نظرة عامة على الهجرة والقوى العاملة
تُعد الهجرة اليوم ظاهرة عالمية مؤثرة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للدول. تتنوع أسبابها ومصادرها، وتشمل الهجرة العائلية والإنسانية. لا شك أن للهجرة تأثيرات كبيرة على الدول، خاصة من الناحية الاقتصادية. يُعتبر المهاجرون جزءًا أساسيًا من القوى العاملة العالمية، حيث يمثلون نسبة كبيرة من إجمالي عدد السكان في العالم.
يشكل العمال المهاجرون قوة عمل عالمية ضخمة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أعدادهم تصل إلى ملايين الأشخاص. هذه الأرقام تعكس مدى أهمية الهجرة في تشكيل سوق العمل العالمي وتأثيرها على اقتصادات الدول المختلفة.
دوافع هجرة الأيدي العاملة
السبب الرئيسي للهجرة هو البحث عن فرص عمل أفضل ومستويات دخل أعلى. يلعب نقص الفرص الاقتصادية في البلد الأم دورًا حاسمًا في دفع الأفراد إلى الهجرة، إضافة إلى التفاوت في توزيع الدخل بين الدول النامية والمتقدمة. غالبًا ما يكون الدخل في الدول المتقدمة أعلى بكثير مما هو عليه في الدول النامية، مما يشجع العمال على البحث عن فرص أفضل في الخارج.
تضطر نسبة كبيرة من العمال المهاجرين للعمل في وظائف أقل من مستوى مهاراتهم. أظهرت الدراسات أن العديد من المهاجرين ذوي الشهادات الجامعية يضطرون للعمل في وظائف تتطلب مهارات متوسطة أو منخفضة. قطاعات البناء، التصنيع، والخدمات تستقبل الجزء الأكبر من القوى العاملة الشابة المهاجرة.
تواجه فئة الشباب تحديات متزايدة في الحصول على فرص عمل مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، يضطر الكثيرون للهجرة من الريف إلى المدينة لأسباب متعددة، بما في ذلك تدهور الأراضي الزراعية، نقص المياه، المشاكل الزراعية المرتبطة بالمناخ، انعدام الأمن الغذائي والسكني، والأجور المنخفضة.
أثر هجرة القوى العاملة على الدولة المستقبلة
أثر الهجرة على الابتكار والإبداع
للهجرة تأثير ملحوظ على الابتكار والإبداع في الدول المضيفة. يساهم المهاجرون في تنمية الأعمال وتطويرها، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في المهارات. يمتلك العمال المهاجرون غالبًا وجهات نظر جديدة وأفكارًا متميزة، مما يساهم في توسيع المعارف والاتصالات الدولية لأصحاب العمل. كما أن تنوع ثقافات القوى العاملة يثري بيئة العمل ويساهم في تطوير الأعمال.
يجلب المهاجرون معهم مهارات قد تكون غير متوفرة في الاقتصاد المحلي، مما يعزز الإبداع والابتكار. أظهرت الدراسات دور المهاجرين في تأسيس شركات تكنولوجية كبرى. كما أظهرت الأبحاث أن نسبة كبيرة من الشركات الناشئة الأمريكية تم تأسيسها من قبل مهاجرين، وأن المهاجرين يشغلون مناصب قيادية في هذه الشركات. توفير بيئة مريحة للمهاجرين يساهم في تنمية الدول.
أثر الهجرة على التوظيف
تؤثر الهجرة بشكل واضح على اقتصاد الدولة المضيفة والتوظيف فيها. يعتمد هذا التأثير على مهارات العمال الحاليين والمهاجرين، وخصائص الاقتصاد، وقدرة الدولة على التكيف مع زيادة العرض من العمالة. قد تؤدي الهجرة إلى زيادة الطلب على العمالة بسبب مساهمة المهاجرين في توسيع طلب المستهلكين على السلع والخدمات. قد تزيد الهجرة من المنافسة على بعض الوظائف، وقد تخلق وظائف جديدة.
إذا كانت مهارات المهاجرين تحل محل مهارات العمال الحاليين، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التنافس وخفض الأجور على المدى القصير، مما قد يزيد البطالة بين العمال الحاليين. أما إذا كانت مهارات المهاجرين مكملة لمهارات العمال الحاليين، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاجية وارتفاع الأجور.
تشهد المهن التي تتطلب مهارات منخفضة منافسة كبيرة من قبل المهاجرين. تساهم الهجرة في توسيع الطلب على العمالة وإيجاد وظائف جديدة. قد يتم زيادة الإنتاج في القطاعات التي تستخدم العمالة الوافدة.
أثر هجرة القوى العاملة على الدولة المصدرة
تظهر الفوائد الاقتصادية قصيرة الأجل للهجرة على الدولة المصدرة من خلال التحويلات المالية، وهي المبالغ التي يرسلها المهاجرون إلى بلدانهم الأصلية لدعم أسرهم. وفقًا للبنك الدولي، بلغت قيمة التحويلات المرسلة إلى مختلف دول العالم مئات المليارات من الدولارات.
تلعب الهجرة دورًا في تحسين الوضع الاقتصادي للأسر على المدى الطويل من خلال التحويلات المالية، وتحسين رفاهية الأسر من خلال توفير الرعاية الصحية والتعليم. إلا أن الهجرة قد تترك أثرًا اجتماعيًا سلبيًا على أفراد الأسرة بسبب غياب أحد أفرادها. من ناحية أخرى، قد تترك الهجرة أثرًا سلبيًا على الدول المرسلة يتمثل في هجرة الأدمغة، مما يؤدي إلى فقدان الأفراد المتعلمين والخبراء.
التحديات التي تواجه المهاجرين
يواجه المهاجرون العديد من التحديات في البلد المضيف، ومن أبرزها:
- التوجه للقطاعات التي ترسخ عدم المساواة.
- عدم تغطيتهم بقوانين العمل الوطنية أحيانًا.
- العمل في ظروف عمل سيئة وبأجور منخفضة.
- السكن في مساكن غير مناسبة والحصول على رعاية صحية غير كافية.
- عدم شمولهم ضمن قانون الحماية الاجتماعية.
- التعرض للتمييز والحرمان من الخدمات الأساسية.
- عدم التمتع بحقوق وفرص متساوية.
المراجع
- “Migration Policy Debates”, www.oecd.org, 5-2014.
- BSR (10-2008), International Labor Migration: A Responsible Role for Business, Page vi.
- Mahmoud Mohieldin (1-3-2019), “Migration can support economic development if we let it. Here’s how”, www.weforum.org.
- Michelle Leighton, “Labour Migration And Inclusive Development Setting a Course for Success”, www.un.org.
- “Hiring migrants”, www.employment.govt.nz.
- “How Immigrants Benefit The Host Economy”, www.xpressmoney.com, 25-9-2019.
- “The Labour Market Effects of Immigration”, migrationobservatory.ox.ac.uk, 18-2-2020.
- “Economic Effects of Migration”, www.globalization101.org.
- Sylvie Démurger, “Migration and families left behind”, wol.iza.org.
- Michelle Leighton, “Labour Migration And Inclusive Development Setting a Course for Success”, www.un.org.