النهوض بالمنظومة التعليمية في مصر

دراسة شاملة حول سبل الارتقاء بمستوى التعليم في مصر، مع التركيز على تحديث المناهج، وتطوير أساليب التدريس، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل.

مقدمة

لقد أولى الإسلام اهتمامًا بالغًا بالعلم، وجعله فريضة على كل مسلم. فالعلم ليس مجرد وسيلة للمعرفة، بل هو عبادة تقود إلى الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له طريقا إلى الجنة”. لذا، فإن تشجيع العلم والمعرفة يجب أن يكون هدفًا أساسيًا للمجتمع، لما له من أثر إيجابي على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة. وفي هذا الإطار، نسعى إلى تقديم رؤية شاملة لتطوير التعليم في مصر.

جعل التعليم متوافقًا مع احتياجات المناطق

يُقترح أن يتم تصميم المناهج الدراسية بحيث تكون شبه إقليمية، أي أن تتناسب مع احتياجات كل إقليم من أقاليم مصر بصورة مباشرة أو غير مباشرة. يمكن تحقيق ذلك من خلال توجيه المناهج الموحدة لتكون أكثر تركيزًا على الاحتياجات الخاصة لكل إقليم، مع مراعاة المواد الخام المتوفرة، والصناعات السائدة، والاستعداد الذهني والنفسي لأبناء هذه المناطق.

تحسين وضع المدارس الحالية تدريجيًا

يمكن البدء في تطوير التعليم من خلال محاولة تحسين أوضاع المدارس تدريجيًا، وذلك من خلال خطة خمسية تتزامن مع تطوير المناهج. ويمكن استغلال الفترة الانتقالية الناتجة عن عودة السنة السادسة من التعليم الأساسي لإتمام المرحلة الأخيرة من التطوير.

ربط التعليم الأساسي بالتعليم الثانوي الفني

يُقترح تطوير مرحلة التعليم الأساسي وربطها بالتعليم الثانوي المهني من خلال مادة المجال الصناعي. يمكن زيادة حصص هذه المادة وتنويع أنشطتها، وجعل هذه الأنشطة محددة لنوع التعليم الثانوي المهني الذي سيلتحق به الطالب بعد المرحلة الإعدادية.

دراسة متأنية من قبل المختصين

يجب تكليف المختصين بدراسة الأمر دراسة متأنية، على أن يشارك في هذه الدراسة أساتذة الجامعات، والموجهون في التعليم، والمدرسون الذين يتعاملون مباشرة مع العملية التعليمية، بالإضافة إلى استشارة بعض الطلاب الخريجين ورجال الأعمال والصناعة. حيث أن لرجال الأعمال دورًا كبيرًا في تدريب الطلاب أثناء دراستهم من خلال توفير أماكن لهم في المصانع والشركات المختلفة، لكي يكون الدارس على احتكاك كامل بآليات السوق قبل تخرجه ومبنيًا على أساس علمي سليم. يجب أن يكون هذا التدريب في صورة ساعات معتمدة أسبوعية.

الكتاب المدرسي

يجب أن يصبح الكتاب المدرسي عهدة يتسلمها الطالب ويحافظ عليها ويردها العام التالي ليتسلمها طالب آخر. على أن يحدد عمر الكتاب بعدد من السنوات يتراوح بين 3 و 5 سنوات، مما يعطي الفرصة اللازمة لتطوير أسلوب طباعة وتغليف وعرض المحتوى في الكتاب المدرسي، وجعله جذابًا للدارسين مع تزويده بالوسائل الملونة وإصدار قرص مضغوط (CD) مع كل كتاب دراسي يشتريه الطالب بسعر التكلفة أو بربح بسيط يساعد العائد منه على الإسهام في مشروعات تكنولوجيا التعليم. يجب أن يدفع الطالب الذي يتلف كتابه قدرًا تأمينيًا على الكتاب التالف. في البداية قد تكون هذه الفكرة صعبة التطبيق، ولكن بعد 3 أو 4 سنوات ستصبح نمطًا في حياتنا في مصر. وإذا لم تتم هذه الفكرة، فعلينا أن نحول الكتاب المدرسي إلى مرجع يحتفظ به الطالب في مكتبته بدلاً من بيعه لغرض تغليف المأكولات، وذلك بتطوير الغلاف والصور التوضيحية وإخراج الأسئلة من الكتاب وطبعها في كتيبات صغيرة خاصة بها ودمج بعض المناهج للصفوف الدراسية.

