المنظور الوظيفي البنيوي عند بارسونز: تحليل شامل

استكشاف النظرية الوظيفية البنيوية لتالكوت بارسونز، بما في ذلك الأنساق الفرعية الاجتماعية وعرض موجز لحياته وأعماله.

مفهوم الوظيفية البنيوية

تعتبر الوظيفية البنيوية منهجًا نظريًا يسعى إلى فهم الدور الذي يلعبه كل جزء من أجزاء الثقافة في دعم وتماسك بنية المجتمع. يقوم هذا المنهج على أساس أن الأفراد والثقافة يعملون بشكل متكامل للحفاظ على استقرار المجتمع. بمعنى آخر، يفترض أن لكل فرد أو مجموعة دورًا محددًا أو وظيفة معينة يؤديها للمساهمة في بناء المجتمع واستمراره، ومن هنا جاءت تسمية “الوظيفية البنيوية”.

يرى بارسونز أن المجتمع يمثل كيانًا متكاملًا، بناءً شاملاً يتكون من شبكة علاقات مترابطة وثابتة نسبيًا بين الأفراد. وينظر أتباع هذا الاتجاه، وعلى رأسهم بارسونز، إلى المجتمع على أنه نظام اجتماعي متماسك داخليًا، حيث يؤدي كل جزء أو مكون وظيفة محددة. وأي اضطراب أو تغيير في وظيفة أي من هذه المكونات يؤثر حتمًا على بقية أجزاء النظام.

ومن الجدير بالذكر أن ظهور الوظيفية البنيوية جاء كرد فعل على الاتجاه التجريبي السائد في علم الاجتماع الغربي، وسعت من خلال أطروحاتها وأفكارها إلى معارضة الفكر الماركسي وعزل المجتمع عن سياقه التاريخي.

تقسيمات الأنظمة الاجتماعية الفرعية عند بارسونز

يقسم بارسونز الأنظمة الفرعية للمجتمع إلى عدة أقسام رئيسية، وهي:

  • النظام الفرعي البيولوجي: يختص هذا الفرع بتهيئة الفرد وتأهيله للتعامل الفعال مع الواقع المحيط به.
  • النظام الفرعي النفسي: يركز هذا الفرع على مراقبة سلوك الفرد وتقييم قدرته على تحقيق أهدافه وطموحاته.
  • النظام الفرعي الاجتماعي: يهتم هذا الفرع بدمج الفرد في المجتمع وتفاعله الإيجابي مع الأفراد والجماعات الأخرى.
  • النظام الفرعي الثقافي: يختص هذا الفرع بالحفاظ على ثقافة المجتمع وقيمه ومعتقداته ومعاييره المتوارثة عبر الأجيال.

لمحة عن حياة تالكوت بارسونز

تالكوت بارسونز، الذي ولد في عام 1902 في الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبر أحد أبرز علماء الاجتماع في القرن العشرين. اشتهر بنظريته في الفعل الاجتماعي التي تركز على الوظيفية البنيوية. يعود إليه الفضل في تقديم أعمال ماكس فيبر وفيلفريدو باريتو إلى علم الاجتماع الأمريكي، والتي كان لها تأثير كبير على تطوير نظريته في العمل الاجتماعي.

أمضى بارسونز حياته المهنية والأكاديمية بأكملها، التي امتدت لحوالي 32 عامًا، في جامعة هارفارد، حيث أسس قسم العلاقات الاجتماعية.

على الرغم من أن بارسونز بدأ حياته المهنية كعالم وظيفي بنيوي، إلا أنه نشر في نهاية حياته مقالًا ذكر فيه أن الوظيفية البنيوية لم تكن الطريقة الصحيحة لوصف نظريته. وبدءًا من أوائل السبعينيات، تعرض لانتقادات من علماء الاجتماع الآخرين الذين شعروا أن معظم نظرياته كانت محافظة للغاية ومعقدة بشكل غير ضروري.

المراجع

  • Jessica Whittemore (2021),”Structural Functionalism and the Works of Talcott Parsons”,study.com, Retrieved 2022. Edited.
  • Department of Sociology and Anthropology UMD (2006),”Sociological Theory”,d.umn, Retrieved 2022.
  • حميدشة نبيل (2010)،البنائية الوظيفية و دراسة الواقع و المكانة(الطبعة 1)، الجزائر – سكيكدة:مجلة البحوث و الدراسات الإنسانية، صفحة 9، جزء 1. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أفكار ونظريات علم الاجتماع الحديث

المقال التالي

فهم النظرية البنائية لجان بياجيه وتطبيقاتها التربوية

مقالات مشابهة

التحويل بين التقويم الميلادي والهجري: طرق وأدوات

تعرف على كيفية التحويل بين التقويم الميلادي والتقويم الهجري بطرق مختلفة، بما في ذلك البرامج الحسابية والحساب اليدوي. اكتشف الفروق بين التقويمين واستخدم الأدوات المناسبة لتحويل التواريخ بدقة.
إقرأ المزيد