الهجرة النبوية الشريفة: حماية الرسالة وبناء الدولة الإسلامية

فصول المقال

بناء المسجد النبوي الشريف: نواة الدولة الإسلامية

بعد معاناة المسلمين في مكة المكرمة من اضطهاد قريش، أصبحت الهجرة إلى المدينة المنورة ضرورة ملحة لحماية الدعوة الإسلامية الوليدة. وقد كان بناء المسجد النبوي من أولى الخطوات التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم عند وصوله إلى المدينة. شارك النبي، عليه الصلاة والسلام، الصحابة الكرام في إقامة المسجد، داعين الله قائلين: (اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ… فَانْصُرِ الأنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ وفي حَديثِ شيبَانَ بَدَلَ فَانْصُرْ: فَاغْفِرْ)،[١] لم يكن المسجد مجرد مكان للصلاة فحسب، بل كان مركزاً حيوياً يجمع المسلمين، يمحو الفوارق الاجتماعية، ويُرسّخ مبدأ الأخوة في الإسلام. كان المسجد محورًا للتشاور في الشؤون العامة، ومركزًا لاستقبال الوفود، ومكانًا لتخطيط الحملات العسكرية وإصدار القرارات المهمة. [٢،٣]

وحدة الأمة: الأخوة بين المهاجرين والأنصار

كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار خطوةً حاسمة في بناء مجتمعٍ إسلامي متماسك. أشرف النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه على هذه العملية، والتي أثمرت عن روابط أخوةٍ قويةٍ بين أفراد المجتمع الجديد، متجاوزةً بذلك الخلافات القبلية السابقة. وقد سادت المودة والتعاون بين المهاجرين والأنصار، معززةً مبادئ الإسلام في الرحمة والتآلف. [٤]

وثيقة المدينة: دستورٌ للعيش المشترك

أصدر النبي صلى الله عليه وسلم وثيقة المدينة، التي تُعتبر دستورًا للمجتمع المدني الجديد. حددت هذه الوثيقة حقوق وحريات جميع المواطنين، بغض النظر عن دياناتهم أو انتماءاتهم القبلية. وقد نصت على مبدأ العدل والتعاون بين أفراد الأمة الإسلامية، وكيفية حل الخلافات بصورة سلمية، مع التأكيد على معاقبة المجرمين بغض النظر عن انتماءاتهم. كانت هذه الوثيقة نموذجًا رائدًا للعيش المشترك والتعايش السلمي بين أتباع أديان مختلفة، وقد وضعت أسسًا متينة لبناء دولة قوية وعادلة. [٥،٦]

المراجع:

1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1805، صحيح.
2. صفي الرحمن المباركفوري،الرحيق المختوم، صفحة 167. بتصرّف.
3. راغب السرجاني،السيرة النبوية، صفحة 12. بتصرّف.
4. أحمد غلوش،السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 110. بتصرّف.
5. أبمحمد أبو زهرة،خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 499. بتصرّف.
6. أبمحمد أبو زهرة،خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 500. بتصرّف.