محتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
تحذير النبي من سوء الظن | تحذير النبي من سوء الظن |
الشيطان ووساوسه | الشيطان ووساوسه |
الظاهر والباطن: حكمنا على الأمور | الظاهر والباطن: حكمنا على الأمور |
تحذير النبي من سوء الظن
يحثّنا الإسلام على بناء جسور التآلف والوئام بين أفراد المجتمع، وينهى عن كل ما يُثير الفرقة والكراهية. ومن أهم هذه النواهي: النهي عن سوء الظن. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه-: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ). [١]
هذا الحديث الشريف يُبرز خطورة الظنون، وهي تلك الاتهامات التي تُطلق في القلب دون دليل، أو التحدث بما لم يتيقّن به الإنسان من أخبار. [٢] فقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الكذب غالباً ما يتجلى في الظنون أكثر من وقوعه في الأقوال، وذلك لأن الشيطان يُلقِي في نفس الإنسان وساوسه لتشويه صورة الآخرين. وعلى المسلم أن يكون حكيماً، حذراً من الوقوع في فخّ الشكوك والظنون، مع ضرورة التحلي بالفطنة وعدم الانخداع بسهولة.
الشيطان ووساوسه
روى علي بن الحسين بن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أتَتْهُ صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ معهَا، فَمَرَّ به رَجُلَانِ مِنَ الأنْصَارِ فَدَعَاهُمَا، فَقالَ: إنَّما هي صَفِيَّةُ، قالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، قالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ). [٣]
يُظهر هذا الحديث أن على المسلم أن يتحلى بحسن الظن تجاه إخوانه المسلمين، حتى وإن رأى ما يُثير الشكوك والريبة. فقد رأى رجلان من الأنصار النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجته صفية بنت حيّي -رضي الله عنها-، فأسرعا ظنّاً منهما بسوء، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أزال الشكوك من قلوبهما وأوضح الأمر، مُبيناً أن الشيطان يُوسوس للإنسان في كل وقت، وأن الظنّ قد يُقود إلى سوء الفهم والاتهام الباطل. هذه الموقف يُظهر رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحلمه في إزالة الشكوك وإصلاح المفاهيم الخاطئة.
الظاهر والباطن: حكمنا على الأمور
يروى عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أنه قال:(بَعَثَنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، ولَحِقْتُ أنَا ورَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ رَجُلًا منهمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَكَفَّ الأنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ برُمْحِي حتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقَالَ: يا أُسَامَةُ، أقَتَلْتَهُ بَعْدَ ما قَالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قُلتُ: كانَ مُتَعَوِّذًا، فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا، حتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّي لَمْ أكُنْ أسْلَمْتُ قَبْلَ ذلكَ اليَومِ).[٥]
هذا الحديث يُبرز أهمية الاعتماد على ظواهر الأمور في أحكامنا، وأن السرائر والنوايا بيد الله وحده. يُحذّرنا الحديث من الحكم على القلوب والنيات دون دليلٍ واضح. فقد ندم أسامة -رضي الله عنه- على قتله للرجل بعد شهادة الإسلام، مُبيّناً خطورة الظنّ وعدم التدقيق في الحكم على الأمور. يُعلّمنا الحديث أن نقتصر على ما يظهر لنا من الأفعال والأقوال، وأن نتوخى الحذر من إصدار الأحكام المبنية على الظنون والشبهات.