جدول المحتويات
- الفرق بين الآيات المحكمات والمتشابهات في القرآن
- تعريف المحكم والمتشابه عند الحنفية
- أمثلة على ألفاظ المحكم في القرآن الكريم
- أمثلة على ألفاظ المتشابه في القرآن الكريم
- المراجع
الفرق بين الآيات المحكمات والمتشابهات في القرآن
يُعد مبحث المحكم والمتشابه في القرآن الكريم موضوعًا هامًا في علم أصول الفقه، خاصة لدى علماء الحنفية الذين قسموا النصوص القرآنيّة إلى قسمين رئيسيين: الواضح والخفي. يُصنف الواضح إلى أربعة أنواع: الظاهر، والنص، والمفسر، والمحكم، بينما يُصنف الخفي إلى أربعة أنواع أيضًا: الخفي، والمشكل، والمجمل، والمتشابه. من الجدير بالذكر أن جمهور العلماء يُفضلون تصنيف الدلالة إلى ثلاثة أنواع فقط: النص، والظاهر، والمجمل، حيث يُعتبر النص والظاهر عندهم مكافئًا للظاهر، والنص، والمفسر، والمحكم عند الحنفية، بينما يُشكل المجمل عندهم مكافئًا للخفي، والمشكل، والمجمل عند الحنفية.
يُلاحظ أن هناك اتفاقًا بين جمهور العلماء والحنفية على تصنيف المتشابه على أنه أحد أنواع النصوص القرآنيّة. يُشير هذا إلى أن مبحث المحكم والمتشابه هو مسألة جوهرية في فهم وتفسير النصوص القرآنيّة.
تعريف المحكم والمتشابه عند الحنفية
تعريف المحكم
عند علماء الأصول الحنفية، يُعرّف المحكم بأنه: “اللفظ الذي دلّ بصيغته على معناه دلالة واضحة قطعية، فهو مقصود أصالة، وسيق الكلام لأجله، ولا يحتمل تأويلًا إن كان خاصًّا، ولا يحتمل تخصيصًا إن كان عامًّا، ولا يحتمل نسخًا فهو في غاية الوضوح في إفادة المعنى”.[2]
من خلال هذا التعريف، يتضح أن اللفظ المحكم عند الحنفية هو اللفظ الذي يتميز بالوضوح واليقين في دلالته على المعنى. وتتميز الألفاظ المحكمة بمجموعة من الصفات التي تُميزها عن غيرها من الألفاظ، وهي:
- دلالته على معنى واحد واضح قطعي لا يحتمل التفسير.
- كونه مقصودًا من سياق النص بصفة أساسية.
- عدم قابليته للتأويل أو التفسير إلى معاني متعددة.
- عدم قابليته للتخصيص في حالة كون اللفظ من ألفاظ العموم.
- عدم قابليته للنسخ.
تعريف المتشابه
أما المتشابه عند أصوليّ الحنفية فهو: “اللفظ الذي لا تدل صيغته على المراد منه ولا توجد قرائن خارجية تبينه، واستأثر الشارع بعلمه فلم يفسره”.[3]
يُشير هذا التعريف إلى أن المتشابه هو لفظ مُبهم، لا تُشير صيغته إلى معناها بشكل واضح، ولا تتوفر قرائن خارجية تُبين دلالته، ويستأثر الله -تعالى- بعلمه دون شرحه لنا. يُطلق على هذا النوع من الألفاظ اسم “المتشابه” لأنها تُشكل نوعًا من التشابه والالتباس.
يُعزى سبب الغموض في الألفاظ المتشابهة إلى قول الله -تعالى- في سورة آل عمران:
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).[4]
يُثير الجدل في هذه الآية مكان الوقف فيها. فمن العلماء من يرى ضرورة الوقف على قول الله -تعالى-:(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ)، وينفي إمكانية وصلها بما بعدها. في هذه الحالة، تكون الواو بعد لفظ الجلالة استئنافية، وبناءً عليه، يكون علم تأويل المتشابه خاصًا بالله -تعالى-.
بينما يرى بعض العلماء الآخرين أن الوقف يكون على قول الله -تعالى-:(وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وتكون الواو في هذه الحالة واو العطف. بهذه الحالة، يكون الراسخون في العلم هم من يدركون المقصود من المتشابه في القرآن الكريم.
بناءً على كون الواو عاطفة على هذا الرأي، يكون الراسخون في العلم هم من يدركون المقصود من المتشابه في القرآن الكريم. أما من وقف على لفظ الجلالة وجعلالواو استئنافيةفيكون علم المتشابه علماً خاصاً بالله -تعالى- لا يعلمه إلا هو سبحانه، وهو مما استأثر الله -تعالى- به عنده من العلوم.[5]
أمثلة على ألفاظ المحكم في القرآن الكريم
يوجد العديد من الأمثلة على الألفاظ المحكمة في القرآن الكريم، منها:
- الحقائق المتعلقة بصفات الله -تعالى- مثل قوله:(وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)،[7] أو قوله -تعالى-:(وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،[8] فهذه صفات لله-تعالى- وهي لا تحتمل معنى آخر ولا يدخلها النسخ ولا يمكن تخصيصها.
- بعض الأحكام الفقهية الجزئية، مثل النهي عن الزواج بأمهات المؤمنين أزواج رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، يقول الله -تعالى-:(وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا)،[9] فلا يجوز الزواج من أمهات المؤمنين البتة، ولا يحتمل هذا الحكم تخصيصاً ولا نسخاً.
أمثلة على ألفاظ المتشابه في القرآن الكريم
تُعدّ الأمثلة على الألفاظ المتشابهة في القرآن الكريم قليلة، وتقتصر على بعض مسائل الاعتقاد والحروف المقطعة من فواتح السور القرآنية. لا يظهر المتشابه في الأحكام الفقهية العملية؛ لأنها تحتاج إلى تفصيل وبيان لقيام حياة الناس قياماً تاماً. ومن أمثلة المتشابه ما يأتي:
- الحروف المقطعة في فواتح السور، مثل: (آلم) و(حم) و(كهيعص) و غيرها من الحروف المقطعة التي تأتي في بداية بعض السور القرآنية الكريمة.
- صفات الله -تعالى- التي ذكرت في القرآن الكريم كالوجه في قوله -تعالى-:(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)،[10] والعين في قوله -تعالى-:(وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني)،[11] واليد في قوله -تعالى-:(يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)،[12] وغيرها من صفات الله -تعالى-، فهي من الألفاظ المتشابهة التي يؤمن المسلم بها ويسلم الأمر فيها إلى الله -تعالى-، فالعبرة فيها بقول الله -تعالى-:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).[13]
المراجع
- أبعياض السلمي،أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، صفحة 390-405. بتصرّف.
- أبمحمد الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 92.
- أبمحمد الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 117-118.
- سورة آل عمران، آية:7
- أبعبد الوهاب خلاف،علم أصول الفقه، صفحة 176. بتصرّف.
- محمد الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه، صفحة 92. بتصرّف.
- سورة الحجرات، آية:16
- سورة الحشر، آية:6
- سورة الأحزاب، آية:53
- محمد الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه، صفحة 118. بتصرّف.
- سورة طه، آية:39
- سورة الفتح، آية:10
- سورة الشورى، آية:11