النشأة التاريخية لإدارة رأس المال البشري

استعراض النشأة التاريخية لإدارة رأس المال البشري وتطوراتها في القرن العشرين، وأثرها على المؤسسات. تغطية مهام إدارة الموارد البشرية، من التوظيف إلى تطوير بيئة العمل.

مقدمة

شهدت إدارة رأس المال البشري تحولات جذرية عبر التاريخ، بدءًا من مجرد قسم يعنى بتعيين الموظفين إلى وظيفة استراتيجية تساهم في تحقيق أهداف المنظمة. لم يكن دور الإدارة في الماضي يتجاوز اختيار الأفراد، دون الاهتمام بالصلة بين عمليات التوظيف والأداء العام للمؤسسة. كما أن التوظيف لم يكن يعتمد على أسس ومعايير واضحة. ولكن مع اشتداد المنافسة نتيجة للعولمة والتقدم التكنولوجي، أصبحت الإدارة بحاجة إلى تخطيط استراتيجي يعتمد على موظفين يتمتعون بمؤهلات عالية وقدرات متميزة. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تطوير أساليب إدارة الموظفين، وبرز ما يعرف اليوم بـ “إدارة الموارد البشرية”.

التحولات التاريخية في إدارة الموارد البشرية

يمكن اعتبار نهاية القرن التاسع عشر بداية ظهور إدارة الموارد البشرية، حيث بدأت مطالبات بحماية حقوق المرأة العاملة نتيجة للظروف الصناعية الصعبة، وبرزت النقابات والحركات العمالية. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مبادرات من أصحاب العمل لتحسين الصناعة وزيادة الإنتاج، مع إهمال الجوانب المعنوية للعاملين، وخاصة النساء والأطفال. فيما يلي نظرة على التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية:

تطورات القرن العشرين

أحدثت الحرب العالمية الأولى تغييرات سريعة في تطوير إدارة شؤون الموظفين، حيث تم تجنيد أعداد كبيرة من النساء لسد النقص في القوى العاملة.

  • أدى تجنيد النساء إلى اتفاقات مع النقابات العمالية لتقليل توظيف النساء غير المؤهلات في الوظائف الحرفية، مع التأكيد على تطوير مستويات التوظيف.
  • في العشرينات من القرن الماضي، ظهرت وظيفة “مدير العمل” أو “مدير التوظيف” في المصانع الكبيرة، خاصة في القطاعات الهندسية والصناعية الأخرى.
  • تولى مدير العمل مسؤولية إدارة توظيف الموظفين، ومتابعة عمليات الفصل والمكافآت، بالإضافة إلى إدارة الغياب.
  • شهدت هذه الفترة مفاوضات مكثفة بين اتحادات أرباب العمل والنقابات حول معدلات الأجور، مما أدى إلى نزاعات متكررة.
  • في الثلاثينات، ومع انتعاش الاقتصاد، سعت الشركات الكبيرة في القطاعات الجديدة إلى تحسين المزايا الوظيفية لجذب الموظفين المهرة والاحتفاظ بهم.
  • خلال الحرب العالمية الثانية، توفرت فرص عمل كبيرة في المؤسسات المنتجة للأدوات والمواد الحربية، مما أدى إلى تحسين أوضاع العاملين فيها.
  • ركزت الحكومات على تطوير إدارة شؤون الموظفين لتحقيق كفاءة أكبر في الإنتاج.

آثار تطور الموارد البشرية

نتج عن التطورات في إدارة الموارد البشرية ما يلي:

  • في عام 1945، تم دمج إدارة التوظيف والعمل الاجتماعي تحت مسمى “إدارة شؤون الموظفين”.
  • أظهرت الحرب وجود علاقة وثيقة بين كفاءة الإنتاج وسياسات التوظيف المتبعة.
  • في الستينيات والسبعينيات، بدأت عمليات التوظيف تتطور بالاعتماد على النظريات الاجتماعية المتعلقة بالتحفيز والسلوك التنظيمي.
  • خلال السبعينيات، ظهرت تخصصات في علم الاجتماع تركز على تطوير مفهوم المكافأة والموارد كقضايا مستقلة.
  • في منتصف الثمانينيات، ظهر مصطلح “إدارة الموارد البشرية” وأثار اهتمامًا كبيرًا، حيث أكد على أن الموظفين هم جزء أساسي من أصول الشركة.

