الوقت المحدد للصلاة: أحكام وضوابط

تعرف على الأحكام المتعلقة بأداء الصلاة قبل الأذان، وسبب وجوبها، وحكم أدائها أثناء الأذان. بالإضافة إلى شروط صحة الصلاة وحكمة مشروعية الأذان.
فهرس المحتويات
حكم أداء الصلاة قبل سماع الأذان
الوقت كدافع لوجوب الصلاة
حكم أداء الصلاة خلال الأذان
الوقت كشرط أساسي للصلاة
الغرض من تشريع الأذان

حكم أداء الصلاة قبل سماع الأذان

لا يجوز للمسلم أن يشرع في الصلاة قبل سماع الأذان الذي يدل على دخول الوقت المحدد لها. فالصلاة لا تصبح واجبة على المسلم قبل حلول وقتها، ولا تعتبر صحيحة إذا أداها قبل هذا الوقت. إن دخول وقت الصلاة والإعلان عنه بالأذان هما من الأسباب الموجبة لأداء الصلاة على المسلمين. وقد خصصت الشريعة لكل صلاة وقتاً معيناً لا يجوز تجاوزه أو الإخلال به تحت أي ظرف، سواء في حالة السلم أو الخوف، وذلك استناداً لقول الله تعالى:

(إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).[١]

بمعنى أنها محددة بأوقات معينة لا يجوز تجاوزها.[٢][٣] يجب على المسلم أن يحرص على أداء الصلاة بعد التأكد من دخول وقتها. فوقت صلاة الظهر يبدأ عندما تزول الشمس عن منتصف السماء مائلة نحو الغرب، ووقت صلاة العصر يبدأ عندما يصبح ظل الشيء مساوياً لطوله، ووقت صلاة المغرب يبدأ عند غروب الشمس، وصلاة العشاء يبدأ وقتها عند غياب الشفق الأحمر، بينما يبدأ وقت صلاة الفجر عند طلوع الفجر الصادق، وهو الفجر الثاني.[٤]

لا يجوز تقديم صلاة العشاء وأدائها بعد صلاة المغرب، لأن السبب الموجب لها وهو دخول الوقت لم يتحقق بعد.[٥] فإذا شرع المصلي في تكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت، فإن صلاته لا تصح وتعتبر باطلة إذا كان يعتمد على معرفة الوقت بعلم أو اجتهاد أو تقليد. أما إذا كان جاهلاً، فإنها تقبل منه على أنها سنة وليست فريضة، ويجب عليه إعادتها بعد دخول الوقت. أما إذا أداها بعد خروج وقتها وكان جاهلاً أو ناسياً أو نائماً، فإنه يصليها حين يتذكرها وتقبل منه ولا يؤثم على ذلك. أما إذا كان متعمداً، فإنه يعتبر عاصياً ويأثم على تأخيرها وعليه قضاؤها.[٦][٧]

الوقت كدافع لوجوب الصلاة

يُعتبر دخول وقت الصلاة سببًا من أسباب وجوبها؛ فبمجرد حلول وقت الصلاة، يصبح أداؤها واجبًا على المسلم. ومع ذلك، فإن دخول الوقت ليس ركنًا من أركان الصلاة، فالسبب يختلف عن الركن. السبب يسبق الصلاة، بينما الركن هو جزء لا يتجزأ منها. يجب أن يكون السبب قائمًا من بداية الصلاة حتى نهايتها، في حين أن الركن يتم فعله في الصلاة ثم ينتهي ليأتي بعده ركن آخر. السبب لا يتكون منه أفعال الصلاة، بل يجب وجوده أثناء أدائها، بينما الركن تتكون منه أفعال الصلاة، مثل الركوع والسجود.[٨]

وقد اختلف العلماء في مسألة إدراك الصلاة الواجبة قبل خروج وقتها. ذهب بعضهم إلى أنه إذا قام الشخص بتكبيرة الإحرام قبل انتهاء وقت الصلاة – أي قبل الأذان للصلاة التالية – فقد أدرك الصلاة وتعتبر أداءً لا قضاءً. بينما رأى جمهور العلماء أنه لا يدرك الصلاة إلا إذا أدى ركعة كاملة قبل انتهاء وقتها.[٩]