الزي المدرسي

يجب وضع مجموعة من التصميمات الموحدة للزي المدرسي بحيث تكون جميلة ووقورة لتناسب الموقف التعليمي وللحد من ظاهرة كرنفالات الألوان والأزياء داخل المدارس والجامعات، وحفاظًا على مشاعر الطلاب الفقراء وعدم دفعهم للانحراف والعنف بسبب الغيرة التي قد تنشأ من عدم قدرتهم على شراء الملابس الغالية التي يرتديها زملائهم الميسورين. يجب أن يصنع هذا الزي بمعرفة كل محافظة طبقًا لمجموعة التصميمات والألوان التي حددتها الوزارة لكل محافظة، وتقوم المحافظة بتصنيع الأزياء المدرسية من خلال أصحاب المشروعات الصناعية الصغيرة وليس الشركات والمصانع الكبيرة. ويوزع الزي على الطلاب بسعر التكلفة من خلال المجمعات بالمحافظة وبالتقسيط لغير القادرين والأيتام.

زي المعلم

يجب الاهتمام بمراقبة أزياء المعلمين وتحديد معايير وضوابط لزي المعلم داخل المدرسة، وأن يعود المعلم إلى البدلة والكرافات وأن تعود المعلمة إلى التايير الأنيق المحتشم حرصًا على صورة المعلم ووقاره أمام تلاميذه.

كتاب المعلم

إصدار كتاب للمعلم يكون مطبوعًا خصيصًا له يحتوي على كافة الوسائل والوسائط المساعدة التي يمكن أن تتوافر في المدرسة من CD أو أقراص أو شرائح أو أشرطة فيديو ويوضع في المعمل الخاص بكل تخصص أو في المكتبة المدرسية.

إنشاء هيئة عليا للتعليم والثقافة والإعلام

يجب إنشاء هيئة خاصة تسمى مثلاً (بالهيئة العليا للتعليم والثقافة والإعلام) تتكون من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة، ووزارة الإعلام والشباب والرياضة، ويرأسها مثلاً نائبًا لرئيس الوزراء، تكون مسئولة عن تجويد التعليم ومناهجه وأساليب عرض هذه المناهج طبقًا لاحتياجات الأمة. هذه الهيئة لها وظائف أخرى يحددها رجال الدولة المختصون. ويُقترح من خلالها أن يتم ربط جميع المكتبات العامة والعلمية والثقافية والمدرسية بمنظومة إلكترونية وإصدار كارنيه يبيح لكل طالب الاستعارة من أي مكتبة في أي مكان طالما ليس مستعيراً من مكتبة أخرى، وتشجيع الطلاب على دخول المكتبة من خلال طلب بحوث دراسية منهم وتعليم الطلاب كيف يتم توثيق المعلومة البحثية من خلال حصة المكتبة.

إتاحة الكمبيوتر لكل التخصصات

يجب إتاحة الكمبيوتر بصورة تخصصية لكل التخصصات مع توفير معمل علمي لكل تخصص يوجد بها كل الأجهزة الحديثة أو الممكن الحصول عليها أو نماذج تساهم في وصول المعلومة بأسرع وسيلة للطالب.

الكمبيوتر كوسيلة وليس كغاية

يجب التأكيد على مبدأ أن الكمبيوتر ما هو إلا وسيلة في كل تخصص للمساهمة في تطوير هذا التخصص، وإلا أصبح الكمبيوتر بذاته غاية لأن الاهتمام به يهمل باقي جوانب التنمية التكنولوجية في العملية التعليمية.

