بداية الخليقة: نظرة في أول المخلوقات

مقدمة

عند التأمل في بداية الخلق، تتبادر إلى الأذهان أسئلة كثيرة حول الكيفية التي بدأ بها كل شيء، وما هي أول المخلوقات التي أبدعها الخالق عز وجل. تعددت الروايات والأقوال في تحديد أول مخلوق، وسنسعى في هذا المقال إلى استعراض أبرز هذه الآراء والأقوال، معتمدين على الأدلة الشرعية والنقولات التاريخية.

أوائل المخلوقات

تباينت الآراء حول تحديد أول مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى. فيما يلي عرض لأبرز هذه الآراء:

العرش

ذكر الطبري في تاريخه أن العرش كان أول ما خلقه الله تعالى. فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أول ما خلق الله تعالى العرش فاستوى عليه).

الماء

يرى البعض الآخر أن الماء سبق العرش في الوجود. فقد جاء أيضًا في تاريخ الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أول ما خلق الله تعالى الماء قبل العرش، ثم وضع العرش عليه).

وفي الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على وجود الماء قبل خلق السموات والأرض: (قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ. وقالَ: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى، لا تَغِيضُها نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ والنَّهارَ. وقالَ: أرَأَيْتُمْ ما أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّماءَ والأرْضَ؟! فإنَّه لَمْ يَغِضْ ما في يَدِهِ، وكانَ عَرْشُهُ علَى الماءِ، وبِيَدِهِ المِيزانُ يَخْفِضُ ويَرْفَعُ).

القلم

تذكر بعض الأحاديث أن القلم هو أول المخلوقات. فقد جاء في الحديث الشريف عن عبادة بن الصامت: (إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ: اكتبْ، قال: ربِّ وماذا أكتبُ ؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ. يا بنيَّ إني سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقول: من مات على غيرِ هذا فليسَ مِني).

آراء أخرى

ذكر بعض العلماء أقوالًا أخرى، مثل أن النور والظلمة كانا أول ما خلق الله، أو أن العقل هو أول المخلوقات، أو حتى الأرواح.

أول ما خُلق من الأرض

يرى العلماء أن أول بقعة خُلقت من الأرض هي موضع البيت الحرام، ومنها امتدت الأرض كلها. ويستدلون على ذلك بالآية الكريمة: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ). كما ورد أن أول جبل خلقه الله هو جبل أبي قبيس.

أول البشر

لا خلاف بين العلماء على أن آدم عليه السلام هو أول البشر الذين خلقهم الله. وقد جعله الله خليفة في الأرض، كما جاء في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

كما يؤكد العلماء أن الجن خلقوا قبل الإنس، استنادًا إلى قوله تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ).

المصادر

• أبو المظفر يوسف، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان.
• صحيح البخاري، رواية أبو هريرة.
• أصول الدعوة وطرقها، مجموعة من المؤلفين.
• صحيح أبي داوود، رواية عبادة بن الصامت.
• المطهر بن طاهر المقدسي، البدء والتاريخ.
• تفسير السمعاني، أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني.
• مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، محمد بن جميل زينو.
• أسرار البيان في التعبير القرآني، فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري السامرائي.
• القرآن الكريم.