبته وذكره والابتهاج به، وطلب الوسيلة إليه والزلفى عنده”.[٧]
الخطبة الثانية: الفرح الحقيقي وأثره
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها المسلمون، يجب على المؤمن أن يميز بين الفرح الحقيقي والفرح الزائف. الفرح الحقيقي هو الذي يدوم ويثمر خيرًا، وهو الفرح بطاعة الله ورضوانه. أما الفرح الزائف فهو الفرح بالدنيا وملذاتها، وهو فرح زائل لا يدوم.
عندما أسلم عكرمة بين أبي جهل -رضي الله عنه- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه بين يديه، فقام إليه مسروراً وما عليه رداء حتى بايعه.[٢][٢]
وفرح النبي -صلى الله عليه وسلم- فرحاً شديداً بتوبة الله -تعالى- على كعب بن مالك -رضي الله عنه-، حيث يروي كعب بما رآه من النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَبْرُقُ وجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ).[٨]
الدعاء
اللهم إنا نسألك الفرحة بطاعتك، واللذة بذكرك، والأنس بقربك. اللهم ارزقنا قلوبًا خاشعة، وأعينًا دامعة، وألسنة ذاكرة.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.
المراجع
- سورة يونس ، آية:58
- أحمد بن عبد الله الحزيمي (23/6/2019)،”الفرح بطاعة الله (خطبة)”،الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 11/3/2022. بتصرّف.
- سورة ال عمران، آية:102
- سورة الأعراف، آية:43
- محمد حسين يعقوب،كتاب أسرار المحبين في رمضان، صفحة 41. بتصرّف.
- سورة غافر، آية:75 -76
- نوال العيد،كتاب موسوعة شرح أسماء الله الحسنى، صفحة 324 – 325. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم:3556، صحيح.