معامل كمبيوتر خاصة داخل المدارس

يجب توفير معمل كمبيوتر خاص يقوم بإنشائه القطاع الخاص أو شباب الخريجين – صندوق التنمية… إلخ. داخل كل مدرسة حسب مواصفات تضعها الوزارة مع تحصيل رسوم مقابل حق الانتفاع للمكان منه لكي يستخدم لدورات الكمبيوتر بصفة خاصة مع جعل عدد من الساعات لاستخدام الإنترنت بعد انتهاء ساعات الدراسة مع رقابة من الوزارة عليه ودون المشاركة في أرباحه طوال مدة العقد التي تجدد كل 3 سنوات.

تنمية المهارات الابتكارية للطلاب

يجب الاهتمام بتنمية المهارات الابتكارية والإبداعية والأفكار الخاصة بالطلاب الموهوبين ومحاولة دراستها من خلال إنشاء معمل للابتكارات بكل مدرسة للمساعدة على تنمية وتوجيه هذه الابتكارات ومحاولة الاستفادة منها ومعرفة مدى ملاءمتها للتطبيق … وإنشاء منهج دراسي للابتكار يخصص له حصص أسبوعية مثلاً يكون عبارة عن بحث + مشروع لابتكار شخصي للطالب في مجال تخصصه أو في أي مجال آخر، ويعرض الفائز من هذه الابتكارات في معرض دولي.

دمج سنوات الدراسة للموهوبين

فتح المجال أمام الموهوبين لإجراء اختبارات تؤهلهم لدمج سنوات الدراسة على أن يقيس ذلك الاختبار بعناية كفاءة المتقدم للامتحان، وخوفًا من أي تلاعب يكون هذا الاختبار على مستوى عالٍ وغير محدد ويكون الترشيح الأولى له من قبل المدرسة مع اختبارات الوزارة.

الاهتمام باللغات

يجب الاهتمام باللغات وإنشاء فروع من أنواع المدارس الجديدة المهنية المقترحة لغات تجريبية لاستقبال طلاب التعليم الأساسي اللغات التجريبي. مع إدخال لغات جديدة مثل الصينية واليابانية والألمانية والعبرية في تخصصات معينة توائم الدول المتقدمة في المجالات المختلفة.

إنشاء هيئة للترجمة

يجب إنشاء هيئة للترجمة تقوم بجمع كتب العلوم الحديثة والهندسة من شتى دول العالم المتقدم وترجمتها مثلما حدث في عصر البطالمة والعصر العباسي وعصر محمد علي، ولا تكون الترجمة قاصرة على كتب الفلسفة والسياسة والقصص الأدبية.

استحداث مناهج بيئية

يجب استحداث مناهج بيئية تعلم الطلاب أهمية المحافظة على نظافة المدرسة والفصل والمكتب والأرضية وسلامة الأساس المدرسي مع ربط ذلك بتدريس العلاقة بين مصروفات الدولة والإنفاق والضرائب المتحصلة من مرتبات ومشاريع أولياء أمورهم والعائد الاقتصادي الذي يعود على الدولة والشعب عند المحافظة على المدرسة مع إدخال مناهج الأمن البيئي لكل مهنة مماثلة لمناهج الأمن الصناعي وإعادة تدوير المخلفات.

البعثات العلمية

إذا كانت البعثات العلمية للدول الأوروبية وأمريكا قد تجتذب بعض الحاصلين على المنح للاستمرار في هذه الدول نظرًا لما يوجد بها من عوامل الجذب في كافة النواحي، وبالتالي تفقد البعثة الهدف منها، فيجب ألا توجه البعثات في دول بعينها وخصوصًا أوروبا وأمريكا، ولكن تكون في شتى الدول والمجالات لجمع أكبر قدر من المعلومات وأن يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الشباب والمعلمين وأن تساهم جميع الهيئات والوزارات في تكلفة هذه البعثات.

قناة تلفزيونية للتكنولوجيا

يجب إنشاء قناة تلفزيونية للتكنولوجيا تقوم ببث برامج تكنولوجية مترجمة لأخر الابتكارات والاختراعات في كل المجالات النافعة في الصناعة على ألا تحتاج إلى طبق للاستقبال وتحرير القنوات التعليمية.