مسؤوليات إدارة الموارد البشرية

تلعب إدارة الموارد البشرية دورًا حيويًا في عملية التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة. فهي تقوم بتنفيذ هذه الاستراتيجيات من خلال توفير الكفاءات البشرية القادرة على تنفيذها، والتأكد من كفاءة أدائها. ولتحقيق هذه المهمة، تتولى الإدارة مجموعة من المهام:

استقطاب وتعيين الكفاءات الجديدة

يُعد التوظيف أحد أهم مهام إدارة الموارد البشرية، وهو عملية معقدة تتطلب تخطيطًا دقيقًا واستخدام أدوات تقييم فعالة لضمان اختيار أفضل المرشحين.

تنمية قدرات الموظفين وتطويرهم

من واجبات إدارة الموارد البشرية تحديد مواهب الموظفين وإمكاناتهم، وتوفير برامج التدريب المناسبة لتطوير مهاراتهم، بالإضافة إلى تحديد احتياجاتهم التدريبية بدقة، والسماح لهم بالمشاركة في اتخاذ القرارات.

متابعة وتقييم أداء الموظفين

يقوم المسؤولون في إدارة الموارد البشرية بمتابعة أداء الموظفين وتحليله، وتقديم الملاحظات والتوجيهات اللازمة، بالإضافة إلى وضع أهداف واضحة وقابلة للتحقق على المدى الطويل والقصير، وتحديد معايير النجاح. كما تضع الإدارة إطارًا للتقييم المستمر لأداء الموظفين بهدف زيادة فاعلية الأداء، وتشرف على الترقيات والمكافآت.

تعزيز وتحسين التواصل

تسعى إدارة الموارد البشرية إلى بناء علاقات جيدة بين الموظفين والإدارة من خلال تسهيل عملية التواصل لتحقيق أهداف الشركة بفاعلية. هذا يؤدي إلى توفير بيئة عمل محفزة للإبداع، والحد من النزاعات الداخلية. كما تشرف الإدارة على الاتجاه العام للعمل، وتقييم مدى تحسن الأداء لتطوير الاستراتيجيات المناسبة.

بناء ثقافة تنظيمية فعالة

تقع مسؤولية إدارة الثقافة التنظيمية على عاتق إدارة الموارد البشرية، نظرًا لتأثيرها الكبير على نجاح الشركة، وزيادة ولاء الموظفين. وتقوم الإدارة بتنفيذ الاستراتيجية الثقافية والتأكد من تطبيقها بفعالية.

توفير بيئة عمل آمنة

توفر إدارة الموارد البشرية أدوات السلامة العامة الجسدية والنفسية للموظفين، وتضمن بيئة عمل عادلة من خلال منح فرص متساوية للجميع. تساهم الإدارة في تعزيز بيئة عمل شاملة لزيادة رضا الموظفين وتعزيز أداء الشركة، وتضع إجراءات للتوظيف أو الترقية، وتسعى إلى تحقيق التنوع في الخبرات والمؤهلات والقدرات.

المراجع

  1. “The roles and responsibilities of HR managers and directors”,Test Gorilla, 1/1/2022, Retrieved 7/2/2022.
  2. “The History of Human Resource Management (HRM)”,consensushr, 1/1/2021, Retrieved 7/2/2022.
Total
0
Shares
المقال السابق

التحصينات أثناء فترة الحمل: دليل شامل

المقال التالي

رحلة في تاريخ أزياء العروض المسرحية

مقالات مشابهة