بنود بيعة العقبة الأولى

بيعة العقبة الأولى: تاريخ، بنود، أهميتها، والتأثير على مسيرة الإسلام.

بنود بيعة العقبة الأولى

مقدمة: أهمية البيعة

تُعد بيعة العقبة الأولى حدثًا هامًا في تاريخ الإسلام، حيث شكلت بداية تحولٍ كبير في مسيرة الدعوة الإسلامية، وعلامة فارقة في علاقة المسلمين بالرسول -صلى الله عليه وسلم-. فما هي البيعة؟ وكيف أدّت بيعة العقبة الأولى إلى تأسيس مجتمع إسلامي مترابط؟

فهم العلاقة بين البيعة والنظام الإسلامي يبدأ من تعريفها. فقد وصفها ابن خلدون بـ “العهد على الطّاعة، كأنّ المبايع يعاهد أميره على أنّه يسلّم له النّظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيءٍ من ذلك، ويطيعه فيما يكلّفه به من الأمر على المَنشط والمَكره”.

تاريخ البيعة

تم عقد البيعة في العقبة، وهي منطقة تقع بين مكة ومنى، حيث تُرمى الجمار في الحج. كانت مكة مركزًا رئيسيًا للوثنية قبل الإسلام، بينما اعتُبرت المدينة المنورة مأوى للمسلمين في مراحلهم الأولى.

أُقيمت بيعتان عند العقبة، الأولى والثانية. تُعد بيعة العقبة الأولى رمزًا للالتزام والولاء، حيث بايع ستة من أهل المدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام، ثم عادوا إلى قومهم، مُبلغين إياهم برسالة الإسلام، مُبشّرين ومُنذرين. هذه البيعة كانت بمثابة الخطوة الأولى نحو تأسيس دولة إسلامية.

بنود بيعة العقبة الأولى

يُروى أن البنود التي أُقرت في هذه البيعة تم ذكرها في حديث رواه عبادة بن الصامت، قال: (بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ ، وَلَا تَأْتُوا ‌بِبُهْتَانٍ ‌تَفْتَرُونَهُ ‌بَيْنَ ‌أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ).

تلخص هذه البنود أركان أساسية في العقيدة الإسلامية، والتي تُشكل أساس سلوكيات المجتمع المسلم:

  • التوحيد: ألا يُشرك بالله شيئاً.
  • الحفاظ على المال : لا تسرقوا.
  • الحفاظ على العرض: لا تزنوا.
  • الحفاظ على النفس: لا تقتلوا أولادكم.
  • الحفاظ على سمعة المجتمع : لا تأتون ببهتان تفتَرونه بين أيديكم وأرجلكم.
  • الامتثال لأوامر الله ورسوله: لا تعصوا في معروف.

وتُبين النصوص أنّ العقاب للخاطئ في الدنيا هو كفارة، أمّا إذا غفر الله له فأمره إلى الله في الآخرة.

أثر البيعة

بعد بيعة العقبة الأولى، اشتدت وتيرة الدعوة إلى الإسلام في المدينة المنورة، فأسلم عدد كبير من أهلها، وأصبحوا قوة داعمة للرسول -صلى الله عليه وسلم- . كانت البيعة بمثابة الضمان للرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنّه سيُعامل معاملة الأخ والصديق في مكان آمن ، ليست مكة المكرمة حيث كانت تُلاحقه الاضطهادات من قِبلِ قبيلة قريش.

هذه البيعة كانت بداية لِعلاقة وثيقة بين المسلمين في المدينة والرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فُتح باب لِتأسيس مجتمع إسلامي مترابط ، وتُعَدُّ بيعة العقبة الأولى خطوةً مُهمةً في تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.

المراجع

  1. عبد الرحمن ابن خلدون (1408)، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (الطبعة 2)، بيروت: دار الفكر، صفحة 261، جزء 1.
  2. ياقوت الحموي (1995)، معجم البلدان (الطبعة 2)، بيروت: دار صادر، صفحة 134، جزء 4. بتصرّف.
  3. عبد الرؤوف المناوي (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 7، جزء 7. بتصرّف.
  4. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة 1)، بيروت: دار الهلال، صفحة 129. بتصرّف.
  5. أبو أحمد محمد عبد الله الأعظمي (1437)، الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (الطبعة 1)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 122، جزء 8. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في الصحيح، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 18، صحيح.
  7. أبراغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 7، جزء 12. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

بنود اتفاقية حقوق الطفل

المقال التالي

حقوق العمل والعمال في القانون الأردني

مقالات مشابهة

الهجرة النبوية الشريفة: حماية الرسالة وبناء الدولة الإسلامية

استعراضٌ لأهمية الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة في حماية الدعوة الإسلامية وبناء الدولة الإسلامية، مع التركيز على بناء المسجد النبوي، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ووثيقة المدينة المنورة.
إقرأ المزيد