صندوق للتأمين والإسكان الطلابي

يجب إنشاء صندوق إسكاني تأميني للطلاب بالاشتراك بين وزارة التعليم، وزارة الإسكان ووزارة التأمينات يدفع فيه كل الطلاب قسط شهريًا أو سنويًا اختياري ومتنوع لأساليب التسديد وعلى مدار سنوات التعليم يصبح له بمقتضاه مقدم شقة عند التخرج أو مبلغ يساعد على بدء حياته العملية مع تميز شقق خريجي الجامعات عن شقق الحاصلين على مؤهلات متوسطة داخليًا وليس خارجيًا بسبب زيادة السنوات التي حصلت من الطالب أثناء دراسته الجامعية.

أوقاف التعليم

يجب التشجيع على إنشاء أوقاف وتبرعات للتعليم كصدقة جارية بأسلوب مطمئن لأصحاب هذه الأوقاف يجعل بعض الأغنياء يساهمون في الصرف على التعليم ومشروعات التعليم والطلاب الفقراء.

الرقابة والمتابعة

يجب ابتكار جهاز رقابي جديد لمراقبة نظم التعليم مع وجود مراقبة سرية داخلية بكل مدرسة للوقوف على المعلومات والمشاكل في صورتها الحقيقية ولا يكون له أي سلطات تأديبية بل يكون حياديًا وموضوعيًا ليس هدفه صنع المشكلات وزيادة تفاقمها بل البحث عن حلول إيجابية لها. يقوم بإعداد تقارير غير رسمية تقدم إلى الجهات الرقابية بدون أسماء للتحقيق فيها ومحاولة حلها.

إحياء الهيئة العربية للتصنيع

يجب إحياء الهيئة العربية للتصنيع (بميزانيات مشتركة من الدول العربية) بمحاولة استقطاب بعض الدول العربية الغنية المؤيدة لها دولة بعد الأخرى حتى تشعر الدول الرافضة لهذا المشروع أنها لا بد أن ترتبط بهذه المنظومة ودمج جميع مراكز براءات الاختراع لهذه الهيئة حيث تقوم الهيئة بتبني المبتكرين والمخترعين واختيار الصالح من ابتكاراتهم وتطويره ثم تصنيعه بإنتاج كمي مع ربط الهيئة بالمدارس المهنية في الدول العربية.

تدريب الطلاب في المصانع

يمكن أن تقوم وزارة الصناعة وجهات التراخيص الخاصة بإصدار تراخيص للمصانع أو حتى الورش الصغيرة بوضع شرط بأن يقوم هذا المصنع باستقبال طلاب المدارس المهنية الصناعية حسب تخصصاتهم والتوزيع الجغرافي لسكن الطلاب وأن يتقدم صاحب الورشة أو المصنع كل عام لتجديد رخصة ومعه أوراق تثبت تدريبه لعدد من طلاب الأقسام الصناعية بالمدارس.

خدمة عامة لخريجي الثانوية الفنية

يجب إنشاء خدمة عامة في المصانع والشركات لخريجي الثانوية المهنية الذين لم يوفقوا بالحصول على مجموع لدخول الكليات في خلال المدة بين التخرج والتجنيد على أن تكون هذه الخدمة العامة في مجال تخصص الخريج.

ربط فترة التجنيد بالمؤهل الدراسي

بما أننا في حالة سلام فيمكن جعل فترة من مدة التجنيد مرتبطة بالمؤهل الدراسي حيث يتم إلحاق المجندين من أصحاب المؤهلات بمصانع تنشئها القوات المسلحة لهذا الغرض فيحصل كل مجند وليس بعضهم إلى جانب التدريب العسكري على تدريب عملي خاص بمؤهله.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تحسين العملية التعليمية: رؤى وأساليب مبتكرة

المقال التالي

تعزيز القدرات الذاتية وأهميته

مقالات مشابهة

دور المرأة في العمل: أهمية، فوائد، وتحديات

تُناقش هذه المقالة أهمية عمل المرأة في المجتمع، بدءًا من تعريفه وصولًا إلى فوائده وكيفية تحفيزه. كما تتضمن نبذة تاريخية عن عمل المرأة، وتسلط الضوء على الدوافع وراء عمل المرأة في المجتمع.
إقرأ المزيد