النِقاب: مفهومه وحكمه الشرعي وأدلته

تعريف النِقاب في اللغة والاصطلاح، وبيان الحكم الشرعي لارتدائه في الإسلام، واستعراض الأدلة الشرعية من القرآن والسنة التي تدعم هذا الحكم.

فهرس المحتويات

توضيح معنى النِقاب

النِقاب في اللغة، كما ذكر ابن منظور: “القِناع على مارِنِ الأَنْفِ، والجمع نُقُبٌ، وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ، وانْتَقَبَتْ، وإِنها لَحَسَنة النِّقْبة، بالكسر”. وهو يعتبر زينة للمرأة المسلمة، يضيف إليها وقارًا وحياءً، ويعينها على الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي.

وفي الاصطلاح، عرفه الحافظ ابن حجر بأنه: “الخمارُ: الذي يُشدُّ على الأنف، أو تحت المحاجر”. بينما قال السندي: “والنقابُ معروف للنساء، لا يبدو منه إلا العينان”. والنِقاب يختلف عن اللثام الذي يغطي الفم فقط، وعن البرقع الذي لا يخفي معالم الوجه بالكامل.

الرأي الشرعي في ارتداء النِقاب

توجد تفصيلات فقهية متعلقة بحكم ارتداء النِقاب للمرأة المسلمة، تتوقف على طبيعة المكان والظروف المحيطة، والأحوال السائدة في المجتمع. وتختلف الآراء بين الوجوب والاستحباب والإباحة تبعًا لتلك الظروف.

نظرة الإسلام إلى النِقاب

يمكن استخلاص نظرة الإسلام إلى النِقاب من خلال بعض النصوص الشرعية:

قال الله -عز وجل-:(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ). هذه الآية الكريمة تأمر المؤمنات بعدم إظهار زينتهن إلا ما ظهر منها، مما يستدعي التمييز بين الزينة الجائزة للمحارم والزوج، والزينة غير الجائزة أمام الأجانب.

يذكر المفسرون أن سبب نزول هذه الآية يتعلق بأسماء بنت مرشدة، حيث كانت النساء يدخلن عليها بغير تستر كامل، فتبدو أجزاء من أجسادهن، فأنزل الله هذه الآية.

وفي حديث ميمونة أنها كانت بحضرته -صلى الله عليه وسلم-، فأقبل عليهم ابن أم مكتوم، فأمرهم -صلى الله عليه وسلم- بالحجاب بقوله:(احْتَجِبَا مِنْهُ)، فقد كان أعمى لا يبصر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(أو عميا وإن أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ). فالاحتجاب فيه حصانة للقلب وقطع لدابر الفتنة. وقد كانت نساء العرب في الجاهلية يجرجرن ثيابهن ولا يظهر منهن إلا ما لا يمكن إخفاؤه.

وقال -تعالى-:(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ). يرى بعض العلماء في هذه الآية دلالة على وجوب تغطية المرأة لوجهها.

كما ورد في حديث جابر بن عبد الله قال:(جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم العيد وقال: يا معشر النساء! تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار)، فقامت امرأة سفعاء الخدين وقالت: لم يا رسول الله؟ إلى آخر الحديث”. وصف المرأة بأنها “سفعاء الخدين” يشير إلى أنها كانت كاشفة لوجهها، وإلا لما أمكن لجابر وصفها. ويستدل البعض بحديث أبي الفضل عن امرأة جاءت تسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت وضيئة الوجه، فنظر إليها أبو الفضل ونظرت إليه، ثم لوي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنق أبي الفضل، فيعيد ينظر فيلوي، قال:(رأيت شاباً وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما).

وبناءً على هذه الأدلة، يرى بعض العلماء أن النِقاب مستحب، بينما يجيز آخرون كشف الوجه.

النِقاب للمرأة المسلمة في الإحرام والصلاة

حكم ارتداء النِقاب في الإحرام

يحظر الإسلام على المرأة ارتداء النِقاب أثناء الإحرام، كما جاء في صحيح البخاري:(لا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْن).

حكم ارتداء النِقاب في الصلاة

يرى جمهور العلماء أن ارتداء النِقاب في الصلاة مكروه، وهو رأي المذهب المالكي في الصلاة وغيرها. بينما يرى الحنفية كراهته في الصلاة تحديدًا، لأنه يشبه فعل المجوس في عبادتهم للنار.

يتضح أن موقف الإسلام من ارتداء النِقاب يراعي مختلف الظروف والأحوال. فإذا كان كشف الوجه يثير الفتنة، وجب ستره. ويحرم النِقاب في الصلاة والإحرام، ويُباح أو يجب بشروط في غير ذلك. فالإسلام دين يسر لا عسر.

المصادر والمراجع

  • سعيد بن وهف القحطاني ،إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، صفحة 14.
  • سعيد بن وهف القحطاني ،إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، صفحة 16.
  • سورة النور، آية:31
  • ابن كثير،تفسير ابن كثير ط العلمية، صفحة 41. بتصرّف.
  • سورة الأحزاب، آية:53
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1462، صحيح.
  • أبي إسحق الحويني،دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني، صفحة 14.
  • أبي إسحق الحويني ،دروس للشيخ أبي إسحق الحويني، صفحة 14. بتصرّف.
  • رواه الألباني، في جلباب المرأة، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:62، إسناده جيد.
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  • مالك بن أنس ،كتاب موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني، صفحة 146.
  • محموعة من المؤلفين،كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 136. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الآراء الفقهية الأربعة في غطاء الوجه (النقاب)

المقال التالي

آراء العلماء حول الاسترخاء بعد صلاة العصر

مقالات مشابهة