النظرة الشرعية لكتمان العلم وأثره

نظرة الإسلام إلى منع نشر المعرفة. مفاهيم العلم في الشريعة. مصادر تحصيل العلم. أهمية العلم وفضله في الدين الإسلامي.

الرأي الشرعي في إخفاء العلم

لقد حرم الإسلام إخفاء العلم عن الراغبين فيه والساعين لطلبه، وقد أنذر الله تعالى في القرآن الكريم أولئك الذين يحتكرون العلم ويمنعونه عن الآخرين، بل وأبعدهم عن رحمته، كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [البقرة: 159].

لكن إذا تاب هؤلاء الأشخاص ونشروا العلم، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر لهم ذنوبهم ويتجاوز عنهم.

من الأمور الهامة التي يجب على المسلم أن يعيها هي أن الوعيد الشديد لا يشمل من يخفي أسرار عمله أو المؤسسة التي يعمل بها، لأنه في هذه الحالة يعتبر مؤتمنًا على هذه الأسرار، وقد يكون أقسم على حفظها وعدم إفشائها. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (مَن سُئِلَ عن عِلمٍ فَكَتمَهُ أَلجمَهُ اللَّهُ بلِجامٍ مِن نارٍ يومَ القِيامَةِ) [أبو داود].

الهدف من الآية الكريمة والحديث الشريف هو التحذير من منع الأحكام الشرعية والأمور التي يحتاجها الناس في حياتهم، ويؤكد ذلك سبب نزول الآية الكريمة، حيث ورد أن بعض الصحابة سألوا علماء اليهود عن بعض الأمور التي وردت في التوراة، فكتموا ذلك عنهم ولم يخبروهم.

مفهوم المعرفة في الشريعة الإسلامية

المعرفة في الإسلام تشمل جميع جوانب الحياة، سواء كانت دنيوية أو أخروية. فهي تشمل علوم مثل الجبر والهندسة والكيمياء والاجتماع والتربية وعلم الوراثة وعلوم الفضاء والفنون والآداب، بالإضافة إلى العلوم الدينية مثل علوم القرآن الكريم والشريعة والفقه وعلوم الحديث وعلوم اللغة العربية وغيرها.

إن الإسلام لا يقتصر على العلوم الدينية فقط، بل يشجع على تعلم جميع العلوم التي تفيد الإنسان في حياته الدنيا والآخرة.

مصادر تحصيل المعرفة في الإسلام

للمعرفة في الإسلام مصدران رئيسيان هما:

  1. الوحي من الله تعالى: وهو يتعلق بأمور محددة في الحياة الدنيا، مثل الدعوة إلى الله والطاعات والعبادات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  2. العلم المكتسب: وهو يختص بأمور حياة الناس وحل مشاكلهم، ويشمل العلوم الدينية والدنيوية.

كلا المصدرين يكملان بعضهما البعض، ويساهمان في بناء مجتمع إسلامي متكامل.

أهمية العلم ومكانته في الإسلام

حث الإسلام على طلب العلم، وأظهر اهتمامًا كبيرًا بالعلماء والمتعلمين. يتجلى ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأول ما نزل من القرآن الكريم هو قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1].

الإسلام يميز بين المتعلمين وغير المتعلمين، ويرفع درجات أهل العلم في الدنيا والآخرة، ويعتبر العلماء ورثة الأنبياء في نشر العلم والهداية.

وقد فضل الرسول صلى الله عليه وسلم مجالس العلم على مجالس الذكر، وورد عنه قوله: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ) [مسلم].

كما أمرنا الإسلام بالجد والاجتهاد في طلب العلم، وأن نبذل كل ما هو نفيس في سبيله. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانة العلماء تعلو على مكانة العابدين، كما يعلو القمر في ليلة البدر على سائر الكواكب.

المصادر

  • سورة البقرة، الآية 159
  • أبو داود، سنن أبي داود، عن أبي هريرة
  • سورة العلق، الآية 1
  • مسلم، صحيح مسلم، عن أبي هريرة
Total
0
Shares
المقال السابق

دروس وعبر من أقوال ابن القيم

المقال التالي

دروس وعبر من أحمد الشقيري

مقالات مشابهة