حكم أداء الصلاة خلال الأذان

يجوز للمسلم أن يبدأ الصلاة أثناء الأذان، وتعتبر صلاته صحيحة ولا يجب عليه إعادتها. فالأذان هو إعلام بدخول وقت الصلاة، فإذا سمع المصلي “الله أكبر” وتوجه فورًا لأداء الصلاة وكبر تكبيرة الإحرام، فصلاته صحيحة ولا يشترط عليه انتظار انتهاء الأذان كاملاً. ومع ذلك، يُستحب له الاستماع إلى الأذان وترديده مع المؤذن لينال المغفرة والأجر الذي وردت به السنة النبوية.[١٠][١١]

ومما يدل على جواز الصلاة أثناء الأذان ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال:

(كانَ المُؤَذِّنُ إذا أذَّنَ قامَ ناسٌ مِن أصْحابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوارِيَ، حتَّى يَخْرُجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهُمْ كَذلكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ، ولَمْ يَكُنْ بيْنَ الأذانِ والإِقامَةِ شيءٌ),[١٢]

وقد فسر العلماء هذا الحديث بأن الصحابة كانوا يبدأون الصلاة أثناء الأذان وينتهون منها مع انتهاء المؤذن.[١٣]

الوقت كشرط أساسي للصلاة

كما ذكرنا سابقاً، يعتبر دخول الوقت شرطاً لوجوب الصلاة، ومن صلى قبل دخول الوقت فإن صلاته لا تصح ويجب عليه إعادتها عند دخول الوقت.[١٤][١٥] وللصلاة شروط عديدة، نذكر منها ما يلي:[١٦][١٧]:

  • الإسلام.
  • العقل.
  • التمييز: فتصح الصلاة من المميز، ولكنها لا تجب عليه.
  • الطهارة: من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الأكبر كالجنابة والحيض والنفاس بالغسل والوضوء، أو التيمم في حال عدم وجود الماء. الطهارة من الحدث شرط في كل صلاة كاملة، ويرى العديد من العلماء أنها شرط في سجود التلاوة أيضاً.
  • الطهارة من النجس: يجب الطهارة من النجس في الثوب والبدن والمكان حتى تكون الصلاة صحيحة. فلا تصح الصلاة في ثوب نجس أو مكان نجس أو إذا كان على البدن نجاسة. إذا صلى شخص وهو جاهل بوجود النجاسة، فصلاته باطلة ويجب عليه إعادتها عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.[١٨] وذهب المالكية إلى وجوب الإعادة إذا كان ذاكراً وقادراً على إزالتها ولم يزلها، أما في حال النسيان أو العجز عن الإزالة فلا تجب عليه الإعادة. ومن كان لديه ملابس عليها نجاسة ولم يجد ما يزيلها، فصلاته بها صحيحة عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، بينما يرى الشافعية عدم صحة الصلاة في هذه الملابس.[١٨]
  • ستر العورة: يجب على الرجل ستر ما بين السرة والركبة، وعلى المرأة ستر جميع جسدها عدا الوجه والكفين.[١٩]
  • دخول الوقت: فلا تصح الصلاة إلا عند التيقن من دخول الوقت، وإذا شك المصلي في دخول الوقت فصلاته غير صحيحة.
  • استقبال القبلة.
  • النية.[٢٠]
  • الترتيب والموالاة في أداء أركان وسنن الصلاة.
  • الابتعاد عن الكلام الخارج عن الصلاة.
  • الابتعاد عن الفعل الكثير الذي يخل بالصلاة.
  • الابتعاد عن الأكل والشرب أثناء الصلاة.

الغرض من تشريع الأذان

شرع الله الأذان في الإسلام لعدة أغراض وحكم، من بينها ما يلي:[٢١]:

  • الجهر والإعلان بتوحيد الله تعالى، وتذكير الناس بذلك في كل وقت من الليل والنهار.
  • إعلان وإظهار شعائر الإسلام في المجتمع المسلم، فالأذان من الشعائر التي ينبغي إظهارها للعيان.
  • النداء للصلاة المفروضة التي هي سبيل الفلاح والنجاة والسعادة للمسلم، وذلك لتنبيه الغافلين والناسين لأداء هذه الفريضة التي هي من أعظم النعم على المسلمين، ليتقربوا بها إلى الله تعالى وينالوا الفلاح العظيم والفوز الكبير في الدنيا والآخرة.[٢٢]
  • إعلام الناس بدخول وقت الصلاة ووجوب أدائها، وإخبارهم بمكان أدائها.
  • الدعوة إلى اجتماع الناس لأداء الصلاة جماعة في المساجد، لما في ذلك من أجر وثواب عظيم.[٢٣]
  • الإعلاء من اسم الله تعالى بالتكبير، وإظهار دينه وشريعته للناس كافة، وإظهار مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وعلو شأنه.[٢٤]

المراجع

  1. سورة النساء، آية: 103.
  2. إبراهيم الإبياري (1405 ه)،كتاب الموسوعة القرآنية، -: مؤسسة سجل العرب، صفحة 337، جزء 9. بتصرّف.
  3. كوكب عبيد (1406 هـ – 1986 م)،كتاب فقه العبادات على المذهب المالكي(الطبعة الأولى)، دمشق – سوريا: مطبعة الإنشاء، صفحة 132. بتصرّف.
  4. ابن رشد الجد (1408 هـ – 1988 م)،كتاب المقدمات الممهدات(الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار الغرب الإسلامي، صفحة 148-149، جزء 1. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين،كتاب مجلة البحوث العلمية، صفحة 87، جزء 76. بتصرّف.
  6. ابن عثيمين (1426 هـ)،كتاب شرح رياض الصالحين، الرياض: دار الوطن، صفحة 360-361، جزء 1. بتصرّف.
  7. مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1413 هـ – 1992 م)،الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي(الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 123، جزء 1. بتصرّف.
  8. خالد الصقعبي،كتاب مذكرة القول الراجح مع الدليل شرح منار السبيل-الصلاة، صفحة 16. بتصرّف.
  9. عبد الله بن جبرين،كتاب شرح أخصر المختصرات، صفحة 33، جزء 5. بتصرّف.
  10. لجنة الإفتاء ومراجعة عبد الكريم الخصاونة (17-05-2010)،”هل يصح المباشرة بصلاة الفريضة عند أول الأذان؟”،aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2021. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين،كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 5233، جزء 11. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 625، صحيح.
  13. محمد الإتيوبي (1420 هـ – 1999 م)،كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى(الطبعة الأولى)، دار آل بروم، صفحة 358-359، جزء 8. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين،كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 105-106، جزء 65. بتصرّف.
  15. كوكب عبيد (1406 هـ – 1986 م)،كتاب فقه العبادات على المذهب المالكي(الطبعة الأولى)، دمشق – سوريا: مطبعة الإنشاء، صفحة 132. بتصرّف.
  16. عبد العزيز الفايز (1423هـ)،كتاب الأحكام المهمة على الدروس الملمة، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 37. بتصرّف.
  17. وهبة الزحيلي،كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي(الطبعة الرابعة)، دمشق-سوريا: دار الفكر، صفحة 728-732، جزء 1. بتصرّف.
  18. أبمحمد التويجيري (1430 هـ – 2009 م)،كتاب موسوعة الفقه الإسلامي(الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 423، جزء 2. بتصرّف.
  19. ابن الملقن (1427 هـ – 2006 م)،كتاب التذكرة في الفقه الشافعي لابن الملقن(الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 27، جزء 1. بتصرّف.
  20. عبد العزيز بن باز،كتاب شرح رسالة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في شروط الصلاة وأركانها وواجباتها، صفحة 3. بتصرّف.
  21. محمد التويجيري (1430 هـ – 2009 م)،كتاب موسوعة الفقه الإسلامي(الطبعة الأولى)، -: بيت الأفكار الدولية، صفحة 387، جزء 2. بتصرّف.
  22. محمد التويجري (1431 هـ – 2010 م)،كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة(الطبعة الحادية عشر)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 453. بتصرّف.
  23. مجموعة من المؤلفين،كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 39، جزء 64. بتصرّف.
  24. مجموعة من المؤلفين،كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 359، جزء 2. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

ضوابط وآداب الصلاة في مكان يحتوي على رسومات

المقال التالي

ضوابط أداء الصلاة مع الأذان

مقالات مشابهة